يبدأ مجلس النواب في طبرق، اليوم الخميس، فتح باب الترشح للمناصب السيادية في الدولة وقبول ملفات المترشحين بديوان المجلس في مدينة بنغازي، في خطوة جديدة أحادية من جانب رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح، للضغط بهدف تمرير أسماء مقربة منه في مناصب الدولة القيادية.
وقال عضو اللجنة النيابية المكلفة بقبول المترشحين للمناصب السيادية، عبد الهادي الصغير، إن الترشح للمناصب السيادية سيبدأ اليوم وفق قرار اللجنة التي ستتسلم السير الذاتية للمترشحين وملفاتهم، مشيرا إلى أن اللجنة ستواصل استقبال ملفات الترشيح إلى غاية الخميس المقبل.
وأوضح الصغير، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة ستقوم، وفق قرار تشكيلها، بدراسة الملفات وتدقيقها قبل اختيار شاغلي المناصب السيادية وإرسالها إلى مجلس النواب لاعتمادها، لافتا إلى ان شروط وآليات الاختيار انتهت اللجنة من دراستها وعلى رأسها خبرة المترشح وتوزيع المناصب وفق الأقاليم التاريخية الثلاثة في البلاد.
وكان عقيلة صالح، قد أعلن، في 21 مارس/آذار المنصرم، عن تشكيل لجنة من ستة نواب تتولى وضع شروط ومعايير لتولي المناصب السيادية، كما تتولى الإعلان عن فتح باب الترشح للمناصب السيادية، وفرز ملفات المترشحين ومطابقتها للشروط والمعايير، قبل عرضها على مجلس النواب لاعتمادها، لكن مصادر نيابية من طبرق كشفت النقاب عن استعداد أكبر كتلتين في مجلس النواب، وهما كتلة المسار الوطني وكتلة الوسط، للطعن في قرار عقيلة صالح وكل القرارات السابقة التي اتخذها بشكل فردي.
وتطابقت معلومات المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، حول استعداد أعضاء الكتلتين، البالغ عددهم قرابة السبعين نائبا، لرفع دعوى قضائية ضد عقيلة صالح بشأن مخالفته للوائح الداخلية للمجلس واتخاذه قرارات بشكل فردي دون اجتماع المجلس.
كما أكدت معلومات المصادر أن الطعن سيشمل قرار تشكيل لجنة المناصب السيادية وعدد من القرارات الأخرى التي اتخذها صالح بصلاحيات منحها لنفسه بالمخالفة، مؤكدة أن الدعوى ستطالب بوقف عمل لجنة المناصب في الشق المستعجل بوقف التنفيذ.
واتفقت لجنة 13 + 13 الممثلة لمجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على تحديد معايير وآليات شاغلي المناصب السيادية، في بوزنيقة المغربية، بعد اجتماعات بينهما آخرها في 23 يناير/كانون الثاني الماضي.
وبحسب الاتفاق، سيتم تشكيل لجنة مصغرة مؤلفة من ستة أعضاء عن مجلسي الدولة والنواب لفتح باب الترشح للمناصب السيادية وفق الآليات والشروط المتفق عليها، استنادا لنصوص الاتفاق السياسي، ولا سيما المادة 15 التي تنص على ضرورة أن "يقوم مجلس النواب بالتشاور مع مجلس الدولة" بشأن الوصول لتوافق حول شاغلي المناصب السيادية، كما اشترطت المادة ضرورة موافقة "ثلثي أعضاء مجلس النواب" على تعيين شاغلي المناصب السيادية أو إعفائهم.
وحددت المادة المناصب السيادية في "محافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ورئيس هيئة مكافحة الفساد ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات ورئيس المحكمة العليا والنائب العام".
سياسة خلط الأوراق
ولم يصدر عن المجلس الأعلى للدولة أي قرار بشأن مخالفة عقيلة صالح لاتفاق بوزنيقة ونصوص الاتفاق السياسي، لكن الباحث الليبي في الشأن السياسي، فتح الله القلعي، يشير الى أن عقيلة صالح لا يعترف أصلا باتفاق الصخيرات ولم يوافق على تضمينه في الإعلان الدستوري حتى الآن، مضيفاً: "فكيف يعترف بإلزامية نصوصه، مبيناً أن موافقة صالح على مشاركة ممثلي مجلس النواب في اجتماعات بوزنيقة مناورة تتجاوب مع مستجدات تلك الفترة، حيث كان مهددا بالإطاحة به".
