عوائق وأزمات داخلية وخارجية تحاصر إدارة بايدن

عوائق وأزمات داخلية وخارجية تحاصر إدارة بايدن

24 أكتوبر 2021
فرضت التمردات على بايدن التراجع عن حوالي نصف برنامج تجديد البنية التحتية (Getty)
+ الخط -

مع دخولها شهرها العاشر تبدو إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مطوقة أكثر فأكثر بالحواجز والعوائق التي تمنعها من المبادرة والتحرك الفعال وتأكيد الحضور، إذ ساهمت رخاوتها في تكبيل يديها وإرباك حركتها إلى درجة بلغت استخدام أعضاء في حزبها "الفيتو" ضد قراراتها ومشروعاتها.
ويتجلى ضعف الإدارة الأميركية بأوضح صورة في وضعها الداخلي المتراجع، إلا أن حالتها على صعيد السياسة الخارجية ليست أفضل. فمنذ فوضى الانسحاب من أفغانستان والإدارة تتعاطى بمزيج من التخبط والالتباس مع ملفات مهمة مثل العلاقات المتوترة مع الصين ومسألة المفاوضات مع إيران، وكذلك إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية. 
وتتفاقم مشكلة بايدن على الصعيد المحلي وتنذر بخسائر سياسية له ولحزبه على المدى القريب والبعيد، سواء في انتخابات بعض حكام الولايات أو الكونغرس التي تنظم بعد عام.
وعادة عندما تكون الأغلبية، ولو الضئيلة، في مجلسي الشيوخ والنواب من حزب الرئيس كما هي الحال الآن، تكون طريق سياسات البيت الأبيض المحلية سالكة إجمالاً في الكونغرس، إلا أن الحاصل الآن هو العكس، إذ إن عدداً من أعضاء حزبه يمارسون "الفيتو" ضده، متمردين على أجندته بحجة أنها منحازة للحزب "الاشتراكي".

وفرضت هذه التمردات على بايدن التراجع عن حوالي نصف برنامج لتجديد البنية التحتية المادية والاجتماعية، إلا أنه من غير المضمون حتى الآن تمرير النصف الآخر خلال الأسبوع المقبل، بعد تأجيل التصويت عليه مرات عديدة.
وكشف التراجع بهذا الشكل عن تصدّع في الحزب الديمقراطي وعن عجز رئاسي في احتوائه، أو على الأقل في تقليل خسائره.

إن فشل الرئيس إلى هذا الحدّ في تدبير وإدارة شأن بيته السياسي قد يجرى تفسيره في الخارج كمؤشر على وجود أعطاب في المقاربة والاستراتيجية، حسب فريق من المعنيين بالسياسة الخارجية.
ومن هنا كان مثلاً التصعيد في خطاب بكين وتعبيراته التي كان أبرزها زيادة عرض العضلات من خلال الطلعات الجوية الصينية واختراقها للمجال الجوي لتايوان، فيما ردت إدارة بايدن على هذه الرسالة الصينية بتحذيرات أقل ما يقال عنها إنها كانت مرتبكة، إذ اعتمدت في البداية على الرد الأميركي المألوف المتعلق بالتذكير "بمعارضة أي تغيير من جانب واحد في الوضع الصيني – التايواني"، مع لفت انتباه بكين إلى وجود "قانون أميركي يلزم واشنطن بدعم تايوان للدفاع عن نفسها"، إلا أن رد الأمس جاء مختلفاً بعض الشيء مع التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن تايوان في حال تعرضها لهجوم صيني.
ودفعت الضجة والاستغراب اللذان أعقبا هذا التصريح البيت البيض إلى المسارعة في إصدار تصحيح يؤكد تمسك الإدارة الأميركية بالقانون الذي ينصّ على مساعدة تايوان بالدفاع عن نفسها وليس الدفاع عنها. التعهد لم يكن زلة لسان بقدر ما كان تعبيراً عن خلط بين السياسة التقليدية المعمول بها وبين سياسة ناشئة وملتبسة تعطي الأولوية لمواجهة النفوذ الصيني الصاعد.
وفي ملف مفاوضات النووي الإيراني، أصدرت الإدارة الأميركية تصريحات تطالب بـ"عودة قريبة" إلى الطاولة مع التشديد على أن النافذة الزمنية "ليست مفتوحة بدون حدود"، إلا أنها في ذات الوقت لا تحدد أي سقف زمني، ولو تقريبياً، لهذه العودة. كذلك تتحدث عن "بدائل أخرى" في حال فشلت مساعي التفاوض. في المقابل، تشدد على أن الدبلوماسية هي الخيار المتاح وليس فقط الأفضل للحل.

يجري ذلك بالتزامن مع تسريبات ملتبسة حول رفض الإدارة الأميركية تقديم ضمان لإيران باستمرار رفع العقوبات طول فترة بايدن حتى لو عادت إلى الطاولة، فيما يأتي تمرير مثل هذه التلميحات بهدف حجب مساومات تجرى حول المقايضات وحجم وتوقيت رفع العقوبات التي يبدو أنها العقدة الأصعب، إن لم تكن الأهم.
في نفس هذا السياق من الالتباس يندرج موضوع إعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وفقاً لوعد بايدن الانتخابي، إذ لا يزال المسؤولون، خاصة في وزارة الخارجية، يكررون ذات الوعد مع التأكيد أن "الإدارة تعمل لتحقيقه وأنها جادة في ذلك".
بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت مؤخراً واشنطن وإعلان وزير خارجيته أن إسرائيل تعارض مثل هذه الخطوة، جرى التشكيك حول عزم الإدارة فتح القنصلية خارج القدس الشرقية.
وأكد المتحدث في الخارجية الأميركية نيد برايس قبل عدة أيام أن مكان القنصلية سيكون في القدس، دون أن يحدد إذا ما كانت في ذات مكانها السابق، وهنا يبدو أن التأجيل مربوط بالرفض الإسرائيلي، فيما تمعن إسرائيل في سياسة التمديد الاستيطاني والمدني كالعادة من غير موقف أميركي ذي معنى.
وحول التمدد الاستيطاني الجديد بين القدس الشرقية وبيت لحم، اكتفت الخارجية بترداد ذات الموّال المعروف. أما بالنسبة لتصنيف إسرائيل 6 منظمات حقوقية مدنية فلسطينية "إرهابية"، فلم تذهب الخارجية إلى أبعد من القول إن إسرائيل "لم تبلغنا مسبقاً" مع مطالبة عامة وخجولة بوجوب "احترام الإنسان والمجتمع المدني"، ووعد برايس بمفاتحة إسرائيل بالأمر.
وعاد برايس الجمعة بذات الرد وبما يشير إلى عدم حصول أي مفاتحة حول الأمر. فيما أعرب نواب ديمقراطيون في مجلس النواب عن إدانة خطوة إسرائيل. ويبدو أن الإدارة الأميركية لا تقوى على مثل هذا الموقف وكأن إسرائيل "فيتو" على سياستها الفلسطينية.

المساهمون