عن خشية إسرائيل من التصعيد الأمني

عن خشية إسرائيل من التصعيد الأمني

27 مارس 2022
تخشى إسرائيل أن تكون عملية بئر السبع بداية لعمليات أخرى (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -


شكلت عملية بئر السبع الفدائية الأخيرة، التي نفذها الأسير الفلسطيني المحرر محمد أبو القيعان، من قرية حوره في النقب الفلسطيني المحتل عام 1948، وأدت لمقتل أربعة إسرائيليين وإصابة آخرين، محطة مهمة. إذ كان تركيز الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لإجراءاتها في مدينة القدس المحتلة، لمواجهة أي تطورات قد تحدث في المرحلة القادمة، حيث تصادف عدة مناسبات وطنية، بدءا من يوم الأرض في الثلاثين من الشهر الحالي، ويوم السجين في منتصف الشهر القادم، كما شهر رمضان المبارك، والذي تحوّل في السنوات الماضية إلى مناسبة وموسم للمقاومة والعمليات الفدائية كما حدث في العام الماضي حين تطورت المواجهات في مدينة القدس وخاصة في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح إلى مواجهة عسكرية لمدة أسبوعين تخللتهما مواجهات حامية في فلسطين المحتلة عام 1948، وذلك لأول مرة منذ بدايات الانتفاضة الفلسطينية الثانية، والتي شملت كل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية في الداخل بما فيها تلك المسماة بالمدن المختلطة، والتي أدت لوقوع قتلى ومصابين من الطرفين، في سابقة شكلت محطة بارزة في ما يسمى التعايش بين اليهود والعرب داخل إسرائيل.

رغم إدانة عملية بئر السبع من قبل أغلبية الخريطة الحزبية العربية في الداخل، إلا أن إسرائيل تخشى أن تكون بداية لعمليات أخرى، سواء في بئر السبع أو في مكان آخر، وخاصة أن السنوات العشر الماضية شهدت ما يطلق عليه في النقاش الأمني الإسرائيلي والفلسطيني التقليد، والذي يعني تنفيذ عمليات مقاومة ضد الاحتلال بعد عملية ناجحة، والتي تشكل رافعة معنوية بعد تكوّن بيئة مقاومة إثر وقوع عملية ناجحة. وحسب معظم المتابعين والمختصين بالشؤون الأمنية في إسرائيل، فإن الظروف الحالية مهيأة للانفجار والتصعيد تزامنا مع اقتراب العديد من المناسبات، سواء الوطنية أو الدينية لدى الفلسطينيين واليهود، وتحديدا شهر رمضان المبارك ويوم الأرض عند الشعب الفلسطيني وعيد الفصح لدى اليهود.

تخشى إسرائيل من أن انهيار الأوضاع الأمنية ودخول المنطقة في حالة اشتباك أمني وعسكري، قد تكون لهما تداعيات كبيره، خصوصا على استقرار الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي ضمت لأول مرة في تاريخ إسرائيل قائمة عربية بزعامة منصور عباس من القائمة الإسلامية الموحدة (الجناح الجنوبي) للحركة الإسلامية في الداخل، وذلك جنبا إلى جنب مع أكثر الأحزاب اليمينية العقائدية الاستيطانية، بزعامة رئيس الحكومة الإسرائيلي الحالي نفتالي بينت والقادم من الصهيونية الدينية المتطرفة التي لا تؤمن بوجود للشعب الفلسطيني أصلا، إذ تخشى مكونات الحكومة الإسرائيلية من أن أي تصعيد أمني قادم في المناطق الفلسطينية سيضع كل من نفتالي بينت ومنصور عباس في أوضاع صعبة ومحرجة أمام جمهوريهما، ما قد يؤدي لإسقاط الحكومة التي لم تنه عامها الأول حتى الآن.

تخشى إسرائيل من أن انهيار الأوضاع الأمنية ودخول المنطقة في حالة اشتباك أمني وعسكري قد تكون لهما تداعيات كبيره على استقرار الحكومة الإسرائيلية الحالية التي ضمت لأول مرة في تاريخ إسرائيل قائمة عربية جنبا إلى جنب مع أكثر الأحزاب اليمينية العقائدية الاستيطانية

إضافة للتداعيات الداخلية الإسرائيلية لأي تصعيد أمني متوقع، فإن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على سياسات إسرائيل تجاه الحالة الفلسطينية، من تأبيد الوضع القائم في ظل وجود سلطتين منقسمتين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتوظيف ذلك لتمرير مشروع السلام الاقتصادي الذي يقتصر فقط على تحسينات حياتية في الضفة والقطاع في ظل تكريس للاحتلال وتعميق وتوسيع المشروع الاستيطاني.

ملحق فلسطين
التحديثات الحية

تربط إسرائيل بين أي تصعيد أمني في المناطق الفلسطينية بالمواجهة المفتوحة مع إيران وشركائها في المنطقة، والتي شهدت نقلة نوعية في العام الأخير بين الطرفين سواء باستهداف مواقع إيرانية في سورية وإيران من قبل إسرائيل، كما استهداف مصالح إسرائيلية بالطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، كما حدث في قصف مقر لجهاز الموساد الاستخباراتي في شمال العراق في الآونة الأخيرة، كما وصول طائرات مسيرة من حزب الله وتحليقها في أجواء فلسطين المحتلة لفترات زمنية، واختراق مواقع إلكترونية إسرائيلية من قبل هاكرز إيراني، إذ ترى إسرائيل في ذلك، ليس فقط إحياء للوطنية الفلسطينية التي تراجعت في السنوات الماضية، وليس فقط إفشال الحل الاقتصادي، لا بل إفشال مساعي إسرائيل في أن تصبح مكونا طبيعيا وعامل استقرار في المنقطة وخاصة بعد اتفاقيات التطبيع مع أنظمة عربية وخاصة الإمارات والبحرين، ما يجعل إسرائيل تخشى من أي تصعيد أمني قادم، ولذلك تعمل المستحيل من أجل منع حصوله بشتى الوسائل، بدءا من إدخال عدة تحسينات للحياة في الضفة والقطاع وليس انتهاء بمناشدة قادة وزعماء عرب وآخرين للتدخل لمنع التصعيد.

المساهمون