غروسي في طهران... ما علاقة الزيارة بالمفاوضات مع أميركا؟

17 ابريل 2025
غروسي في طهران، 14 نوفمبر 2024 (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- زيارة غروسي لطهران تهدف إلى إعداد تقرير شامل حول الأنشطة النووية الإيرانية ومناقشة وثيقة تعاون تم الاتفاق عليها في مارس 2023، وسط خلافات حول موقعين مشتبه بهما.
- يواجه التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية تحديات تتعلق بالتحقق من سلمية البرنامج النووي الإيراني، مع ضغوط من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وتبقى الخلافات قائمة حول الموقعين المشتبه بهما.
- التعاون المستقبلي بين إيران والوكالة قد يؤسس لتعاون جديد، لكن حل القضايا يعتمد على نتائج المفاوضات مع الولايات المتحدة، مع إمكانية الاتفاق على آلية للحل في المستقبل.

حلّ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي ضيفاً على طهران مرة أخرى، قبل ثلاثة أيام من الجولة الثانية من المفاوضات الإيرانية الأميركية في سلطنة عمان، وسط استمرار الخلافات المستمرة بين طهران و"الذرية الدولية" بشأن عدة قضايا، ما يثير الفضول والتساؤل حول إمكانية حل هذه الخلافات بما ينسحب إيجاباً على المفاوضات التي همشت الإدارة الأميركية منها الشركاء الأوروبيين الثلاثة، فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وهي الدول المشاركة في الاتفاق النووي المترنح مع إيران عام 2015، فضلاً عن مدى استعداد الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتعاطي إيجاباً مع أي "اختراق" محتمل بين طهران و"الذرية الدولية" في ظل عدائه المستمر للمنظمات الدولية ورغبته في الإمساك بمفاتيح الحل وحده. ومن المقرر أن يلتقي غروسي في طهران مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي ووزير الخارجية عباس عراقجي. وأعلنت الخارجية الإيرانية أن زيارة مدير "الذرية الدولية" تأتي استمراراً للتعاون الثنائي بين طهران والوكالة.

وحذّر غروسي، في مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية نشرت، أمس، قبل ساعات من زيارته طهران، من أن إيران "ليست بعيدة" عن تطوير قنبلة نووية. وقال "إنها أشبه بأحجية، لديهم القطع، وقد يتمكنون يوماً ما من تجميعها. لكنهم ليسوا بعيدين، علينا أن نقر بذلك". وأضاف "لا يكفي القول للمجتمع الدولي لا نملك أسلحة نووية ليصدّق. يجب أن نكون قادرين على التحقق من ذلك". وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أجرى، مطلع الشهر الجاري، مباحثات هاتفية مع عراقجي حول آخر تطورات التعاون الثنائي بين الوكالة الدولية وطهران بشأن زيارة مرتقبة لغروسي إلى طهران. وكان غروسي قد زار إيران خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد سلسلة زيارات "فاشلة" خلال السنوات الماضية.

وجود غروسي في طهران له علاقة بأمرين

ويقول الخبير الإيراني في الملف النووي هادي خسروشاهين لـ"العربي الجديد" إن وجود غروسي في طهران له علاقة بأمرين، الأول هو إعداد تقرير شامل حول الأنشطة النووية الإيرانية، كلّف مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المدير العام للوكالة بإنجازه حتى مارس/آذار الماضي في قراره ضد إيران الصادر خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، "لكن غروسي أجل ذلك، ويحتمل أن تُمدّد المدة إلى يونيو/حزيران المقبل"، مشيراً إلى أن العنوان الثاني لوجود غروسي في طهران يرتبط بوثيقة تعاون اتفقت عليه إيران و"الذرية الدولية" خلال مارس 2023.

هادي خسروشاهين: غروسي رأى ضرورة في القيام بهذه الزيارة قبل إعداد تقريره الشامل

ويضيف خسروشاهين أن غروسي رأى ضرورة في القيام بهذه الزيارة قبل إعداد تقريره الشامل، ولبحث وثيقة التعاون التي لم تنفذ، مشيراً إلى أن مدير "الذرية الدولية" وطهران وجدا أن "الظروف مناسبة للزيارة مع بدء المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة"، لافتاً إلى أن طهران أيضاً ربما ترغب في إزالة الغموض بشأن القضايا الخلافية المتبقية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول موقعين "بعد مزاعم بشأن العثور على جزيئات اليورانيوم" فيهما.

