عضوية مجلس الشيوخ المصري: حصانة من المساءلة وباب امتيازات
استمع إلى الملخص
- التعيينات والهيكل السياسي: يتكون المجلس من 200 نائب منتخب و100 معين بقرار رئاسي، وتسيطر عليه أحزاب "القائمة الوطنية" المحسوبة على السلطة، ويُعتبر بوابة للنخبة السياسية رغم دوره الاستشاري.
- التحديات والانتقادات: يواجه المجلس اتهامات بالفساد المالي وعدم تمتعه بصلاحيات حقيقية، حيث أُنشئ لإرضاء رجال الأعمال والسياسيين الموالين للسلطة، مما يثير تساؤلات حول دوره الفعلي.
تعكس السعادة البادية على وجوه أعضاء مجلس الشيوخ المصري الجدد، أثناء تسلمهم بطاقات العضوية عن الفصل التشريعي الجديد (2025-2030)، أهمية هذه البطاقات، التي تمنح النائب حصانة قانونية لمدة خمس سنوات تحميه من أي مساءلة بدون موافقة المجلس، فضلاً عن الكثير من الامتيازات المالية والعينية، وفتح أبواب "البزنس" على مصراعيها، بمجرد وجوده في دائرة صنع القرار. وعلى مدى يومين، نظمت الأمانة العامة لمجلس الشيوخ بوسط القاهرة حفلاً لاستقبال النواب المنتخبين، وعددهم 200، بهدف إنهاء إجراءات استخراج بطاقات العضوية، وتسجيل بياناتهم وصورهم الشخصية، وسط ترقب لإعلان قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي
بتعيين 100 نائب آخرين، يمثلون ثلث عدد الأعضاء.منافع العضوية في مجلس الشيوخ المصري
تعد بطاقة العضوية المستند الأهم في حياة أي نائب في البرلمان، فهي بوابة عبوره بسهولة وسرعة، من المطارات والمنافذ، والكمائن الأمنية، من دون تعرض محتوياته للتفتيش كغيره من المواطنين أو المشتبه بهم. وتتيح بطاقة العضوية للنائب الحصول على مكافأة مالية تعادل الحد الأقصى للأجور بواقع 42 ألف جنيه (870 دولاراً تقريباً) شهرياً، وهي معفاة من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها، بموجب القانون.
يحظى العضو في مجلس الشيوخ المصري بامتيازات عينية كثيرة
كما يحظى العضو في مجلس الشيوخ المصري بامتيازات عينية كثيرة، منها تأمين طبي شامل له ولأسرته من الدرجة الأولى، والحصول على بطاقات مجانية سنوية لرحلات الطيران، واشتراك سفر مجاني بالدرجة الممتازة في السكك الحديدية، والحق في اقتراض مبالغ مالية تسدد من مكافأته الشهرية، بالإضافة إلى الاحتفاظ بجميع مخصصاته المالية من جهة عمله طوال مدة عضويته النيابية، واحتساب مدة العضوية في المعاش أو المكافأة. وارتفع بدل حضور الجلسة العامة لأعضاء البرلمان من 750 إلى 1000 جنيه، واجتماع اللجنة النوعية من 400 إلى 600 جنيه، بدايةً من العام المالي 2025-2026، بما يوازي أربعة أضعاف ما تقاضوه في الفصل التشريعي (2015-2020)، والذي كان يبلغ فيه بدل الجلسة 250 جنيهاً، واللجنة النوعية 150 جنيهاً.
وسجلت المخصصات المالية لمجلس الشيوخ 880 مليون جنيه في العام 2024-2025، مقارنة بنحو مليارين و175 مليون جنيه لمجلس النواب، أي ما يعادل ثلاثة مليارات و55 مليون جنيه للمجلسين معاً. وفي السنوات الأخيرة، بات شائعاً سعي رجال أعمال إلى عضوية البرلمان بغرفتيه (الشيوخ والنواب)، وانضمامهم إلى حزب موال مثل "مستقبل وطن" أو "حماة الوطن" أو "الجبهة الوطنية"، بغرض التمتع بالحصانة النيابية في مواجهة المساءلة القانونية.
