عن السيادة الوطنية في تونس

عن السيادة الوطنية في تونس

18 أكتوبر 2021
الشابي: لماذا السعودية والإمارات بالذات لتعبئة موارد الدولة؟ (ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -

تشهد تونس منذ أيام نقاشات كثيرة حول مفهوم السيادة الوطنية، خصوصاً من جانب الرئيس قيس سعيّد وأنصاره، بعدما استدعى السفير الأميركي في تونس دونالد بلوم ليبلغه استياء بلاده من مناقشة الملف التونسي في الكونغرس. وسيكون على الرئيس أن يوجه الدعوة اليوم لسفير الاتحاد الأوروبي ماركوس كورنارو لذات السبب، بما أن البرلمان الأوروبي سيناقش غداً الثلاثاء تطورات الأحداث في تونس. ولن يكتفي بذلك، بل سيعرض مشروع قرار على التصويت في جلسة أخرى.
عبّر كثر عن الاستياء بسبب هذا التدخل الخارجي في الشؤون التونسية، وكأنهم يكتشفون للمرة الأولى أن الأميركيين والأوروبيين يتدخلون في بلدهم، في محاولة للضحك على الذقون وعرض لكرامة منتفخة بشكل متأخر جداً، لا يصدقها أحد في نهاية الأمر إلا محبو الشعارات الكاذبة وأوهام العزة العربية الخائبة. في الوقت ذاته، أعلن المدير العام للتمويل والدفوعات الخارجية في البنك المركزي التونسي عبد الكريم لسود، في تصريحات صحافية، أن "هناك نقاشات متقدمة جداً مع السعودية والإمارات من أجل تعبئة موارد الدولة". هذه هي السيادة الوطنية الحقيقية، وهذا امتحانها الفعلي على الأرض.
الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي تساءل: "لماذا السعودية والإمارات بالذات؟". وكتب، في تدوينة نشرها على صفحته في "فيسبوك" السبت الماضي: "ألا يشكل هذان البلدان محوراً إقليمياً؟ وهل سيكون هناك ثمن سياسي لهذه التعبئة؟ فقط أتساءل عن السيادة الوطنية ومحلها من الإعراب في مشاورات كهذه؟ كل ذلك إذا صح أن هاتين الدولتين ستقومان فعلاً بنجدة الدولة التونسية. ولنا في دعم لبنان والسودان أسوة حسنة"، وفق تعبيره.
لم تصح هذه السيادة الوطنية عندما كنّا نطلب، على مدى عقود من الزمن، عون الأميركيين والأوروبيين وبعض العرب. ولم يجرؤ أحد من الخطباء الأجلاء أن يتذكر العزة ونحن نأخذ السلاح والدواء والقمح منهم، ونطلب أن يضمنونا في الأسواق المالية العالمية لنحصل على قرض. لم يتحدث أحد عن التدخل الأجنبي عندما هرعت دول عربية لدعم سقوط الديمقراطية التونسية وتستبشر بموتها، وتدفع، إلى اليوم، في اتجاه ذلك بما استطاعت. السيادة الوطنية لا تستفيق مع هذا ويصيبها الخرس مع ذاك. لكنها في كل الأحوال لا تقاس، على حد علمنا، إلا بما تنتجه وما تقترحه أي بلاد على البشرية من معرفة وفكر وعلم وتكنولوجيا ونبوغ وثروة أيضاً. وربما تقاس أحياناً بحجم القوة والتفوق العسكري. ونحن ليس لنا اليوم بعض من هذا لنتباهى به مع الأسف. منقسمون ومختلفون، نتشبث ببعض من أمل لعلنا نتفادى الهاوية.