عون عشية ذكرى انفجار بيروت: الحقيقة ستظهر وليذهب القضاء إلى النهاية

عون عشية ذكرى انفجار بيروت: الحقيقة ستظهر وليذهب القضاء إلى النهاية

03 اغسطس 2021
عون: ستنهض بيروت من جديد (الأناضول)
+ الخط -

توجَّه الرئيس اللبناني ميشال عون، مساء الثلاثاء، برسالة متلفزة إلى اللبنانيين عشية ذكرى انفجار بيروت، أكد فيها أن "الحقيقة ستظهر وسينال كلّ مذنب جزاءه، وستنهض بيروت من جديد".

ويُتهم الرئيس اللبناني بتورطه بانفجار مرفأ بيروت إلى جانب قادة سياسيين أمنيين وعسكريين، آخره ما صدر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، التي قالت إنه كان على علم بوجود نترات الأمونيوم منذ 21 يوليو/تموز 2020 على الأقل، بيد أن القضاء لم يستمع إليه حتى تاريخه، كما لم يوقف أياً من كبار المسؤولين بعد مرور سنة على التفجير.

وقال عون: "في الرابع من آب من العام الماضي، تمزق وجه بيروت وتمزقت قلوب كثيرة، وفقدت أرواح بريئة ما كان يجب أن تسقط لولا تراكم الإهمال، وتضافر مسؤوليات الكثيرين على مر السنين وعلى مختلف المستويات، الذين كان بإمكانهم اتخاذ إجراءات عملية لإزالة خطر المواد التي أدت إلى هذه الكارثة".

وأضاف: "نعم للتحقيق النزيه والجريء وصولاً إلى المحاكمات العادلة، نعم للقضاء القوي، الذي لا يتراجع أمام صاحب سلطة مهما علا شأنه، ولا يهاب الحصانات والحمايات، من أجل تحقيق العدل، ومحاسبة المتسببين بهذا الانفجار، فليذهب القضاء إلى النهاية في التحقيق والمحاكمات بانفجار المرفأ، وأنا معه، وإلى جانبه، حتى انجلاء الحقائق وتحقيق العدالة".

وأشار عون إلى أنه "عندما يضع رئيس الدولة نفسه بتصرف القضاء لسماع إفادته، فلا عذر لأحد بأن يمنح نفسه أي حصانة، أو يتسلح بأي حجة، قانونية كانت أم سياسية، كي لا يوفّر للتحقيق كل المعلومات المطلوبة لمساعدته في الوصول إلى مبتغاه".

ورأى أن "التحدي الذي يواجهه المحقق العدلي، ومعه القضاء لاحقاً، هو كَشف الحقيقة وإجراء المحاكمة وإصدار الحُكم العادل في فترة زمنية مقبولة، لأن العدالة المتأخرة ليست بعدالة".

وأضاف الرئيس اللبناني "ما حصل في السنتين الأخيرتين، من انهيار اقتصادي ومالي مع كل انعكاساته الحياتية والمعيشية والنفسية والأمنية، يكاد يؤشر لانهيار الدولة اللبنانية بكل مقوماتها ومؤسساتها ودورها ووجودها، وقد عمَّق انفجار الرابع من آب هذا الإحساس، وزاده مرارة وألماً".

وتوجه عون إلى اللبنانيين بالقول: "أعرف أن انتظاركم طال لحكومةٍ جديدة، واليوم لدينا الفرصة لذلك، مع تكليف رئيس جديد لتشكيلها، وأنا أبذل كل جهد، يداً بيد مع الرئيس المكلف، ووفقاً لمقتضيات الدستور، إلى تذليل كل العراقيل في وجه تشكيل حكومة إنقاذية، قادرة بخبرات أعضائها وكفاءَاتهم ونزاهتهم أن تنفّذ برنامج الإصلاحات المطلوبة والمعروفة".

ولم يسرِ اللقاء الأخير يوم الاثنين بين عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي على خيرٍ، بل غطى السواد الأجواء الحكومية بعدما رُحّل التشكيل إلى ما بعد الرابع من أغسطس/آب، على أن يلتقي الرئيسان من جديد يوم الخميس المقبل، في حين أن صراع الأحزاب التقليدية على الوزارات السيادية، ولا سيما "الداخلية"، لا يزال مستمراً.

وعشية الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت والتحضيرات الجارية للتحركات الشعبية، عُلِّقَت صور كبار المسؤولين السياسيين اللبنانيين في شوارع العاصمة، من بينهم رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ورئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري، ووزير الداخلية محمد فهمي، والمدعى عليهم في الملف والمطلوب الإذن بملاحقتهم، وهو ما لم يحصل حتى اليوم.