ورغم القيود المشددة على ملاحقة الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن الآونة الأخيرة شهدت ملاحقة عدد من النواب الذين شابهم الفساد المالي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، تلقت الأجهزة الأمنية في مديرية أمن القاهرة إخطاراً من كمين شرطة "15 مايو"، يفيد بضبط سائق النائب عيد حماد وبحوزته كمية كبيرة من المخدرات، ومبلغ مالي يقدر بـ70 ألف دولار أميركي، ومحاولة الأخير الاستيلاء على السيارة المحرزة بعد وصوله، وتعديه بألفاظ نابية على أفراد الكمين، مستنداً إلى حصانته النيابية، ثم الفرار بالسيارة هارباً من دون تحريز المضبوطات. واستطاع حماد الإفلات من العقاب إثر تقديمه اعتذاراً مكتوباً إلى وزير الداخلية اللواء محمود توفيق، حيث أحالت النيابة العامة عدداً من المتهمين إلى المحاكمة في القضية، من دون إدراج اسم النائب. ولم تتخذ أي إجراءات قانونية حيال حماد في الواقعة.
فازت أحزاب "القائمة الوطنية" المحسوبة على السلطة بنسبة 100% من مقاعد المجلس
ورغم الهيبة التي يتعامل بها كل من يحمل بطاقة عضوية الغرفة الثانية من البرلمان فإن مجلس الشيوخ المصري لا يتمتع بأي صلاحيات تشريعية أو رقابية حقيقية، فدوره استشاري، حيث أنشئ بموجب تعديلات الدستور عام 2019، بغرض إرضاء ومجاملة أكبر عدد من رجال الأعمال والسياسيين والإعلاميين الموالين للسلطة. وتعد بوابة البرلمان مدخلاً مهماً لكبار الموظفين، الذين يتحولون مع الوقت إلى نخبة سياسية، وأصحاب ثروات، وعادة ما يسعون إلى عضوية مجلس الشيوخ المصري بالتعيين بقرار رئاسي، سواء كانوا أعضاءً في أحزاب موالاة، أو أخرى محسوبة على المعارضة، أو من الشخصيات العامة.
تعيين أعضاء في المجلس
وذكر مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، أن قائمة التعيينات في مجلس الشيوخ المصري ستشمل كلاً من نقيب الأطباء أسامة عبد الحي، ونقيب المحامين عبد الحليم علام، ونقيب الصحافيين خالد البلشي، والرئيس السابق لمجلس إدارة صحيفة "اليوم السابع" أكرم القصاص، بالإضافة إلى رئيس حزب "الوفد الجديد" عبد السند يمامة، ورئيس حزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" فريد زهران، ورئيس حزب "الشعب الجمهوري" حازم عمر، ورئيس حزب "مصر الحديثة" وليد دعبس، ورئيس حزب "الجيل الديمقراطي" ناجي الشهابي. وأضاف المصدر أن المستشار عصام الدين فريد، رئيس محكمة جنايات أمن الدولة العليا سابقاً، والفائز بمقعده عن حزب "مستقبل وطن" في محافظة المنيا، هو المرشح الأوفر حظاً لتولي رئاسة مجلس الشيوخ خلفاً للمستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المحكمة الدستورية السابق، الذي شغل المنصب في عام 2020 مكافأة له على إصداره حكم بعدم الاعتداد بأحكام مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة، في شأن بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، التي تنازلت بموجبها مصر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
يذكر أنّ أحزاب "القائمة الوطنية" المحسوبة على السلطة فازت بنسبة 100% من مقاعد مجلس الشيوخ المصري إذ حافظ "مستقبل وطن" على كونه حزباً للأغلبية بإجمالي 104 مقاعد بنسبة 52%، يليه "حماة الوطن" بـ44 مقعداً بنسبة 22%، ثم "الجبهة الوطنية" بـ22 مقعداً بنسبة 11%، و"الشعب الجمهوري" بـ10 مقاعد بنسبة 5%. وحصلت باقي أحزاب القائمة مجتمعة على 20 مقعداً بنسبة 10%، جميعها على نظام القائمة المغلقة، وهي على الترتيب: "المصري الديمقراطي" بخمسة مقاعد، و"الإصلاح والتنمية" و"العدل" بأربعة مقاعد لكل من الحزبين، و"الوفد" و"التجمع" على مقعدين لكل منهما، و"المؤتمر" و"الحرية" و"إرادة جيل" على مقعد واحد لكل حزب.