عقوبات أميركية على السودان بعد اتهام الجيش باستخدام أسلحة كيميائية
استمع إلى الملخص
- تاريخيًا، شهدت العلاقات بين البلدين توترًا مستمرًا، حيث فرضت العقوبات منذ التسعينيات وشُددت في 2006، ورفعت تدريجيًا بعد 2019، لكنها أعيدت بعد انقلاب 2021.
- يعاني المدنيون من تداعيات العقوبات، مع أزمة إنسانية متفاقمة، حيث خفضت الولايات المتحدة مساعداتها بشكل كبير بعد 2024.
دخلت عقوبات أميركية على حكومة السودان حيز التنفيذ، بعدما فُرضت إثر تأكيد واشنطن استخدام الجيش السوداني أسلحةً كيميائية العام الماضي في الحرب الدامية التي تشهدها البلاد. وأعلنت الحكومة الأميركية، في إشعار نُشر الجمعة في السجل الفيدرالي، أن العقوبات التي تشمل قيوداً على الصادرات الأميركية ومبيعات الأسلحة والتمويل لحكومة الخرطوم، ستظل سارية لعام على الأقل.
وأضافت أن المساعدات المقدّمة للسودان ستتوقف "باستثناء المساعدات الإنسانية العاجلة والمواد الغذائية وغيرها من السلع الزراعية والمنتجات". ومع ذلك، صدرت إعفاءات جزئية عن بعض الإجراءات، لأن ذلك "ضروري لمصالح الأمن القومي للولايات المتحدة". وقالت وزارة الخارجية الأميركية، الشهر الماضي، عند إعلانها العقوبات، إن "الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى التوقف عن استخدام كل الأسلحة الكيميائية والوفاء بالتزاماتها" بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وهي معاهدة دولية وقعتها تقريباً كل الدول التي تحظر استخدامها.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، في يناير/ كانون الثاني، أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية مرتين على الأقل في مناطق نائية خلال حربه مع قوات الدعم السريع. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين لم تكشف هوياتهم، أن السلاح المستخدم يبدو أنه غاز الكلور، الذي يمكن أن يسبب ألماً شديداً في الجهاز التنفسي وصولاً إلى الموت. ونفت الخرطوم استخدام أسلحة كيميائية.
عقوبات سابقة
وسبق أن اتُّهمت المؤسسة العسكرية بشن هجمات باستخدام أسلحة كيميائية. في عام 2016، نددت منظمة العفو الدولية باستخدام الجيش، حين كان متحالفًا مع قوات الدعم السريع، أسلحة كيميائية في دارفور، وهو ما نفته الخرطوم. كما اتهمت الولايات المتحدة، في عام 1998، مصنع الشفاء للأدوية بإنتاج مكونات كيميائية لصالح تنظيم القاعدة، وقصفته لاحقًا. ولم تقدم واشنطن أدلة تدعم هذه الاتهامات، ولم يُفتح أي تحقيق مستقل في الحادثة.
والعلاقات بين الولايات المتحدة والسودان متوترة منذ عقود. وقد فُرضت العقوبات الأميركية منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، وشُددت عام 2006 بعد اتهامات لمليشيا الجنجويد بارتكاب إبادة جماعية في دارفور. وتحوّلت المليشيا لاحقًا إلى قوات الدعم السريع. وبعد إطاحة عمر البشير عام 2019 إثر انتفاضة شعبية، شطبت الولايات المتحدة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وبدأت برفع العقوبات تدريجيًّا. لكن عقب انقلاب عام 2021 بقيادة البرهان ودقلو، أعادت واشنطن فرض بعض العقوبات. وبحلول مطلع 2025، كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على كلٍّ من البرهان ودقلو. وفشلت جهود الوساطة الدولية، بما في ذلك جهود إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، في التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
تداعيات متوقعة
لطالما دفع المدنيون السودانيون ثمن العقوبات الدولية. ففي الوقت الذي تزداد فيه معاناة السكان، يجمع معسكرا البرهان ودقلو ثروات طائلة عبر شبكات مالية عابرة للحدود، فيما تبقى البلاد محرومة من التنمية. ويشهد السودان، ثالث أكبر بلدان أفريقيا من حيث المساحة، أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ عالميًّا، مع أكثر من عشرة ملايين نازح ومجاعة تضرب مناطق واسعة من البلاد.
وكانت الولايات المتحدة أكبر مانح للسودان في عام 2024، حيث ساهمت بنسبة 44.4% من خطة الاستجابة الإنسانية الأممية البالغة ملياري دولار. لكن بعد قرار الرئيس دونالد ترامب تعليق معظم المساعدات الخارجية، خفّضت واشنطن مساهمتها بنحو 80%. وفي عام 2024، قُدرت قيمة الصادرات الأميركية إلى السودان بـ56.6 مليون دولار، بحسب بيانات المكتب الفيدرالي للإحصاءات.
(فرانس برس)