عودة الاحتجاجات النهارية في تونس: شرعنة للتظاهر ضد الأوضاع

عودة الاحتجاجات النهارية في تونس: شرعنة للتظاهر ضد الأوضاع

20 يناير 2021
عدد من مكونات المجتمع المدني وممثلي الأحزاب والمنظمات يشاركون في الاحتجاجات (فرانس برس)
+ الخط -

عادت الاحتجاجات النهارية في تونس، أمس الثلاثاء، بعد الانتقادات التي واجهتها التحركات الليلية، والتي رافقت أغلبها عمليات نهب وسرقة، فيما بدت وتيرة الاحتجاجات الليلة أقل حدة. 

وتحت شعار "هانا جينا في النهار يا حكومة الاستعمار"، أي أننا جئنا بالنهار  و"التشغيل استحقاق يا عصابة السراق" و"شغل حرية كرامة وطنية، الشعب يريد الثورة من جديد"، انطلقت الثلاثاء، مسيرتان احتجاجيتان  بمدينتي "الرقاب" و"المكناسي" من ولاية سيدي بوزيد وسط غرب تونس. 

 وشارك في الاحتجاجات عدد من مكونات المجتمع المدني وممثلي الأحزاب والمنظمات والنقابات بالجهة للتعبير عن غضبهم من غياب التنمية وارتفاع البطالة وتعاطي الحكومات التي تتالت على البلاد مع الجهات المهمشة والفقيرة.

ودعا المحتجون إلى إيلاء الرقاب والمكناسي العناية اللازمة، وتفعيل الاتفاقات السابقة، وانتقد المحتجون بالرقاب الاعتداءات التي تعرض لها بعض المعتصمين بالجهة.

وانطلقت أمس مسيرة احتجاجية في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، نفذها عدد من الشباب وبعض السياسيين من اليسار بمشاركة عدد من عائلات "شهداء الثورة" وجرحاها وتميزت بوجود تعزيزات أمنية مكثفة.

وبالتوازي، شهدت مدينة صفاقس في نفس اليوم وقفة احتجاجية نظّمها عدد من النشطاء السياسيين ومكونات من المجتمع المدني، منددين بقمع التحركات السلمية، ومؤكدين على أنه لا مجال للتضييق على الحريات في تونس، كما طالب المحتجون بإطلاق سراح الموقوفين. 

وكان المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بسوسة جابر الغنيمي أكّد في تصريح إعلاميّ أمس القبض على 180 عنصرا تورطوا في أحداث الشغب و النهب والسرقة بينهم 15 عنصراً لا تتجاوز أعمارهم 15 عاماً.

ولكن هذا لا يعني عدم تجدد أعمال الشغب والمواجهات ليلاً بين عدد من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و30 سنة، والوحدات الأمنية بعدة أحياء بمدينة سيدي بوزيد منها حي النور الشرقي وحي النور الغربي وحي أولاد شلبي حيث عمد المحتجون إلى إشعال العجلات المطاطية وسط الطريق ورشق السيارات الأمنية بالحجارة وغلق الطرقات.

وتعرض المترو رقم 1، وتحديداً على مستوى ابن سينا بالعاصمة إلى الاعتداء بالحجارة، وذلك قبل ساعة من حظر التجول، مما أدى إلى إصابة السائق ليتم نقله إلى المستشفى للعلاج كما تعرض بلور بعض النوافذ والأبواب إلى التهشيم.

وتجددت الثلاثاء الاشتباكات الليلية بين عدد من الشباب وقوات الأمن بجهة حي التضامن من ولاية أريانة، حيث عمد عدد من الأشخاص إلى إشعال العجلات المطاطية ورشق قوات الأمن التي تدخلت لتفريق المحتجين.

وأكد المحلل السياسي، منذر بالضيافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التحركات النهارية في عدد من المحافظات كالمكناسي وصفاقس وشارع بورقيبة هي تعبير عن التضامن مع التحركات الليلية، ولكن هذا التضامن لا ينفي إدانة التخريب وعمليات العنف التي رافقت التحركات الليلية، مشيراً إلى أن هذه التحركات تريد أن تقول أنها شرعية وليست دعوات للفوضى وكأنها محاولة لتصحيح المسار الاحتجاجي الذي شوهته التحركات ليلا.

وأوضح بالضيافي أن التحركات النهارية رفعت شعارات واضحة، لافتاً إلى ضرورة التعامل معها بكل جدية فهي ليست مجرد عنف ولا يمكن شيطنتها وأنها أضفت نوعاً من الشرعية واستطاعت إحراج الحكومة، خاصة وأن أغلب الفاعلين أدانوا التحركات الليلية ودعوا المحتجين للتعبير عن مطالبهم بوجوه مكشوفة، حد قوله. 

ولفت إلى أن مساندي التحركات الليلية خرجوا بوجوه مكشوفة نهاراً، مبيناً أن التعامل لا يزال دون المطلوب وردود الأفعال غير مقنعة وخطاب رئيس الوزراء هشام المشيشي مساء اليوم الثلاثاء محاولة لمراجعة التصريح السابق والذي اعتبر فيه المحتجين مجرد مخربين ولصوص، مبيناً أنه تم التوجه نحو التهدئة، والحديث عن الاستماع للغاضبين.  

وأشار المتحدث إلى أن الأمن أثبت حرفية في التعامل مع الاحتجاجات، حتى الليلية منها، رغم أنها غير  قانونية وخرقت حظر التجول، مبيناً أن التصريحات التابعة لمسؤولين في وزارة الداخلية والنقابات الأمنية كانت هادئة. وأكد أن هذه النقطة تعتبر مضيئة رغم بعض التجاوزات الفردية، مضيفاً أن وتيرة الاحتجاجات في تراجع مستمر.

وبين أن تعامل الحكومة وخطابها للتخفيف من منسوب الاحتجاج هو الذي سيحدد انتهاء التحركات أو استمرارها، مبيناً أن الاحتجاجات لها أسبابها، وهي واقع نعيشه وكانت منتظرة منذ أشهر، إذ تم التنبيه من انفجار اجتماعي، وربما المفاجأة من درجة العنف والتخريب، ولكن الحراك الاحتجاجي كان منتظراً وجعل العديد من الخبراء السياسيين يحذرون منذ فترة من شتاء ساخن.

وقال بالضياف إنها ليست المرة الأولى التي تندلع الاحتجاجات وترافقها مظاهر للتخريب، مشيراً إلى حدوث ذلك في 2015 في فترة رئيس الحكومة الحبيب الصيد، حيث استمرت التحركات لأسبوع حينها.

وأكد أن التجربة بينت أن التعاطي مع الاحتجاجات لا يكون بشيطنتها ولا بالتعامل الأمني معها، مشيراً إلى أن ذلك سيستنزف الجهود الأمنية وأنه لابد من خطاب سياسي واتصالي متزن، خاصة وأن الاحتجاجات غير مؤطرة، وبالتالي قد يحصل الانفلات، حسب قوله.  

المساهمون