ويتوقع الخبير الإيراني أن تتخذ طهران مع الوكالة "إجراءات في مجال التحقق"، تهدف إلى تأكيد غروسي سلمية برنامج إيران النووي، لافتاً إلى أن هذه الخطوات المحتملة ترمي إلى "سحب الذرائع" من الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، فضلاً عن أمل بـ"تأثيرها الإيجابي على أجواء المفاوضات" مع أميركا. ولدى طهران، حسب خسروشاهين، انطباع بأن تشكيل ملف حول الموقعين المشتبه بهما في مجلس محافظي الوكالة "له دوافع سياسية"، مضيفاً أن غروسي نفسه أكد صحة هذا الانطباع بالقول إن قضايا الوكالة الخلافية مع طهران، وكذلك الملف النووي الإيراني بشكل عام، "لها أبعاد مختلفة لن تحل إلا باتفاق سياسي".

ويوضح خسروشاهين أن وجود غروسي في طهران ربما يؤسس لتعاون جديد بين الطرفين، "لكن لا يمكن حالياً تصور آفاق واضحة ومحددة لها، ولا يمكن التوقع بأن تحل جميع القضايا بين طهران والوكالة في غضون أسابيع قليلة"، مؤكداً أن مصير كل هذه القضايا "رهن" بنتيجة المفاوضات بين إيران وأميركا، وما لم تصل هذه المفاوضات إلى نتيجة محددة، يستبعد الوصول إلى حل مع "الذرية الدولية".

سحب الذرائع من أوروبا

من جهته، يقول الخبير الإيراني حسن بهشتي بور، لـ"العربي الجديد"، إنه ليس واضحاً ما إذا كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المنقلب على الأطر والمنظمات الدولية والعلاقات مع حلفاء أميركا (الأوروبيين)، يهمه كثيراً ما يمكن أن تتوصل إليه إيران و"الذرية الدولية"، لكنه يؤكد، في الوقت نفسه، أن من شأن أي تفاهم بين الطرفين أن يسحب الذرائع من الجانب الأوروبي، مشيراً إلى أن بريطانيا وألمانيا وفرنسا "تناور حالياً" حول أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الموقعين المشتبه بممارسة أنشطة نووية فيهما، فحل هذه القضية "يؤسس لبداية جديدة في التعاون بين طهران والوكالة".

حسن بهشتي بور: الخلاف بشأن الموقعين قابل للحل في فضاء مهني

وتدور الخلافات الأساسية بين إيران والوكالة الدولية بشأن موقعين اثنين مشتبه بممارسة أنشطة نووية فيهما غير معلنة، من أصل أربعة، قالت طهران خلال سبتمبر/أيلول الماضي إنها تقلصت إلى موقعين، فضلاً عن طلب الوكالة منها زيادة عمليات التفتيش والشفافية وتركيب المزيد من كاميرات المراقبة في ظل تقدم كبير شهده البرنامج النووي الإيراني منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي عام 2018.

ويضيف بهشتي بور أن أهم خلاف بين الطرفين يتمثل في بقاء سؤالين عالقين بشأن الموقعين حول أسباب وجود جزيئات اليورانيوم المخصب بنسبة 5% وأنشطة نووية فيهما، قائلاً إن الحكومة الإيرانية قدمت إجاباتها عليهما، لكن الوكالة الدولية تقول إنها "غير مقنعة"، وتطالب بـ"إجابات أكثر دقة"، ما أشعل سجالاً بين الطرفين بشأن الدوافع إن كانت سياسية أو حقوقية وتقنية. ويرى بهشتي بور أن هذا الخلاف "قابل للحل في فضاء مهني، لكنني استبعد أن يصلوا إلى حل خلال وجود غروسي في طهران رغم أنني لا استبعد أيضاً الاتفاق على آلية وإطار للحل"، مضيفاً أن الخلافات بين الجانبين تتجاوز قضية الموقعين إلى مطالبة الوكالة بتمكينها من مزيد من أنشطة التفتيش والتحقق، ما تربطه طهران بعودة الأطراف الأخرى للاتفاق النووي.

ويوضح الخبير الإيراني، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية يجرى على أساس معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات الملحق بها، مضيفاً أن عمليات التفتيش للوكالة في إيران حالياً تجرى وفق تعهدات طهران حسب هذه المعاهدة والاتفاق، "والتقارير والمعلومات الدقيقة التي يقدمها غروسي لمجلس المحافظين حول أنشطة إيران النووية تبنى على هذه التفتيشات المستمرة". ويؤكد بهشتي بور أن إيران تربط المزيد من الرقابة على برنامجها النووي حسب الاتفاق النووي عام 2015 بتنفيذ بقية الأطراف أيضاً تعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق في ما يتصل برفع العقوبات.