استمع إلى الملخص
- يواجه إمام أوغلو قضيتين رئيسيتين: الفساد وتفاهمات غير رسمية بين حزب الشعب الجمهوري وحزب ديم الكردي، مع سجن بعض المقربين منه واعتراض النيابة العامة على عدم سجنه في قضية الإرهاب.
- شهدت تركيا تظاهرات واسعة احتجاجاً على اعتقال إمام أوغلو، مع دعوات من حزب الشعب الجمهوري للتظاهر، وسط توقعات بترشيحه للرئاسة رغم التحديات القانونية.
أعلنت وزارة الداخلية التركية، اليوم الأحد، عزل رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو عن منصبه بعد صدور قرار بسجنه في وقت سابق من اليوم بتهم تتعلق بالفساد والرشوة والتجاوزات المالية.
وأصدرت وزارة الداخلية بياناً جاء فيه أن القرار اتخذ وفق المادة 127 من الدستور التركي والقانون 5393 الناظم للبلديات المادة 47. وفي السياق نفسه، تم عزل رئيس بلدية منطقة بيليك دوزو في إسطنبول محمد مراد تشالك أيضاً بعد صدور قرار سجنه اليوم وفق المواد القانونية نفسها. كما عزلت وزارة الداخلية رئيس بلدية منطقة شيشلي رسول إمره شاهان، بسبب سجنه بتهم تتعلق بالإرهاب وفق القوانين نفسها. وجرى تعيين قائم مقام المنطقة جودت إرتوركمن وصياً على البلدية.
ورؤساء البلديات الثلاثة يتبعون لحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة، وينتظر أن تحدد وزارة الداخلية موعداً لاحقاً لاختيار رئيس بلدية جديد لإسطنبول عبر المجلس البلدي، فضلاً عن رئيس بلدية جديد لمنطقة بيليك دوزو وفق مجلس بلدية المنطقة، في حين ستبقى بلدية شيشلي بيد القائم مقام لأن عملية العزل كانت بتهم متعلقة بالإرهاب. وفي السياق، نقل رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام واغلو والموقوفين الذين صدرت بهم أحكام بالسجن إلى سجن مرمرة في منطقة سيلفري بإسطنبول.
ويواجه إمام أوغلو قضيتين، الأولى تتعلق بالفساد، وتشمل "تأسيس شبكة إجرامية"، و"عضوية منظمة إجرامية"، و"الرشوة"، و"الاحتيال"، و"الابتزاز"، و"الفساد في المناقصات"، و"الحصول على معلومات شخصية بطرق غير قانونية". والقضية الثانية، هي "تفاهمات المدينة" التي عقدت بين حزب الشعب الجمهوري وحزب ديم الكردي بشكل غير رسمي خلال الانتخابات المحلية التي جرت قبل عام، بتبادل المرشحين في مناطق مختلفة من تركيا.
وضمن القضية نفسها، صدرت قرارات بسجن موقوفين آخرين من المقربين من إمام أوغلو، منهم مستشاره الإعلامي مراد أونغون وعلي إيلبال وعلي نوح أوغلو وآدم تونجاي وأحمد كوكسل، فضلاً عن مديرين في بلدية إسطنبول من مثل بوغرا غوكجة ومراد عباس ورجال الأعمال تونجاي يلماز وسردار هايدانلي وآخرين.
وفي الوقت نفسه، أفرج عن عدد من الموقوفين على هامش القضية، فيما يستمر صدور الأحكام في بقية المعتقلين. وخلال الليل، حصلت مناوشات بين نواب من حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه إمام أوغلو وقوى الأمن في القصر العدلي بإسطنبول.
وفي إطار الدعوى الثانية بحق إمام أوغلو والمتعلقة بالإرهاب، قضت المحكمة بعدم سجن إمام أوغلو، رغم وجود أدلة قوية ضده، وهو ما دفع النيابة العامة في إسطنبول إلى الاعتراض على هذا القرار. ومقابل عدم سجن إمام أوغلو بقضية الإرهاب، قضت المحكمة بسجن رئيس بلدية شيشلي رسول إمره شاهان وآخرين. وينتظر أن يتم نقل إمام أوغلو إلى سجن منطقة سيلفري بإسطنبول.
وبناء على القرارات الحالية، زالت مسألة تعيين وصي قانوني من الحكومة على بلدية إسطنبول، لأن التوقيف كان بتهمة الفساد، فيما سيتم اختيار رئيس بلدية جديد من قبل مجلس البلدية نفسه، في وقت ينتظر فيه تعيين وصي قانوني المعروف باسم "قيوم" في تركيا على بلدية شيشلي. ومن الواضح أن عزل إمام أوغلو عن البلدية وتعيين عضو من المجلس الذي يسيطر عليه حزب الشعب الجمهوري سيساهم في تهدئة المعارضة والحزب المعارض.
وأكد رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال، في تصريح صحافي، أهمية عدم تعيين وصي على بلدية إسطنبول التي تعد من أهم البلديات في تركيا، عقب تصويته في انتخابات داخلية لاختيار إمام أوغلو مرشحاً رئاسياً لحزب الشعب الجمهوري. وقال: "أكرم إمام أوغلو الآن في طريقه إلى السجن، لكنه أيضاً في طريقه إلى الرئاسة، الشعب يقربه من قصر تشانكايا (الجمهوري السابق)". وأضاف: "سنقدم التماساً بالإفراج عنه، ومن المهم أيضاً استبعاد إمكانية تعيين وصي على بلدية إسطنبول الكبرى". وخلال الفترة المقبلة ستعد النيابة العامة مذكرة الدعوى، وهو ما يعني أن سجن إمام أوغلو قد يطول، في وقت باتت إمكانية ترشحه لأي انتخابات رئاسية مقبلة أمراً صعباً، خاصة بعد إلغاء شهادته الجامعية قبل أيام.
أكرم إمام أوغلو بعد أمر احتجازه: لن أستسلم
إلى ذلك، قال أكرم إمام أوغلو إنه لن يستسلم بعد أن أمرت محكمة باحتجازه على ذمة المحاكمة في إطار تحقيق يتعلق باتهامات بالفساد. وأضاف في منشور على منصة إكس "اليوم قريب وسيُحاسب القائمون على هذه العملية أمام الخالق العظيم في الدنيا والآخرة، أدعو أبناء الشعب البالغ عددهم 86 مليوناً إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع وإعلان نضالهم من أجل الديمقراطية والعدالة للعالم أجمع". وشدد "أقف شامخاً، ولن أنحني أبداً، كل شيء سيكون رائعاً".
وكانت مصادر من حزب الشعب الجمهوري قد توقعت، في حديث مع "العربي الجديد"، في وقت سابق من اليوم، أن يُطلَق سراح إمام أوغلو ليتابع المحاكمة طليقاً، لـ"تهدئة الشارع التركي المنتفض"، وتحقيق غاية "إبعاده عن الترشح للانتخابات الرئاسية". كما لم تستبعد المصادر في الوقت تفسه تجريم رئيس بلدية إسطنبول وحظره عن ممارسة السياسية مدة خمس سنوات بسبب القضايا والتهم الموجه إليه، ما قد يبدد حلم إمام أوغلو بالترشح لمنصب رئيس الدولة، بعد سحب الشهادة الجامعية باعتبارها شرطاً ضمن شروط الترشح للمناصب النيابية والتنفيذية، وفق القانون التركي، مؤكدة أن الحزب سيستأنف أي حكم يجرّم إمام أوغلو، وسيطعن فيه.
وشهدت ولايات أنقرة وإزمير وإسطنبول تظاهرات حتى فجر اليوم، تخللت بعضها صدامات مع رجال الأمن واستخدام الشرطة الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق المتظاهرين. واستمرت التظاهرات واحتشاد أتراك أمام بلدية إسطنبول استجابة لدعوة زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال لتجمع المتظاهرين في محيط مبنى البلدية في سراج خانة، في حين أُغلق بعض الطرق المؤدية إلى شارع وطن وجميع الطرق المؤدية إلى قصر العدل في تشاغليان، بهدف منع أي تجمعات قد تعرقل سير العملية القضائية أو تؤدي إلى اضطرابات، بحسب وزارة الداخلية التركية.
وفيما زادت حدة المواجهات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة التركية بعد رش أحد أفراد الشرطة بالأسيد ورمي بعض الزجاجات الحارقة، توعد وزير الداخلية علي يرلي كايا بعدم السماح باستمرار الفوضى، مؤكداً، خلال تصريح ليل أمس، القبض على 323 شخصاً من المتظاهرين الذين واجهوا الشرطة قائلاً: "لن نسمح بأي محاولات للمساس بالنظام العام"، مضيفاً أن السلطات لن تتهاون في مواجهة أي تهديد للنظام العام أو أي محاولة إثارة الفوضى.
في الأثناء، بدأت، اليوم الأحد، عملية التصويت الداخلي لدى حزب الشعب الجمهوري لانتخاب مرشح رئاسي للانتخابات الرئاسية. وصوتت ديلك إمام أوغلو، زوجة إمام أوغلو، في صندوق اقتراعي في منطقة بيليك دوزو، قبل أن تذهب مع رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال إلى القصر العدلي في إسطنبول. وكان من المقرر أن يعلن حزب الشعب الجمهوري خلال أيام أن أكرم إمام أوغلو (54 عاماً) سيكون مرشحه في الانتخابات الرئاسية.
وحول البديل للمعارضة وحزب الشعب الجمهوري لينافس خلال الانتخابات الرئاسية عام 2028، اكتفت مصادر من الحزب بالقول لـ"العربي الجديد" إن خيارات الحزب كثيرة وأهمها رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، "ولكن لا يزال رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو هو مرشح الحزب والمعارضة الوحيد".