حتى ولو تم قصف غزة بالقنبلة النووية، مثلما طالب الوزير في دولة الكيان الصهيوني عميحاي إلياهو، ما الذي سيتغير بالأساس على صعيد الموقف والفعل الدولي والعربي، أو على صعيد محنة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟
عملياً، غزة قصفت بما يعادل مرتين القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما، والثالثة تتشكل في مجمل الخراب الذي تحدثه إسرائيل على مدار ما تبقى من الحرب الدامية، تحت بند غربي يتيح لإسرائيل حقا في الدفاع عن نفسها.
وتحت نفس البند يمكن لإسرائيل أن تفعل ما تريد، سواء بقنبلة نووية أو غيرها. والموقف الغربي المخزي والمعتقل داخل السردية الصهيونية، لن يتطور إلى أكثر من نقاش حول إدخال الأكفان والمساعدات إلى قطاع غزة، أو هدنة إنسانية تسمح لسكان غزة بتلقين الشهادة لبعضهم وأطفالهم، أو اختيار الأمكنة التي يموتون فيها. أما الموقف العربي المخجل فلم يتطور إلى أكثر من تنديد، بل إن الأنظمة العربية تحضّر على أقل من مهلها للقمة العربية الطارئة المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.نقطة
الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشركائه الدوليين في الجريمة الإنسانية، مع "وزير القنبلة النووية"، أن نتنياهو يريد قتل الفلسطينيين بالتجزئة، بينما يريد إلياهو قتلهم مرة واحدة. لقد ظهر أن الرجل الصهيوني يفكر في "اقتصاد القتل" أفضل من نتنياهو.
في الحرب على غزة، تبحث أنظمة عربية بعينها، وبما فيها السلطة الفلسطينية نفسها، في أي من الفرص الممكنة عما يصب في صالح رصيدها، أموالاً ومصالح ونفوذا، إسقاط ديون أو تثبيتا في الحكم، وعما يمكن مقايضته من مواقف وخيارات مقابل ذلك، بل إنها تتطلع أكثر من الإسرائيلي نفسه للحظة القضاء على المقاومة، هيكلاً ومشروعاً، للتفرغ لاستكمال مسار السلام المزعوم والتطبيع الفاسد سياسياً والساقط أخلاقياً.
وخلف الحرب على غزة "اقتصاد القتل" متكامل البنى، وسلاسل إنتاج مترابطة تشتغل على تصريف إنتاجها، ترتبط مداخيلها بحسب ما يراق من الدم والوقت، تبدأ من صنّاع القنابل والذخيرة وتنتهي عند الصحافة التي تركب على ظهر الدبابة، أضيفت إليهم هذه المرة "وحدة احتياط" عربية من الكتاب والنخب الرخوة التي استنبطت في مستنقع التطبيع وبلغت حد إدانة الضحية الفلسطيني لرفضه محاورة الاحتلال، أو ما وصفه غسان كنفاني بـ"الحديث بين السيف والعنق"، وإدانة المقاومة لأنها تتطلع إلى التحرير.