عصابات في سورية تسيطر على الطرق ليلاً.. والمؤسسات تعود ببطء

11 ديسمبر 2024
عناصر إدارة العمليات العسكرية يتفقدون السيارات في دمشق، 11 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد السويداء تصاعدًا في العنف مع تزايد نشاط العصابات المسلحة، مما يهدد السلم الأهلي ويعيد الفوضى الأمنية السابقة، حيث قُتل مدني وجُرح آخر وتعرضت عائلات للسطو.
- تحاول الفصائل المحلية مثل "لواء الجبل" حماية المؤسسات، لكن انتشار الأسلحة والهجمات الانتقامية يعقد الوضع، مما يبرز الحاجة إلى سلطة قوية لفرض النظام.
- تعاني مناطق درعا والسويداء من فراغ قضائي وأمني، مما يسهم في الفلتان الأمني، مع محاولات الناشطين لإدارة المؤسسات وسط غياب السلطة الناظمة وانتشار الأسلحة بين الشباب.

قتل مدني وجرح آخر، قبل منتصف ليل أمس الثلاثاء، على طريق دمشق - السويداء في سورية، فيما سلبت عصابة مسلحة بنفس المكان عائلات عائدة من دمشق، وسط نداءات لتجنب استخدام طريق دمشق - السويداء ليلاً. وعلى الرغم من انحسار الأعمال الأمنية والنزاعات المسلحة في جنوب سورية خلال الأيام القليلة التي تلت سقوط النظام السوري، وخاصة في محافظتي درعا والسويداء، إلا أن أحداث فردية تذكّر بفترة وجود السلطات الأمنية، قد بدأت تُنذر بأخطار تمادي عصابات السطو والإجرام في غياب قوة رادعة، وتهديد السلم الأهلي من جديد.

وشهدت محافظة السويداء يوم أمس أكثر من اعتداء على مركبات تقلّ مواطنين في حادثتين منفصلتين على الطريق الواصل من دمشق إلى السويداء، أدتا إلى سقوط أحد الضحايا وجرح آخر. وبالتزامن، كانت مجموعة مسلحة تهاجم بالأسلحة الرشاشة منزل "ناصر السعدي" تاجر المخدرات المعروف والمتزعم لعصابة أمنية كانت تتبع لفرع الأمن العسكري في مدينة صلخد، وتحرق المنزل بعد خروج أفراد العائلة وهروبه خارج المدينة. وكانت مجموعات مسلحة أخرى تحاصر بلدة أم ولد في ريف درعا الشرقي استعداداً لاقتحام البلدة واعتقال محمد الرفاعي متزعم إحدى المليشيات التي كانت تتبع للأفرع الأمنية.

وتؤكد مصادر "العربي الجديد" هروب العديد من قادة وأفراد العصابات المحلية أو الاختفاء ضمن المنطقة، إلا أن العديد من الفصائل المسلحة والأفراد في الجنوب وجدت الفرصة السانحة للانتقام أو المحاسبة، وحتى للاعتداء والسطو والسرقة، مما يُنذر باتجاه جديد للعنف والسلاح ويبعث على الخوف والقلق لدى الأهالي الذين باتت خبرتهم كبيرة في معرفة زمن الفوضى، في الوقت الذي تسابق فيه القيادة الجديدة الزمن لنشر قواتها في المحافظات الشرقية ومدينة دمشق، وسط تخوف من مناطق الجنوب التي لم تنضبط تحت أي راية خلال السنوات العشر الماضية، واستمرت في استنزاف الأهالي وبسط حالة من الذعر والخوف الدائمين.

يقول شكيب عزام، قائد فصيل "لواء الجبل": "لقد حاولنا جاهدين منذ الساعات التي تلت سقوط النظام حماية المؤسسات والمرافق العامة والأسواق التجارية، واستطعنا وقف الكثير من حالات الفلتان والاعتداء، ولكن لم نستطع أن نوقف حالات الاعتداء والنهب التي طاولت المواقع العسكرية أثناء قتالنا معها ليلة سقوطها، وهذا أدى إلى نهب مخازن السلاح الفردي التي لا يمكن إحصاؤها، مما أدى لوصول كل أنواع الأسلحة إلى مجموعات كانت مهيأة لهذا الحدث"، مضيفا لـ"العربي الجديد": "المشكلة الأكبر أن هذا السلاح وصل لأيدي أفراد وعصابات متمرسة على السطو والسرقة، ولا يمكن ردعها دون وجود سلطات قوية ومسؤولة تستطيع التعامل معها بالنظام والقانون".

وقال عزام: "نحن مع شركائنا في غرفة العمليات ومع الأهالي استطعنا حتى الآن حماية المؤسسات العامة والأملاك الخاصة، كلُ في قطاعه، فلم نتلقَ حتى الآن أي شكوى من سرقة تطاول منازل المواطنين أو محالهم التجارية، بما فيها المغلقة الخاصة بالمغتربين والمهاجرين".

وكانت مجموعة تتبع لفصيل شيخ الكرامة من أبناء مدينة صلخد جنوبي السويداء قد هاجمت ليلة أمس الثلاثاء منزل ناصر السعدي وأحرقته انتقاماً لتسليمه عدد من أفراد الفصيل للأمن العسكري قبل أربع سنوات، حيث أعلن أهالي الشبان الأربعة عن موت أبنائهم يوم أمس في سجن صيدنايا بعد الإعلان عن انتهاء أعمال البحث في السجن.

وفي هذا الشأن، أبدى الناشط المدني ناظم سلوم تخوفه من الأعمال الانتقامية والدخول في مرحلة جديدة من النزاعات والعنف، مشيراً إلى وجود أسلحة رشاشة بأيدي يافعين وأطفال عايشوا هذه المرحلة من زمن الحرب السورية وتربوا على حالة من الانفلات الأمني وأحداث العنف، في وقت غابت عنه السلطة الناظمة والتربية الصحيحة. ونبه سلوم في حديث لـ"العربي الجديد" من استمرار حالة الفراغ في الضابطة العدلية والقضاء، معتبراً أنها المقدمة الملحة لضبط الفلتان الأمني في المحافظة. وشدد على أن مناطق درعا والسويداء قد عاشت حالة من الفلتان الأمني صنعها النظام المخلوع، وأدت إلى تمرس العديد من أبناء الجنوب على استخدام السلاح وعلى العنف.

في هذه الأثناء، كانت محافظتي درعا والسويداء تسيّر شؤون مؤسساتها العامة بنفس الكوادر الموجودة سابقاً، باستثناء تبديل البعض من مديري المؤسسات الذين عُرفوا بولائهم المطلق لحزب البعث واستقووا على المواطنين في سنوات عملهم الماضية، حيث شكل عدد من الناشطين مجموعات منتخبة تدير شؤون بعض المؤسسات الخدمية، فيما بات القضاء بيد عدد من القضاة الذين عُرفوا بنظافة اليد والنزاهة.