عملية الاحتلال البرية في غزة... أهداف حربية وأخرى تفاوضية

21 مارس 2025
من غارات الاحتلال على خانيونس، 20 مارس 2025 (دعاء الباز/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استأنف الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية في غزة بعد فشل محاولات الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار، مما أدى إلى توغل بري وقصف جوي عنيف تسبب في مقتل وإصابة المئات وتدمير المنشآت.

- يبرر الاحتلال عملياته بالضغط على حماس لقبول مقترحات المبعوث الأميركي، بينما تؤكد حماس أن القصف جاء أثناء التفاوض مع الوسطاء، مما قد يؤدي إلى تصعيد أوسع.

- يشير الكاتب رأفت نبهان إلى نية الاحتلال في تدمير اتفاق وقف إطلاق النار والضغط على حماس، مع توقع استمرار العدوان والتهجير إذا لم يتحقق تقدم في المفاوضات.

مع استئناف الاحتلال عدوانه على قطاع غزة مفشلاً كل محاولات الوصول للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، عادت العمليات البرية، التي يصفها بالمحدودة، لتصبح العنوان الأبرز مع بدء الجيش الإسرائيلي عمليات توغل في محور نتساريم والمناطق الحدودية، شمالي القطاع. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي حظر الانتقال لأهالي غزة على شارع صلاح الدين في الاتجاهين، مع السماح بتحرك الفلسطينيين من شمال غزة إلى جنوبها، عبر طريق البحر المعروف باسم شارع الرشيد، وهو أمر يذكّر بالأحداث التي شهدتها المنطقة مع بدء تقسيم القطاع والتوغل البري وإجبار الأهالي على النزوح جنوباً. وجاءت العملية البرية للاحتلال الإسرائيلي بعد نحو ثلاثة أيام فقط من عمليات قصف جوي عنيف شنتها الطائرات الإسرائيلية، وأودت بحياة أكثر من 500 شخص وإصابة المئات فضلاً عن تدمير البيوت وعدد من المنشآت.


محمد الأخرس: العملية البرية في غزة قد تذهب باتجاه تصاعدي لاستئناف الحرب

نتنياهو والتفاوض بالنار

ويبرر الاحتلال عبر تصريحات المستوى السياسي له المتمثل برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والوزراء، العملية العسكرية بأنها تستهدف بدرجة أساسية دفع حركة حماس، للقبول بمقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف. وسبق أن أعلن نتنياهو بشكل واضح أن الفترة المقبلة تستهدف العودة للتفاوض بالنار مع حركة حماس، بالرغم من أن الاتفاق المبرم بوساطة مصرية وقطرية نص على استمرار وقف إطلاق النار، حتى لو لم يتم الوصول إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية. في المقابل، أعلنت "حماس" خلال اليومين الماضيين أنها لم ترفض مقترحات ويتكوف وأن عمليات القصف الإسرائيلي التي طاولت مختلف المناطق في القطاع جاءت في ظل التفاوض مع الوسطاء. وأعادت العملية البرية للأذهان ما جرى في 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حينما أطلق الاحتلال عمليته البرية، التي وصفها آنذاك بـ"المحدودة" قبل أن تتسع لتشمل مختلف المناطق، بالإضافة لما جرى في مدينة رفح في مايو/ أيار 2024، حين بدأ عملية برية ادعى أنها محدودة وسريعة، إلا أنها مستمرة حتى اللحظة. ويخشى الفلسطينيون من أن يكرر الاحتلال سيناريو التهجير من جديد، عملاً بخطة الجنرالات التي سعى لتطبيقها في شمالي القطاع حين شن عملية برية واسعة دمر فيها مناطق واسعة وهجر مئات الآلاف.

في السياق، يقول الباحث محمد الأخرس إن التوجه الأساسي والمركزي هو عدم وقف الحرب على غزة، وهذا الأمر كان يحكم توجهات نتنياهو منذ نهاية ديسمبر/ كانون الأول وفي بداية يناير الماضيين، إلا أن ما دفعه لذلك هو الضغط غير المتوقع من الإدارة الأميركية. ويضيف الأخرس في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن إدارة ترامب وضعت ملف غزة ضمن سياق إقليمي أوسع مرتبط بمحاولة خلق واقع جديد في المنطقة، لذلك قبل الموافقة على استئناف الحرب على قطاع غزة، وجّهت واشنطن ضربات كبيرة وغير مسبوقة على اليمن بالإضافة لتهديد إيران. ويشير الأخرس إلى أن بداية العملية البرية في غزة قد تذهب باتجاه تصاعدي لاستئناف الحرب بصيغتها التي كانت عليها قبل يناير الماضي، بالذات مع التغييرات التي شهدتها نخبة القيادة العسكرية لجيش الاحتلال. ويوضح أن تصاعد الحرب والعملية البرية يتطلبان تعبئة عامة لجيش الاحتلال واستدعاء قوات الاحتياط، غير أن توسعة الحرب بشكل مفتوح تتطلب وقتاً إضافياً لتتضح الصورة السياسية للمشهد وتوجهات نتنياهو. ويقدّر الأخرس أن هناك فترة زمنية تراوح ما بين أسبوعين وخمسة أسابيع تحدد اتجاه التصعيد الحالي، إن كان سيذهب إلى توسعة الحرب وتعزيز العملية البرية أو إلى صفقة شاملة تضع حداً للحرب. ويرى أنه حتى لو قدّمت "حماس" تنازلات باتجاه هدنة مؤقتة فإن المشهد سيعود إلى الواقع الحالي نفسه بعد انتهاء فترة الاتفاق المؤقت في حال قبلت به الحركة، وسيعود نتنياهو إلى ممارسة الضغط العسكري.


رأفت نبهان: يريد الاحتلال الضغط على "حماس" لتقديم تنازلات بالمسار التفاوضي

نوايا الاحتلال في غزة

بدوره، يشير الكاتب رأفت نبهان إلى أن بدء الاحتلال العملية البرية يعني أن هناك نيّة واضحة منه، بالانتقال من الخروقات الكثيرة لاتفاق وقف إطلاق النار إلى مرحلة جديدة، وهي مرحلة تدمير اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل. ويضيف نبهان في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال أطلق عملية برية أو عدواناً برياً محدوداً، بهدف جس نبض المقاومة الفلسطينية ومدى تحضيراتها واستعداداتها لمواجهة العدوان، أما السبب الثاني فهو بالتأكيد الضغط على "حماس" لتقديم تنازلات بالمسار التفاوضي، ومن المتوقع أن يستمر هذا العدوان البري وربما يتوسع في حال لم يجد الاحتلال تقدماً في المسار التفاوضي. ولا يستبعد نبهان أن يعود الاحتلال للسلوك الميداني السابق نفسه بتهجير الفلسطينيين وإفراغ مناطقهم في الشمال، من باب الضغط على المقاومة وليرضي نتنياهو سلوك التيار الديني القومي في حكومته. في المقابل، يبدي اعتقاده أن باب المفاوضات مفتوحاً، وهو الأمر الذي يظهر في تصريحات ومواقف حركة حماس، وهو سيناريو وارد مع استمرار فتح باب التفاوض والاتصالات مع الوسطاء المصريين والقطريين. ويلفت إلى أن أوراق المقاومة تتمثل في الصمود والمواجهة سواء عبر المعارك الضارية وكمائن الموت كالتي شاهدناها في الأيام الأخيرة للاجتياحات البرية، بالإضافة إلى توسيع العمليات في الضفة الغربية والداخل المحتل، عدا عن الورقة الرابحة والأكثر ضغطاً وهي ورقة الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة.