عن استدعاء 24 ديسمبر الليبي

عن استدعاء 24 ديسمبر الليبي

15 يوليو 2021
يأمل الليبيون بحل ينهي سنوات من الصراع (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

يستعد مجلس الأمن الدولي بمشاركة وزارية رفيعة، لعقد جلسة اليوم الخميس، لمناقشة الملف الليبي الذي انحصر الحديث فيه بالانتخابات، لمحاولة الوصول إلى توافق دولي للدفع بالجهود الأممية من أجل إجراء هذا الاستحقاق في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو اليوم "المقدس" في ليبيا (استقلال ليبيا في 24 ديسمبر 1951) الذي يصرّ المجتمع الدولي على إجراء الانتخابات فيه. قد يفهم المتابع أن اختيار البعثة الأممية في ليبيا لهذا اليوم تحديداً، خلال إشرافها على صياغة خريطة الطريق من قبل ملتقى الحوار السياسي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كاستدعاء للتاريخ ولتذكير المختلفين والمتصارعين في البلاد بيوم استقلال بلادهم ووحدتها. ولكن المفارقة تكمن في التذكير بيوم الاستقلال بلا معناه، فمن يفرض هذا اليوم بالتحديد هم أطراف متدخلة في الشأن الليبي، بعضها تتقاسم الأرض الليبية وتنشر قوات عليها، مسيطرة على مفاصل هامة ونقاط استراتيجية.
ووسط تشبّث دولي بإجراء الانتخابات في هذا اليوم تحديداً، تصر البعثة الأممية، وبكل تأكيد من خلفها أطراف دولية، على فرض قاعدة دستورية مؤقتة، وغضّ الطرف على ما انتهت إليه مشاورات المسار الدستوري، التي دعت إليها وأشرفت عليها البعثة نفسها، وكانت آخرها اجتماعات الغردقة المصرية، نهاية فبراير/شباط الماضي، وفيها توافق ممثلو مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على ضرورة طرح مشروع الدستور للاستفتاء ليكون أساس الانتخابات المقبلة.

يتساءل عدد من الناشطين الليبيين، وأعضاء في ملتقى الحوار السياسي: ما الضير في إرجاء موعد الانتخابات إلى ما بعد 24 ديسمبر، حتى يتسنّى لليبيين الانخراط في العملية السياسية من خلال الاستفتاء على مشروع الدستور وإقراره كأساس دائم لكل الانتخابات والاستحقاقات السياسية؟ والجواب الجاهز هو ضيق الوقت، فلم يبق سوى أقل من ستة أشهر على "الموعد المحدد" للانتخابات.

وعلاوة على أن مشروع الدستور سينقل البلاد إلى المرحلة الدائمة وينهي فترات الفوضى السياسية، فنصوصه كفيلة باستقلال النتيجة الانتخابية عن تأثيرات أي طرف متشبث بالسلطة، فمثلما أنه يُمنع وصول العسكر الطامحين بالحكم بأي وسيلة، يمنع أيضاً وصول تيارات أخرى، تمت شيطنتها والقول إن مشروع الدستور يخدم أهدافها، كتيار الإسلام السياسي الذي يتواجد عدد من المنتمين إليه داخل المجلس الأعلى للدولة مثلاً.

والواقع أن ربط موعد الانتخابات بتاريخ 24 ديسمبر، بات مفرغاً من معناه ودلالاته، ولا بد للأطراف الليبية أن تعي ذلك، فإن لم تخضع للضغوط فلا بد من الوفاء للتاريخ ورمزية ذكرى الاستقلال، ولنا أن نتصور ذكرى هذا اليوم ومشهد الاحتراب والقتل والقنابل والمرتزقة قد عاد ليطغى على كل شيء.