واعتبر القلعي أن قرارات صالح بتشكيل لجنة المناصب السيادية طريقة دوما ينتهجها لخلط الأوراق بهدف إحكام سيطرته على القرارات السيادية في هذه المرحلة.
قرارات صالح بتشكيل لجنة المناصب السيادية طريقة دوما ينتهجها لخلط الأوراق بهدف إحكام سيطرته على القرارات السيادية
وفيما كشفت ذات المصادر النيابية أن قرار تشكيل لجنة المناصب السيادية جاءت كرد فعل على عدم التجاوب مع مساعيه لفرض شخصية مقربة منه لشغل منصب المفوضية العليا للانتخابات، يعلق القلعي بالقول إن عقيلة صالح يدرك أن قرار لجنته بشأن المناصب السيادية "لن ينجح في تمرير أي قرار"، موضحا أنه "في عام 2018 أعلن بقرار فردي تعيين محمد الشكري محافظا للبنك المركزي وأسقط القرار بسبب عدم موافقة المجلس الأعلى للدولة كما تنص على ذلك بنود الاتفاق السياسي"، مشيرا إلى أن لجنته الحالية شكلها لـ"وضع عصا في الدولاب للضغط في مرحلة مقبلة من أجل تمرير أسماء مقربة منه في المناصب السيادية".
كما يلفت القلعي إلى أن اتفاق بوزنيقة كان من بين بنوده بدء فتح باب الترشح للمناصب السيادية من يوم 26 يناير الماضي إلى اليوم الـ30 من ذات الشهر، وقال: "حتى الآن لا يعرف لماذا لم يعمل بهذا البند فالوضع يلفه الغموض والبعثة الأممية لم تعلن عن موقفها".
ولقي اتفاق بوزنيقة بشأن تحديد آليات وشروط تعيين شاغلي المناصب السيادية وتوزيعها حسب الأقاليم الليبية الثلاثة اعتراضا من قبل عدد من النواب، واعتبر عضو مجلس النواب، عبد السلام نصية، في تصريحات صحافية سابقة، ان لجنة 13 + 13 تم تشكيلها من المجلسين ضمن عملية الحوار السياسي ومناقشتها للمناصب السيادية ووضع آليات لها تجاوز لصلاحياتها.
ويلاحظ القلعي أن أعضاء لجنة المناصب هم ذات الأعضاء الذين يشكلون لجان عقيلة في كل مرة بهدف سيطرته على مصير أي قرار يشعر بأنه سيخرج عن سيطرته، وقال في هذا السياق: "مثلا في المسار الدستوري أرسل عقيلة صالح اللجنة التشريعية التي تضم في عضويتها ذات الأسماء التي حضرت اجتماعات الغردقة المصرية، وتمكن من عرقلة وصول الاجتماعات لقاعدة دستورية للانتخابات حتى الآن".
ويضيف: "لما اضطر للموافقة على اجتماع المجلس كاملا للمصادقة على الحكومة الحالية لأنها أصبحت أمرا واقعا لا يمكنه عرقلته أعلن في ذات جلسة المصادقة على الحكومة في سرت عن تكليف اللجنة الدستورية لوضع مقترح بشأن تضمين خارطة الطريق في الإعلان الدستوري".
وعن خطوة الكتل النيابة للطعن في قرارات صالح يرى القلعي أنها خطوة لن تجدي فـ"الاعتماد على أساس مخالفة قراراته للائحة الداخلية لن يكون مجديا لأن النظام الداخلي للمجلس تم تعديله عشرات المرات والإعلان الدستوري نفسه تم تعديله 11 مرة"، مشدداً القول: "من أحدث فراغات دستورية كبيرة يستطيع المناورة من خلالها".
تأجيل محتمل لتوحيد مؤسسات الدولة
ويعرب فرج موسى، عضو المجلس الأعلى للدولة، عن استغرابه من صمت البعثة الأممية عن مثل هذه المخالفات المتكررة، مرجحا صدور موقف معلن من المجلس الأعلى للدولة بشأن قرار عقيلة صالح.
لكن موسى يحذر، خلاله حديثه لـ"العربي الجديد"، من خطورة عرقلة مسار تعيين المناصب السيادية على جهود السلطة الجديدة في توحيد مؤسسات الدولة، ويؤكد أن استمرار تعنت عقيلة صالح وتفرده بالمواقف والقرارات سيؤجل توحيد مؤسسات الدولة.