عن سورية وبعض "أنانية فلسطينية"

23 سبتمبر 2022   |  آخر تحديث: 01:00 (توقيت القدس)
خلال تظاهرة بشمال سورية تضامناً مع القدس وغزة، مايو 2021 (رامي السيد/Getty)
+ الخط -

ربما لا خلاف حول مكانة فلسطين لدى الشارع العربي، حتى في ذروة الذهاب إلى التطبيع. رغم ذلك، ثمة حالات عربية تستدعي وقفة فلسطينية صريحة مع الذات حول بعض السياسات التي تناقض شعارات "نصرة المظلوم"، والمثيرة لغطاً وسجالاً لا تستحقه فلسطين. وشئنا أم أبينا، تُولد بعض المواقف من قضايا ومصادر قهر الشعوب واستهداف أوطانها، فضلاً عن مقاربات وأسئلة تضع جرائم الاحتلال الصهيوني في ميزان مع المنتهزين مبرري مشاريع التدخل الإقليمي، خصوصاً من طهران، والقمع الداخلي باسم فلسطين والقدس.

دع جانباً انخراط قلة معزولة فلسطينياً، وتابعة تاريخياً للنظام السوري، في رفع السلاح إلى جانبه منذ 2011، كبقية المليشيات والمرتزقة من الخارج، مستهدفةً السوري والفلسطيني على حد سواء، ويحاكم بعضهم على جرائمه في ألمانيا. فالأمر أبعد من ذلك وأعقد، لناحية تبرير فجاجة وأنانية علاقة بعض فصائل حركة تحرر وطني فلسطيني بنظام قمعي في سورية، لم يترك لشعبه سوى مقارنة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بجرائمه، التي أدت إلى مئات آلاف الضحايا والمخفيين قسراً، وملايين المهجرين واللاجئين بعد تدمير قراهم ومدنهم.

نعم، تحتاج الحركة الفلسطينية، بعيداً عن شعبوية الشعارات العاطفية، ورغم كل مآسي الوضع الذاتي والانقسام المدمر، إلى مراجعة جدية، وقراءة معمقة للآثار السلبية في خيار إدارة الظهر لشعوب مسحوقة ومقهورة في المنطقة.

والمصارحة تتطلب القول لحركة "حماس" إن كل تبريرات الحج نحو نظام بشار الأسد، الذي صنع كارثة سورية لم تحلم بها الصهيونية، والاستجابة لرغبة طهران في توسيع مكونات "المحور الممانع"، ليست في خدمة "القضية الوطنية".

بالتأكيد، حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ليستا وحدهما اللتان تمارسان سياسة القفز على معاناة الشعب السوري، بل ومئات آلاف المهجرين من المخيمات وآلاف الضحايا والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الأسد، إذ عادت سابقاً وفود حركة "فتح" والجبهات اليسارية وسلطة رام الله خائبة مرات ومرات، بعد إلقاء ما يشبه نظرة وداع على أطلال مخيم اليرموك في دمشق.

نعم، كان أغلب السوريين سابقاً يتفهمون المعضلة الفلسطينية. لكن الوصول إلى مستوى ستر الجرائم وتغطية وقائعها وسجلّاتها بمثل هذه الأنانية الفصائلية، صار يعمّق الهوّة بين الشعوب، العارفة جماعياً مصادر قهرها، والقضية الفلسطينية.

وإذا كان هؤلاء لا يدركون سلبية سياساتهم، فعلى الأقل يمكن لشخصيات وطنية وثقافية وإعلامية فلسطينية المبادرة إلى مواقف ورسائل جادة إلى "أصحاب القرار" لوقف أنانية تضييع المبادئ والبوصلة.