عقيلة صالح يضع الدبيبة أمام تحدي الوقت لتشكيل الحكومة الليبية

عقيلة صالح يضع الدبيبة أمام تحدي الوقت لتشكيل الحكومة الليبية... وهذه أبرز عقباتها

27 فبراير 2021
لا يزال الغموض يلف مصير الحكومة الجديدة في ليبيا(فيسبوك)
+ الخط -

لا يزال الغموض يلف مصير الحكومة الجديدة في ليبيا، وسط تزايد التحديات والعراقيل التي تواجه طريق رئيسها عبد الحميد الدبيبة، لتشكيلها وسعيه للمصادقة عليها من مجلس النواب.

ودعا رئيس مجلس النواب المجتمع في طبرق عقيلة صالح، المجلس للانعقاد لمناقشة منح الثقة للحكومة يوم الاثنين الموافق 8 مارس المقبل.

وأوضح صالح، في بيان له في وقت متأخر أمس، أن الجلسة ستكون بـ"مدينة سرت في حال أكدت لجنة 5+5 العسكرية تأمين الجلسة"، مضيفا "وإن تعذر ذلك يكون مكان انعقاد الجلسة المقر المؤقت لمجلس النواب في مدينة طبرق في ذات الزمان المحدد"، مطالبا اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 بضرورة الرد على المجلس بـ"وقت كاف قبل الموعد المحدد لانعقاد الجلسة".

وكان الدبيبة قد أعلن عن تقديمه مقترحاً إلى رئاسة مجلس النواب يتضمن هيكل الحكومة ومعايير اختياره الوزراء فيها.

وعبر الدبيبة، خلال مؤتمر صحافي الخميس الماضي، عن أمله في حصول حكومته على الثقة حال انعقاد جلسة المجلس، وأكد أنه "جاهز لتقديمها متى ما طلب مجلس النواب".

تحدي الوقت

ويرى الباحث السياسي الليبي بلقاسم كشادة أن دعوة صالح "وضعت الدبيبة في تحد جديد".

ويعيش مجلس النواب انقساما بين مجلسين، في طبرق وطرابلس، وسط مطالبات أخرى من طيف واسع بين أعضائه لعقد جلسة خارج المدينتين لإسقاط صالح وانتخاب رئاسة جديدة.

ووفق قراءة كشادة لدعوة صالح فإنها تحمل رسائل موجهة للدبيبة وخصومه في مجلس النواب، مرجحا أنها قد تكون ردة فعل على خسارة قائمته في انتخابات ملتقى الحوار السياسي وعدم قبوله بنتائج الانتخابات.

ويرى الباحث خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن توقيت إعلان صالح عن دعوته هدفه الحفاظ على منصبه، حيث تقضي اللائحة الداخلية للمجلس بإحالة صلاحية الدعوة لجلسة النظر في أي تشكيلة حكومية إلى النائب الأول لرئيس المجلس إذا مرت ثلاثة أيام لم يدع الرئيس فيها إلى الجلسة.

ولفت إلى أن تحديد صالح لموعد جلسة منح الثقة للحكومة يوم الثامن من مارس المقبل "وضع الدبيبة أمام تحدي الوقت"، موضحا "ملتقى الحوار السياسي حدد للدبيبة 21 يوماً كأدنى حد لتقديم حكومته و30 يوما كأقصى حد تنتهي يوم 6 مارس قبل موعد دعوة صالح بيومين فقط، ما يعكس حجم الابتزاز الذي يواجهه الدبيبة في الكواليس".

وكشفت مصادر مقربة من المجلس الرئاسي الجديد وحكومته عن وجود خلافات واسعة حول تشكيلة وزارية كان الدبيبة على وشك إعلانها، ما اضطره إلى تأجيل ذلك، مؤكدة أنه يعاني ضغوطا كبيرة من جانب بعض النواب ومتنفذين في مشهد البلاد، للحصول على مناصب بارزة في حكومته لقاء سعيه لترضية جميع الأطراف.

وقالت ذات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" إن جهود الدبيبة لفرض معاييره الخاصة بالكفاءة وتوزيع الحقائب جغرافيا حسب الأقاليم "قد تواجه الفشل أمام الضغوط التي يتعرض لها من جانب شخصيات برلمانية، وأخرى من قادة المجموعات المسلحة للحصول على مواقع بارزة وهامة في حكومته".

جهود الدبيبة لفرض معاييره الخاصة بالكفاءة وتوزيع الحقائب جغرافيا حسب الأقاليم "قد تواجه الفشل أمام الضغوط التي يتعرض لها

وتحدثت المصادر عن أن الدبيبة حاول التخلص من ثقل ضغوط الساعين للحصول على مناصب بحكومته، من خلال تسليم معاييره لاختيار وزرائه لرئاسة مجلس النواب للحصول على موافقة منها على تلك المعايير واعتمادها، ووفق المصادر فإن عقيلة صالح لم يتجاوب مع مسعى الدبيبة، حيث إنه هو الآخر يطالب بمنح مقربين منه حقائب وزارية.

