عودة ويتكوف إلى المنطقة تؤكد المخاوف من هشاشة اتفاق غزة
استمع إلى الملخص
- الاتفاق الذي أوقف الحرب في غزة يُعتبر "إنجازًا" مؤقتًا، لكنه يواجه انتقادات بسبب محدوديته وغياب المشاركة الفلسطينية، مما يثير الشكوك حول تنفيذ المرحلة الثانية في ظل تراجع ضغوط ترامب واستمرار العنف.
- التحديات تتفاقم مع انشغال ترامب بملفات دولية أخرى، مما يعيق متابعته للاتفاق، ويخلق واقعًا جديدًا يفرض على الأطراف التعايش معه، بينما الوضع في غزة لم يُحسم بعد.
تظهر عودة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى المنطقة غدًا الأحد في محاولة لاحتواء التأزيم، أن الحديث عن تحقيق "إنجاز الحل" المنشود في غزة لا يزال سابقًا لأوانه، وتؤكد، في الوقت ذاته، وجاهة المخاوف، لدى أوساط أميركية، من غياب تماسك الاتفاق وغموض آليات تنفيذه.
المعلن أن مهمة ويتكوف تتعلق بالخطوات الجارية لتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، لكن عودته إلى المنطقة قبل مرور أسبوع على توقيع شرم الشيخ، لا يمكن فصلها عن تزايد التوتر وارتفاع وتيرة التهديدات الإسرائيلية والتي دفعت الرئيس دونالد ترامب إلى التدخل الخميس عبر اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتخفيف نبرة الوعيد بسبب "تأخر حماس" في تسليمها المتبقي من رفات الأسرى. وثمة تلميح بأنه طلب من إسرائيل عدم اتخاذ أي إجراء قد يؤدي إلى كسر وقف إطلاق النار. وعلى هذه الخلفية تقررت زيارة ويتكوف.
لا جدال أن وقف النار والإفراج عن الأسرى "إنجاز" باعتراف سائر الأطراف المعنية. على الأقل أوقف حتى الآن، حرب الإبادة، لكنه ليس الحلّ. ربما "هدنة" مفتوحة، أو "استراحة" كما سمّاها البعض. أو ليس غير "صدى لأوسلو" بتعبير نادر هاشمي، الأستاذ في جامعة جورج تاون، خلال مشاركته أمس الجمعة في مؤتمر "المركز العربي في واشنطن" والذي سلط الأضواء على الأعطاب العضوية في الاتفاق، من جانب محدوديته وغياب أي مشاركة فلسطينية في صياغته وطابعه "الانتدابي" على الشعب الفلسطيني.
لكن الاعتقاد العام أن الاتفاق قد يلبي متطلبات اللحظة لو اقترن وقف إطلاق النار بترجمة المتبقي من بنوده، بيد أن الشكوك تتزايد في هذا الخصوص، إذ تبدو المرحلة الثانية منه طريقها طويل في أحسن الأحوال ومرهونة إلى حدّ بعيد بمدى عزم ترامب على انتزاع موافقة إسرائيل على بنودها، ولا سيما بند حل الدولتين الذي ترتسم حوله علامة استفهام كبيرة. كلام الرئيس عن بزوغ "فجر تاريخي في الشرق الأوسط"، كان من دواعي اللحظة أكثر منه تعبير عن التزام بشروط تحقيق بزوغه.
وينعكس ذلك في تراجع ضغوطه على نتنياهو الذي ما فتئ يتمادى في افتعال ذرائع التوتير في غزة، وأيضا في الانفلات الأمني والاستيطاني في الضفة التي تتعرض إلى موجة عارمة من العنف يواكبه تخطيط "لمشروع استيطاني خطير يشق الضفة إلى قسمين شمالي وجنوبي يصبح معه من المستحيل قيام دولة فلسطينية"، كما يحذر دانيال كيرتزر، السفير الأميركي السابق في إسرائيل. ويقول المحذرون، إن المطلوب أن "يتولى الرئيس ترامب شخصياً" متابعة بنود الاتفاق، كونه "القادر الوحيد" على ضبط نتنياهو ومنعه من تفخيخ المشروع، لكن مثل هذه المتابعة قد تصبح متعذرة في قادم الأيام، إذ بدأ الملف الأوكراني يستحوذ من جديد على اهتمام البيت الأبيض، خاصة بعد أن تحدد عقد قمة بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قريبا في المجر للبحث في موضوع الحرب.
كما قد يستأثر الملف الفنزويلي باهتمام الرئيس ترامب، بعد أن بدأت حرارته بالارتفاع بصور متسارعة، وكأن هناك مواجهة محتملة بين واشنطن ونظام الرئيس نيكولاس مادورو. لكن بصرف النظر عن احتمال الانشغال بالملفين الأوكراني والفنزويلي على المدى القريب، تكمن مشكلة الاتفاق في جوانب أخرى كون الاتفاق حافلاً بالألغاز، ومقاربات الرئيس ترامب ومواقفه محكومة بالتقلب السريع وإلى حد التضارب في المضمون. ويقول أحد المحللين، إن ترامب "لا يصور الأمور كما هي، بل يرسمها بالصورة التي يريد أن يصدّقها الآخرون. وبذلك، يخلق واقعاً جديداً يفرض على الناس التعايش معه". ومن هنا، قال إن "الحرب انتهت" في حين أن وضع غزة لم يتقرر بعد.