عملية متزامنة للاحتلال والسلطة الفلسطينية لملاحقة المقاومين في مخيم ومدينة جنين

22 يناير 2025
قوات إسرائيلية تستعد لدخول جنين، 22 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت جنين توترات أمنية مع ملاحقة الأجهزة الأمنية الفلسطينية لمقاومين، بالتزامن مع عملية "الأسوار الحديدية" الإسرائيلية، مما أدى لاستشهاد عشرة وإصابة العشرات، وأثار جدلاً حول التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال.
- استنكرت حركة حماس تجاوزات السلطة واعتبرت التنسيق الأمني خطيرًا، داعية لتصعيد الاشتباك مع الاحتلال، معتبرة أن هذه السلوكيات تتعارض مع المصالح الوطنية الفلسطينية.
- أدانت حركة الجهاد الإسلامي عمليات الاحتلال في جنين، محملة السلطة مسؤولية التواطؤ، مؤكدة على نهج المقاومة وداعية للدفاع عن الأرض والمقدسات.

واصلت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، ملاحقة مقاومين ومطاردين لقوات الاحتلال الإسرائيلي واعتقلت خمسة منهم، بعد خروجهم من مخيم جنين شمال الضفة الغربية، بالتزامن مع العملية العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف المخيم تحت اسم "الأسوار الحديدية"، وأسفرت حتى اللحظة عن استشهاد عشرة مواطنين وإصابة العشرات. وقال الناشط السياسي غسان السعدي لـ"لعربي الجديد": "إن الأحداث الجارية في جنين غير مسبوقة وتحدث لأول مرة بأن ينفذ الاحتلال عملية بالتزامن مع الأجهزة الأمنية، خلافاً لما كان في السابق حيث كانت الأجهزة الأمنية تنسحب إلى مقرّاتها لحين انسحاب قوات الاحتلال، غير أن الاقتحام المستمر لقوات الاحتلال يبعد مسافة كيلو متر واحد عن مناطق اقتحمتها الأجهزة الأمنية لملاحقة المطاردين".

ولفت السعدي إلى أن قوات الاحتلال في اقتحامها المستمر منذ أمس الثلاثاء، فشلت في اعتقال أي مطلوب من الشبّان المطاردين في مخيم جنين، غير أن الأجهزة الأمنية استطاعت ذلك، حيث اعتقلت 3 شبّان من المخيم في بلدة قباطية جنوبي جنين، ونفّذت ملاحقة للمطاردين في قرى مختلفة، ما يوحي بوجود دور تكاملي بين الأجهزة الأمنية وقوات الاحتلال. في هذه الأثناء، أكدت مصادر مقربة من كتيبة جنين لـ"العربي الجديد" أن قوة تابعة لأمن السلطة تمكنت فجر اليوم من اعتقال القيادي في الكتيبة والناطق باسمها أحمد أبو عميرة خلال وجوده في بلدة قباطية جنوب جنين، مشيرة إلى أن القوة دخلت بسيارات مدنية إلى أحد أحياء البلدة وداهمت منزلاً كان أبو عميرة فيه، واعتقلته وانسحبت من هناك.

وتلاحق قوات الاحتلال والسلطة الفلسطينية أبو عميرة منذ عدة أشهر، بتهمة قيادة كتيبة جنين، وهو أسير محرر أمضى عدة سنوات في سجون الاحتلال. واعتقلت السلطة ذوي أبو عميرة وعذبتهم ونشرت صوراً لهم وهم في زنازينها، كما احتلت منزله وطردت عائلته منه لعدة أيام. ووفق مصادر من الكتيبة، فإن "الحملة الأمنية الفلسطينية قائمة ومتزامنة ومشتركة مع دخول الاحتلال في نفس اللحظة". وأكدت المصادر أن "الدائرة الصغيرة، أي مخيم جنين، تم استلامها من جيش الاحتلال بشكل مباشر، وانسحبت السلطة إلى محيط مدينة جنين وقرى جنين، وتقوم حالياً بمطادرة الشباب الذين انسحبوا من المخيم أو دخلو المستشفيات واصطدمت معهم واشتبكت معهم في أكثر من موقع، وقد أُصيب شادي الصباغ".

وأوضح أحد عناصر الكتيبة "أن ما يجري في جنين هو خطة منسقة بين السلطة والاحتلال الإسرائيلي، تقضي بانسحاب قوات الأمن الفلسطيني لإتاحة المجال للاحتلال لاقتحام مدينة جنين ومحاصرة مخيم جنين، ما دفع المقاومين للانسحاب من المخيم، لأنهم يرفضون أن يتسببوا لسكانه بأي أذى أو أن يكونوا ذريعة للاحتلال، وهنا تمكن الخطة بقيام السلطة بتتبعهم واعتقالهم خارج المخيم". وأكدت المصادر أن أفراد قوات أمن السلطة الفلسطينية بزيها العسكري والمدني ينتشرون بكثافة في البلدات المحيطة بمخيم جنين، وينصبون الكمائن للمطاردين الذين تمكنوا من الانسحاب من المخيم المحاصر من قوات الاحتلال، حيث تمكنوا من اعتقال المقاوم واثق اغبارية من بلدة كفر راعي جنوب جنين.