وفي كواليس مساعي الدبيبة لتبديد العقبات التي تواجه طريق حكومته، ذكرت المصادر أنه "تمكن حتى الآن من الخروج من مختنق تعيين شاغلي حقيبتي الدفاع والخارجية، بسبب مشاركة المجلس الرئاسي الجديد وملتقى الحوار السياسي في تعيينهما، وفق بنود خارطة الطريق، لكنه في ذات الوقت لا يزال يعالج صعوبة اقتراح شاغلي حقيبتي الداخلية والمالية اللتان تتجاذبهما عدة أطراف بهدف التموضع.

وفيما قالت المصادر إن "المشاورات قد تنتهي لمنح حقيبتي الداخلية والمالية لشخصيات من الجنوب الليبي تطالب بحصتها في السلطة بعد منح الحكومة للغرب الليبي ورئاسة المجلس الرئاسي للشرق"، رجحت أن يضطر الدبيبة إلى توسيع تشكيلته الحكومية بهدف ترضية كل الأطراف.

خيار ملتقى الحوار السياسي

وبحسب رأي هنية فحيمة، الناشطة السياسية الليبية، فإن تأجيل الدبيبة وجد في استمرار خلافات النواب حول انعقاد جلسة خاصة بحكومته فرصة لمواصلة مشاوراته حول المناصب الأهم في الحكومة، "ولذا قدم هيكل الحكومة وبرنامجها فقط، خصوصا وأن خارطة الطريق ضمنت له مسبقا حصول حكومته على الثقة من خلال ملتقى الحوار السياسي إذا تعذر على مجلس النواب الاجتماع"، مستشهدة على رأيها بتغريدة سابقة للدبيبة لوح فيها بإمكانية لجوئه إلى خيار الذهاب إلى ملتقى الحوار.

وفيما تعتقد فحيمة في حديثها لـ"العربي الجديد" أن الدبيبة الذي تلقى دعما أمميا ودوليا واسعا سيتمكن من تجاوز الصعوبات، لا يرجح كشادة إمكانية لجوء الدبيبة للخيار الثاني فـ"بعد تغريدته بساعات عاد وأعلن أنه سلم لعقيلة صالح هيكل الحكومة"، لافتا إلى أن صالح بات رقما هاما في معادلة المتغيرات الجديدة، وتجاوزه إلى ملتقى الحوار سيترتب عليه العديد من المشاكل.

ويوضح كشادة رأيه بالقول إن "كل الأصوات المعارضة لعقيلة والساعية لإسقاطه وعقد جلسة دونه ستختفي قريبا، لأنه يمتلك أوراقا قوية تحفظ له مكانه"، مضيفا أن صالح "يدرك أنه يمثل الشرق الليبي بأكمله وتجاوزه أو إسقاطه يعني أن الحكومة الجديدة لن تحظى بدعم وموافقة طرف هام في البلاد، ما يعني إعادة سيناريو حكومة الوفاق".

كشادة: كل الأصوات المعارضة لعقيلة والساعية لإسقاطه وعقد جلسة دونه ستختفي قريبا

وتابع "هذا السيناريو لن تسمح به العديد من الأطراف ومنها واشنطن، التي اتصل سفيرها قبل أيام بعقيلة صالح في رسالة ضمنية داعمة له، وقال "أعتقد أن عقيلة الشخصية الوحيدة التي يمكنها أن تقصي حفتر الذي لم يعد مرغوبا فيه لدى عدة عواصم كبرى ومنها واشنطن"، ويلفت إلى زيارة وفد مصري رفيع المستوى لصالح، الخميس الماضي، ثم دعوة المغرب له تؤكد أنه يحظى بدعم إقليمي أيضا، فلا بديل عنه ممثلا للشرق الليبي للحفاظ على حالة الوفاق التي ينشدها المجتمع الدولي.

كما يرى الباحث السياسي أن دعوة عقيلة تحمل رسالة أخرى موجهة لخصومه، موضحا بالقول "نص الدعوة ألمح بوضوح إلى إمكانية صعوبة احتضان مدينة سرت لمجلس النواب، فالكثير من النواب لن يذهب إلى مدينة يسيطر عليها حفتر والفاغنر والمرتزقة، إذ لا بديل عن الذهاب لطبرق"، مضيفا "لسان حال عقيلة يقول لخصومه من النواب إما أن تنصاعوا لرغبتي والاجتماع في طبرق أو الاستمرار في عرقلة عقد جلسة حتى يسقط كامل المجلس معه بنفاد الوقت، ونقل صلاحياته إلى ملتقى الحوار السياسي".

ويدلل على قدرة صالح على الاستمرار في الهيمنة على المجلس بـ"فشل أغلبية النواب في تغييره، رغم اجتماعاتهم بأعداد كبيرة في صبراته وقبلها في غدامس، بالإضافة لوجود مجلس برئاسته في طرابلس".