عون ينذر الحريري والأخير يلوح بانتخابات رئاسية مبكرة

عون والحريري يرفعان حدة المواجهة: بين الاعتذار عن التكليف الحكومي والانتخابات الرئاسية المبكرة

17 مارس 2021
عون: الحريري تقدم بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني (حسين بيضون)
+ الخط -

رمى الرئيس اللبناني، ميشال عون، مساء اليوم الأربعاء، الكرة في ملعب رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، واضعاً إيّاه ضمن خيارْين، إما التأليف الفوري للحكومة أو الاعتذار.

ووجّه الرئيس عون، في كلمةٍ مقتضبة إلى اللبنانيين لم تتجاوز الخمس دقائق، الدعوة للحريري بالتوجه إلى قصر بعبدا مقرّ رئاسة الجمهورية "من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجّج أو تأخير".

وقال عون "في حال وجد رئيس الحكومة المكلف نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف".

 واعتبر عون أن الحريري "تقدّم بعناوين مسوّدة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل"، داعياً الرئيس المكلّف إلى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين، "حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علّنا ننقذ لبنان".

اعتبر عون أن الحريري "تقدّم بعناوين مسوّدة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل"

وشدد على أنه "لا فائدة من كلّ المناصب وتقاذف المسؤوليّات إن انهار الوطن وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، حيث لا مفرّ له سوى الغضب، وعلى أن كل شيء يهون أمام معاناة الشعب التي بلغت مستويات لا قدرة له على تحملها".

وكرّر الرئيس ميشال عون خطاب المؤامرة والحرب المعلنة عليه لإسقاطه، مشيراً إلى أنّه "سلك درب المساءلة الوعرة في ظلّ نظام تجذّر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، وارتفعت أمامه كلّ المتاريس"، وخاطب اللبنانيين بالقول: "أنتم تعرفون أنّي ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعاً عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم".

الحريري يرد ببيان "حاد النبرة"

وردّ الرئيس المكلف سعد الحريري على الرئيس عون في بيان "حاد النبرة" خيّره فيه بدوره بين توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، أو إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة.

وقال الحريري "بعد أسابيع عديدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع بإعادة إعمار ما دمره انفجار المرفأ في بيروت، منتظراً اتصالاً هاتفياً من الرئيس عون ليناقشني في التشكيلة المقترحة لإصدار مراسيم الحكومة الجديدة... تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعاً، بالرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من أجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال عون".

وأضاف، "وبما أنني قد زرت الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه عون، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فإني أجيبه بالطريقة نفسها: إنني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشر فوراً إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة".

وتابع "أما في حال وجد الرئيس عون نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون عليه أن يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن إفساح مجال الخلاص أمام المواطنين، وأن يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة أعوام، تماماً كما اختاروني رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر".

وتؤكد أوساط الحريري، في كلّ مناسبة، أنّ الرئيس المكلف لن يعتذر أو يتراجع، ويريد تشكيل حكومة من اختصاصيين مؤلفة من 18 وزيراً لا ثلث معطلاً فيها لأي فريق سياسي أو حزب، تعمل انطلاقاً من المبادرة الفرنسية وبرنامج إصلاحي ينهض بالبلد اقتصادياً.

 

وكلف الرئيس ميشال عون الحريري تشكيل الحكومة انطلاقاً من الاستشارات النيابية الملزمة التي أجريت بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في قصر بعبدا، ورغم الأجواء الإيجابية التي سادت اللقاءات الأولى بعد التكليف والتفاؤل بسرعة تشكيل الحكومة لعدم خسارة المبادرة الفرنسية، ونظراً لخطورة الوضع الراهن والتداعيات السلبية للتأخير سياسياً، وأمنياً ونقدياً ومعيشياً، خصوصاً في ظلّ وجود حكومة تصريف أعمال منذ أكثر من سبعة أشهر بعد استقالتها إبّان انفجار مرفأ بيروت؛ ظهرت العراقيل وتقلّبت الأحوال فدخل الملف في جمود طويل وانقطاع تام بين الرئيسين عون والحريري وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بالتعطيل واحتجاز التشكيلة الوزارية.