وحملت الصور عبارة "مجرم"، بما يرمز إلى تورّطِ المنظومة الحاكمة في انفجار مرفأ بيروت لعلمها بوجود مواد خطرة جداً في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت، من دون أن تحرك أي ساكنٍ لإبعاد الخطر المدمر والقاتل للعاصمة وأهلها.

وانطلقت بعض التحركات والمسيرات اليوم في عددٍ من المناطق اللبنانية جنوباً وشمالاً وفي العاصمة، للمطالبة بالعدالة والحقيقة وإسقاط جميع الحصانات، ورفض التدخلات السياسية بعمل القضاء والمحقق العدلي القاضي طارق البيطار.

وتوالت مواقف المسؤولين في لبنان يوم الثلاثاء استنكاراً لجريمة افتعلتها أيديهم، أبرزها مطالبة دياب، المدعى عليه والمتمرّد على القضاء، بـ"العدالة والحقيقة والمساءلة"، عدا عما طرحه من علامات استفهامٍ عدة ربطاً بالانفجار ومسار شحنة نترات الأمونيوم، وغاب عن بيانه مصارحة الرأي العام اللبناني بهوية المتّصل الذي نصحه بتأجيل زيارته لمرفأ بيروت قبل أيام على وقوع المجزرة.

كذلك، قال رئيس البرلمان نبيه بري (مدعى على مقربين منه وضمن حزبه بالملف): "العدالة ليست عريضة أو عراضة، العدالة استحقاق يومي تتكرس باستقلالية القضاء وتطبيق الدستور والقانون والسمو بقضية الشهداء ودمائهم فوق أي اعتبار، فلا حصانة ولا حماية ولا غطاء إلا للشهداء وللقانون والدستور حتى انقطاع النفس".

ولم يغب "حزب الله" عن "المشهد السياسي التضامني"، وهو الذي تُوجَّه إليه اتهامات بتورطه في انفجار مرفأ بيروت وتخزين نترات الأمونيوم ربطاً بالحرب التي يشارك فيها إلى جانب نظام بشار الأسد، خصوصاً أنه المسيطر على المرفأ وغيرها من المرافق والمعابر.

"حزب الله"، الذي سبق أن شنّ أمينه العام هجوماً على المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، ينأى بنفسه عن المسؤولية ويضع الاتهامات بدائرة الاستهداف السياسي، خصوصاً الخارجي، وطالب، في بيان له اليوم، الجهات القضائية المعنية بأن "تتعامل مع هذه المسألة الوطنية الكبرى بما يستحق من العناية والجدية والمسؤولية بعيداً عن الاستنساب والضغوط والمصالح".

من جهته، قال الحريري: "للعدالة قاعدتان، لجنة تحقيق دولية تضع يدها على الملف وساحة الجريمة، أو تعليق القيود التي ينص عليها الدستور والقوانين وما ينشأ عنها من محاكم خاصة تتوزع الصلاحية والأحكام في الجريمة الواحدة".

وأشار الحريري إلى أن "التاريخ يقول أن معظم الجرائم التي أُحيلت على المجلس العدلي ذهبت أدراج الرياح السياسية، وجريمة المرفأ هي أم الجرائم في تاريخ لبنان، والظلم سيقع على كل اللبنانيين وأهالي الضحايا في مقدمتهم، إذا ضاعت في بحر المزايدات لقاء حفنة من جوائز الترضية القضائية لتنفيس الغضب العام".

وجال الحريري في سبتمبر/أيلول 2019 على مرفأ بيروت (كان رئيس حكومة في ظل وجود نترات الأمونيوم المخزنة منذ عام 2013)، وصرّح من هناك: "أردت أن آتي لكي أرى بأم العين ما الذي يحصل في المرفأ"، بيد أنه لم يكتشف وقتها أن هناك 2750 طناً من المواد المتفجرة قد تدمّر المدينة بأكملها.

وتقدم الحريري، عقب اعتذاره عن عدم تشكيل الحكومة، باقتراح قانون يقضي بـ"تعليق كل المواد الدستورية التي تعطي حصانة أو أصول خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وللقضاة والموظفين والمحامين"، في خطوة وُضعت في إطار معركته مع الرئيس عون، وكونها إحدى المناورات الاحتيالية التي يلجأ إليها السياسيون للإفلات من العقاب.

المساهمون