عقبات ومصاعب تواجه إعادة تشكيل السلطة الانتقالية في السودان

23 نوفمبر 2020
+ الخط -

تواجه عملية إعادة تشكيل هياكل السلطة الانتقالية في السودان، جملة من العقبات والمصاعب بعد قرابة شهرين من التوقيع على اتفاق السلام بين الحكومة و"الجبهة الثورية" المكونة من حركات مسلحة وأحزاب مدنية.
وتشكلت السلطة الانتقالية بموجب شراكة بين العسكر والمدنيين عقب الإطاحة بنظام الرئيس المعزول، عمر البشير في إبريل/ نيسان من العام الماضي، لكن شريكاً ثالثاً في طريقه للدخول العملي في مثلث السلطة، بموجب اتفاق السلام الموقع في جوبا في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وينص على إشراك "الجبهة الثورية" في الحكم.
ويقضي الاتفاق، الذي أصبح جزءاً من الوثيقة الدستورية الحاكمة في البلاد، بإضافة 3 أعضاء لمجلس السيادة الانتقالي يمثلون "الجبهة الثورية"، ومنحها 5 وزارات و75 مقعداً في المجلس الانتقالي، إضافة لتمثيل آخر للجبهة في المفوضيات المستقلة التي ستنشأ بموجب الدستور.
غير أن تلك الإضافات والرغبة في إجراء التغيير الشامل، دفعت تحالف "الحرية والتغيير" الحاكم إلى التفكير جدياً في حل كل من مجلس السيادة ومجلس الوزراء وإعادة تشكيلهما، ولا سيما مع حالة انسداد الأفق والإخفاق الحكومي في التعاطي مع المشكلات الاقتصادية بعد تدهور معيشة المواطنين في الأشهر الأخيرة.
وتصطدم تلك الرغبة نفسها بوجود خلافات عميقة داخل مكونات التحالف الحاكم، ربما تؤخر تنفيذ التغيير الشامل، أو تلغيه تماماً لعدم قدرة تلك المكونات على التوافق على شخصيات جديدة، علماً أن اتفاقاً تم بين كل الأطراف بما في ذلك المكون العسكري على حق كل مكون أو حزب في طلب إعفاء مرشحه في أي وقت.
ولا تقتصر الخلافات على "الحرية والتغيير" وحدها، فحتى "الجبهة الثورية" تعرف خلافات مكتومة حول التمثيل في مجلس السيادة. وبعدما كانت التكهنات تشير إلى منح كل من رئيس "الحركة الشعبية قطاع الشمال"، مالك عقار، و"رئيس حركة تحرير السودان"، منى اركو ميناوي، مقعدين في مجلس السيادة، مع شخصية ثالثة من شرق السودان، قاد انقسام "الجبهة" لكتلتين إلى تأجيل الاتفاق على الأعضاء الجدد حتى الآن.

وفي هذا الصدد، قال المتحدث الرسمي باسم مجلس السيادة الانتقالي، محمد الفكي سليمان، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "كل المؤشرات الخاصة بمجلس السيادة تشير إلى أن المتاح الآن بشأن هيكلته هو إضافة 3 أعضاء تسميهم الجبهة الثورية طبقاً لما جاء في اتفاق السلام".
وأوضح أن "الوثيقة الدستورية وبتعديلها الجديد تعطي كل مكون من مكونات الحرية والتغيير حق طلب إعفاء العضو السيادي الذي رشحته"، لافتاً إلى أن ذلك "متروك للحرية والتغيير وحدها، وهي وحدها صاحبة الحق في الحديث حوله".
لكن مصدراً آخر في "الحرية والتغيير" استبعد قيام أي مكون بتقديم طلب بالإعفاء، معرباً في حديث لـ"العربي الجديد" عن اعتقاده بأن عملية الترشيح لعضوية مجلس السيادة، قبل أكثر من عام، تمت بعد مخاض عسير وفي ظل خلافات كبيرة.
المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، لمح إلى إمكانية انفجار الخلافات مرة أخرى في حال بدأ التفكير في شخصيات جديدة لتبوّؤ مناصب في المجلس السيادي، مرجحاً الإبقاء على تشكيلة المجلس كما هي بعد إضافة الأعضاء الثلاثة الجدد.
أما على مستوى مجلس الوزراء، فالتوجه العام يشي بإجراء تغيير جذري، خصوصاً أن وزارات أهمها الخارجية والمالية والزراعة، قد خلت باستقالة 6 وزراء في يوليو/ تموز الماضي، وإقالة وزير سابع هو وزير الصحة أكرم علي التوم في الشهر نفسه.
وينتظر أن يؤدي التعديل الوزاري إلى إشراك 5 وزراء يمثلون "الجبهة الثورية" تنفيذا لاتفاق السلام، وتجاوز الإخفاق في الأداء الاقتصادي المصاحب للحكومة منذ تشكيلها في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، بيد أن ذلك التغيير نفسه يصطدم هو الآخر بعقبة الخلافات سواء داخل تحالف "الحرية والتغيير" أو "الجبهة الثورية".
وعلى صعيد المجلس التشريعي فقد جرى الاتفاق بين الشركاء الثلاثة، المكون العسكري و"الحرية والتغيير" و"الجبهة الثورية" على تأجيل تشكيله حتى 31 من ديسمبر/ كانون الأول المقبل، طبقاً لبيان رسمي صادر عن التحالف الحاكم.
وجاء التأجيل لأكثر من سبب، أبرزها الاعتراض القوي من لجان المقاومة السودانية، وهو الجسم الثوري الرئيس الذي يحرك الشارع، على طريقة تشكيله. وتطالب اللجان بنسبة لا تقل عن 30 في المائة من عضويته.
أما السبب البارز الثاني فيندرج حول أحقية التمثيل في المجلس التشريعي، فحزب "الأمة القومي" على سبيل المثال يطالب لوحده بمنحه 65 مقعدا من جملة 165 مقعداً مخصصة لـ "الحرية والتغيير" في المجلس، لزعمه بأنه "الأكثر شعبية" من بين مكونات "الحرية والتغيير".

الجسم الرابع الذي استحدثته التعديلات الجديدة في الوثيقة الدستورية، وهو مجلس شركاء الحكم، يثير القلق خاصة داخل مكونات "الحرية والتغيير" لأن مهامه وصلاحيته غير واضحة، ويعتقد على نطاق واسع أنه سيكون بمثابة حكومة لوحده وسيهمش الحاضنة السياسية للحكومة، فضلاً عن التخوف من سيطرة العسكر عليه وعلى قراراته. 
وبرزت مقترحات بتشكيل المجلس على أن يضم 5 أعضاء من الجيش، و6 من "الجبهة الثورية" و12 من "الحرية والتغيير".
إلى ذلك، كشف القيادي بـ "الحرية والتغيير"، حيدر الصافي شبو، لـ "العربي الجديد" أن اجتماعا سيجري غداً الثلاثاء، لحسم كافة المواضيع المتعلقة بإعادة تشكيل مجلسي السيادة والوزراء، مشيراً إلى أن المطروح حالياً مجرد أفكار وآراء لم يتم اتخاذ قرار بشأنها بما في ذلك مقترح ما سماه "تصفير العداد" بإعادة تشكيل كل الهياكل الانتقالية من جديد والدخول في مرحلة جديدة من مراحل تحديات الانتقال الديمقراطي في السودان.