وسبق الحريري إلى مهمة تشكيل الحكومة السفير اللبناني لدى ألمانيا مصطفى أديب الذي كلف في 31 أغسطس/ آب الماضي، قبل أن يعتذر بعد أقلّ من شهرٍ نتيجة غياب التوافق السياسي واعتماد الممارسات نفسها من جانب الأحزاب التقليدية ومنطق المحاصصة وتقاسم المقاعد الوزارية، طائفياً وحزبياً، فيما كان يطمح إلى تشكيل حكومة انطلاقاً من المبادرة الفرنسية لناحية الاختصاص والاستقلالية والكفاءة.

ويتهم فريق تيار المستقبل، الذي يرأسه الحريري، رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بأنه "رئيس الظل" في لبنان، والذي يقف وراء مواقف عون وتصرفاته وكل القرارات التي تصدر عن قصر بعبدا، محملاً إيّاه مسؤولية التعطيل والمماطلة بهدف كسب المقاعد الوزارية وتعزيز وجوده في مراكز الدولة.

لا تزال التحركات في الشارع اللبناني مستمرّة احتجاجاً على ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء

ولا تزال التحركات في الشارع اللبناني مستمرّة احتجاجاً على ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء الذي شهد مساء اليوم انخفاضاً طفيفاً بحوالي ألف ليرة لبنانية، بعدما تخطى أمس الثلاثاء الـ15 ألف ليرة لبنانية.

وقطع محتجون يرفعون شعار سقوط المنظومة السياسية الحاكمة عدداً من الطرقات في مناطق لبنانية شمالية وجنوبية وبقاعية وفي بيروت وجبل لبنان بالإطارات المشتعلة والمستوعبات، استنكاراً للفوضى الحاصلة نقدياً وتدهور قيمة العملة الوطنية بأكثر من تسعين في المائة، في ظلّ تدني القدرة الشرائية وتضخّم الأسعار، وهو ما دفع محال تجارية وغذائية للإقفال نتيجة الشحّ في البضائع وعدم قدرتهم على تسعير السلع نظراً للتغييرات السريعة في سعر الصرف.

وعمدت محطات المحروقات، اليوم، إلى رفع خراطيمها والإقفال في ظلّ عدم صدور تسعيرة رسمية صباحاً لأسعار البنزين والمازوت التي تشهد أسبوعياً ارتفاعاً غير مسبوق تخطى الأربعاء الـ3000 ليرة لبنانية، أي حوالي دولارين وفق سعر الصرف الرسمي. وقد عزا هؤلاء أسباب الارتفاع بشكل أساسي إلى القفزة الكبيرة في سعر صرف الدولار وزيادة أسعار النفط عالمياً.

كذلك، نظمت مسيرة باتجاه قصر بعبدا الجمهوري اعتراضاً على تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية واستمرار الجمود في الملف الحكومي المحتجز عند الرئيسين عون والمكلف سعد الحريري.

والتقى اليوم الأربعاء وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وتم البحث في المواضيع المالية والنقدية كافة. وقال سلامة بعد اللقاء إنه عرض ووزني بعض الاقتراحات التي سيقوم بدرسها كما سيدرسها المجلس المركزي في مصرف لبنان خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية وهي من شأنها أن تؤدي إلى انخفاض سعر صرف الدولار، لكنه لم يكشف تفاصيل المقترحات.

وباءت جميع المحاولات السابقة بلجم الارتفاع بالفشل، منها توقيف صرافين غير مرخصين وحجب بعض المنصات التي تتلاعب بسعر الصرف، إذ كانت الاجتماعات فارغة المضمون واقتصرت على عرض المشكلة من دون أي حلول عملية سريعة تقارب أساس الأزمة.