واقتحمت أجهزة السلطة الأمنية مستشفى الرازي في مدينة جنين، واعتقلت ثلاثة شبان، هم: عمر الحماد وحسان البدوي وجعفر العرعراوي ،بعد محاصرتهم فيه. وقال شهود عيان: "إن عناصر ملثمين ومسلحين يتبعون أمن السلطة الفلسطينية داهموا المستشفى، ودخلوا إلى غرف المرضى وفتشوها، قبل اعتقال الشبان الثلاثة الذين اعتدوا عليهم بالضرب المبرح". وحاول "العربي الجديد" التواصل مع الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية العميد أنور رجب للتعقيب على ما يجري، وإن كانت عملية الأجهزة الأمنية الفلسطينية ما زالت مستمرة بالتزامن مع الاحتلال أو مشتركة معه، لكنه لم يرد على الهاتف أو الرسالة المكتوبة التي أُرسلت إليه.

في الأثناء، استنكرت حركة حماس، في بيان، ما أسمته تواصل نزيف الدم الفلسطيني على يد أجهزة السلطة في الضفة الغربية، والتي كان آخرها إصابة الشاب محمد شادي الصباغ من مخيم جنين، إلى جانب محاصرة مستشفى الرازي وملاحقة المقاومين، واعتقال المصابين، في سلوك يتجاوز كل الخطوط الحمراء والأخلاق الوطنية، وفق البيان. وقالت حركة حماس: "إن مشاهد محاصرة المستشفى وإطلاق النار داخله وملاحقة المطاردين للاحتلال الإسرائيلي من قبل أجهزة السلطة، سلوكيات خارجة عن الصف الوطني، وجريمة بحق أبناء شعبنا وتنكر لدماء الشهداء". وأضافت حماس "إنّ تزامن هذه الانتهاكات الخطيرة مع عدوان الاحتلال على جنين، لا يدع مجالا للشك في أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال وصل إلى مستويات كارثية، وهو نهج مرفوض من كافة مكونات شعبنا الفلسطيني وفصائله المقاومة".

ودعت حركة حماس كافة الفصائل والشخصيات الوطنية والمجتمعية في الضفة الغربية إلى الخروج بكل قوة من أجل وضع حد لتجاوزات السلطة الخطيرة، ومواجهة عدوان الاحتلال واستهدافه للمقاومين في جنين، عبر تصعيد الاشتباك في كافة نقاط التماس وعند الحواجز العسكرية والمستوطنات بالضفة. كما دعت حركة حماس لتنسيق الجهود الوطنية لمجابهة استهداف المقاومين، وتوسع عدوان الاحتلال في الضفة الغربية، والنهوض بالعمل المقاوم لتدفيع المحتل ثمن استمرار جرائمه وتصاعدها بشكل غير مسبوق.

من جانبها، دانت حركة الجهاد الإسلامي، في بيان، عمليات التهجير والتدمير والقتل الممنهج التي يمارسها جيش الاحتلال بحق مخيم جنين وأهله، في إطار حرب الإبادة التي يشنها الكيان وحكومته المجرمة بحق وجود الشعب الفلسطيني في أرضه، واستكمال عدوانه على الشعب الفلسطيني في الضفة بهدف تثبيت ضمه لها وبسط سيادته على المسجد الأقصى المبارك.

وحملت حركة الجهاد الإسلامي السلطة في رام الله وأجهزتها الأمنية مسؤولية المشاركة والتواطؤ في هذا العدوان، بعدما قدمته للاحتلال من خدمات في إطباق الحصار على مخيم جنين لما يزيد على أربعين يوماً، في تواطؤ مكشوف وعلني مع الاحتلال، وتمهيد الطريق له لاقتحام المخيم، وملاحقة المجاهدين واعتقال المصابين منهم من داخل المستشفيات، ما يثبت مجدداً أن التنسيق الأمني الذي تتمسك به السلطة لا يخدم إلا الاحتلال وطبقة المنتفعين فيها على حساب دماء شعبنا وحقوقه ومستقبله، بحسب البيان.

وأكدت حركة الجهاد الإسلامي :تمسكها بنهج المقاومة في مواجهة هذا العدوان الغاشم، فإننا نجدد الدعوة إلى أهلنا في الضفة المحتلة إلى الدفاع عن أرضهم ومقدساتهم وحقوقهم، وإفشال أهداف العدو في التهجير والضم وفرض السيطرة، بكل الوسائل والسبل والإمكانات". وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد انسحبت، أمس الثلاثاء، من محيط مخيم جنين عقب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي المخيم، بعد أن حاصرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية المخيم لمدة 47 يومًا، في أحداث دامية أسفرت عن مقتل 15 فلسطينيًا، بينهم 6 من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

المساهمون