عودة الهدوء إلى جرمانا قرب دمشق ومفاوضات لسحب السلاح وتسليم المطلوبين

02 مارس 2025
عناصر أمن في دمشق، 24 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد جرمانا هدوءًا حذرًا بعد اشتباكات أودت بحياة أفراد، مع مفاوضات لتسليم السلاح والمطلوبين في جريمة قتل عنصرين من الأمن، بمشاركة وفد من مشايخ السويداء لتهدئة الأوضاع.
- أكد ليث البلعوس أن الأحداث كانت نتيجة شجار شخصي، مشددًا على أهمية التهدئة والتنسيق مع القيادات الأمنية، ورفض أي وصاية خارجية.
- استغلت إسرائيل التوترات، مدعية حماية الدروز، ودعا الناشط هيثم الحامد إلى فرض سلطة القانون وسحب السلاح لضمان أمن المدينة.

تسود حالة من الهدوء الحذر اليوم الأحد في مدينة جرمانا بريف دمشق بعد توترات أمنية تخللها اشتباكات وسقوط قتلى وجرحى، مع استمرار المساعي لنزع فتيل الأزمة، خاصة مع دخول إسرائيل على الخط، وتهديدها بالتدخل العسكري بذريعة حماية "الدروز" في تلك المنطقة. وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن مفاوضات تجري بين وجهاء مدينة جرمانا وإدارة الأمن العام بشأن تسليم السلاح وتسليم المطلوبين في جريمة قتل عنصرين من الأمن يوم أمس وأمس الأول في المدينة، مشيرة إلى أن جهاز الأمن أعطى مهلة خمسة أيام لتسليم السلاح والمطلوبين. وكان وصل إلى جرمانا مساء أمس وفد من مشايخ محافظة السويداء للمساعدة على التهدئة في المدينة، يضم قائد حركة "رجال الكرامة" ليث البلعوس، وقائد تجمع "أحرار جبل العرب سليمان عبد الباقي".

وفي تصريحات عقب وصوله، قال البلعوس إن ما جرى في جرمانا لم يكن اشتباكاً بين قوى الأمن والمسلحين، بل شجار شخصي تطور بشكل غير متوقع، مؤكداً رفض الحركة وأهالي جرمانا لهذه الأحداث، معتبراً أن الجهود الحالية تتجه نحو التهدئة عبر التنسيق مع القيادات الأمنية والمشايخ لضمان استقرار الأوضاع. وقال البلعوس إن الحركة تعمل على وضع آليات تنسيق جديدة مع الجهات الأمنية، بما يضمن مشاركة أبناء جرمانا في حفظ أمن مدينتهم، مع السعي لاحتواء أي محاولات لزعزعة الاستقرار.

وحول التصريحات الإسرائيلية بشأن حماية الدروز في سورية، رفض البلعوس أي وصاية خارجية، مؤكداً رفض المشاريع التقسيمية. وتصاعد التوتر في المدينة اعتباراً من مساء الجمعة، بعد مقتل أحد عناصر الأمن التابعين للحكومة على يد أحد المسلحين في المدينة. وبدأ الأمر إثر شجار وقع في ساحة السيوف بين مجموعة من عائلة قبلان من جرمانا، وآخرين من خارج المدينة، ما أدى إلى إصابة أحد أفراد عائلة قبلان الذي نقل إلى مشفى المجتهد في دمشق، رفقة آخرين من أقاربه. وتحدثت مصادر متطابقة عن حدوث شجار داخل المستشفى أيضاً بين مرافقي المصاب وعناصر من الأمن العام، تطور إلى عراك بالأيدي، انتهى بتوقيف الأمن للمرافقين ونقلهم إلى قسم الشرطة في جرمانا.

ومع انتشار أخبار وشائعات بشأن هذه التطورات، وقع خلاف عند حاجز القوس، أحد مداخل جرمانا، الذي كان يقف عنده مسلحون محليون وعنصران يستقلان سيارة عسكرية، يتبعان لوزارة الدفاع السورية، أدى إلى إطلاق النار من جانب المسلحين على عنصري الأمن، فقتل أحدهما وأصيب الآخر، وجرى اعتقاله، فيما بادر مسلحون آخرون إلى محاصرة مخفر المدينة، الذي تم تفعيله حديثاً من قِبل وزارة الداخلية، وأقدموا على طرد عناصر المخفر بعد تجريدهم من أسلحتهم وشتمهم، بحسب التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية السورية.

وقال مدير مديرية أمن ريف دمشق، المقدم حسام الطحان، إن المديرية تواصل جهودها، بالتعاون مع الوجهاء في مدينة جرمانا، لملاحقة جميع المتورطين في حادثة إطلاق النار. وسارعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى محاولة استغلال هذه التطورات، حيث أعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يسرائيل كاتس، أصدرا تعليمات للجيش بحماية سكان جرمانا الواقعة على بعد نحو 3 كيلومترات من دمشق. 

 ويكرر قادة الاحتلال الإسرائيلي، خلال الفترة الماضية، تصريحات تزعم حرصهم على حماية الدروز في سورية، في محاولة لإيجاد ذريعة جديدة للتدخل في شؤونها الداخلية، بعد زوال التهديدات الإيرانية. وتقع جرمانا في الجنوب الشرقي لدمشق، وسكانها مجموعة مختلطة من الدروز وغيرهم، ولا يشكل الدروز غالبية السكان. وقد انتشرت في جرمانا خلال السنوات الماضية مجموعات مسلحة كانت تتبع ما يسمى "الدفاع الوطني" الموالي للنظام السوري، واحتفظ قسم كبير منهم بسلاحهم بعد سقوط النظام، بذريعة حماية الأمن في المدينة، محاولين الاحتماء بالمرجعية الدينية للطائفة الدرزية. 

وقال الناشط هيثم الحامد، المقيم قرب جرمانا لـ"العربي الجديد"، إن المنطقة تحولت في الفترة الماضية إلى بؤرة تجار المخدرات والعصابات، مطالباً بأن تبادر الدولة إلى فرض سلطة القانون في المدينة. وأضاف الحامد أن معظم سكان المدينة، التي تضم أكثر من نصف مليون نسمة ليسوا من طائفة واحدة، بل من جميع المحافظات السورية، غير أن المسلحين فيها، هم من طائفة واحدة، ويحتمون بالعباءة الدينية، معتبراً أنه لا ينبغي لأي منطقة أن تكون لها معاملة خاصة تختلف عن بقية المناطق، بغض النظر عن سكانها، وأنه يجب سحب السلاح من الجميع من دون استثناء، لتكون الدولة هي المسؤولة عن أمن الجميع، وليس مجموعات محلية لا يمكن ضبطها، وفق تعبيره.

المساهمون