عراقجي عقب لقائه لافروف: لن نتفاوض مباشرة مع أميركا تحت التهديد

25 فبراير 2025
عراقجي مستقبلاً لافروف في طهران، 25 فبراير 2025 (رويترز)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تناولت المباحثات الإيرانية الروسية العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، حيث أكد عباس عراقجي على عدم التفاوض المباشر مع الولايات المتحدة وناقش الطرفان البرنامج النووي الإيراني والمواقف المشتركة بشأن الملف السوري.
- شدد سيرغي لافروف على عدم شرعية العقوبات الأحادية وأهمية التنسيق بين البلدين في الأمم المتحدة، مؤكداً على سلامة الأراضي السورية وداعياً لحل مشاكل الشرق الأوسط وفق قرارات الأمم المتحدة.
- زيارة لافروف تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي ومناقشة الملفات الإقليمية والدولية، وسط تكهنات بحمله رسائل أمريكية، رغم استخدام قنوات تقليدية لهذا الغرض.

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي يزور طهران، اليوم الثلاثاء، إن المباحثات بين الطرفين كانت "جيدة وبناءة وتفصيلية"، وشملت طيفاً واسعاً من الملفات على مختلف المجالات، في العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية. كما أكد أنه "لن يكون هناك تفاوض مباشر بين إيران وأميركا مادامت سياسة الضغوط القصوى مستمرة"، مضيفاً: "لن نتفاوض تحت التهديد والضغط والعقوبات"، ولفت إلى أن مباحثاته مع لافروف تناولت البرنامج النووي الإيراني، و"أجرينا مشاورات وثيقة، وفرق عملنا على اتصال مستمر، وسنواصل هذه المشاورات".

وأضاف عراقجي أن روسيا وإيران تربطهما "مواقف متقاربة" بشأن الملف السوري، مؤكداً أن إيران "تريد استقرار سورية والحفاظ على وحدة أراضيها واحترام حق شعبها في تقرير مصيره، وتدعم استمرار وقف إطلاق النار في لبنان، وتطالب بضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل منه". وشدد على أن طهران "تدعم محور المقاومة في المنطقة وستواصل هذا الدعم"، مشيراً إلى أنه بحث مع لافروف المشروع الأميركي لتهجير سكان غزة "وهو مشروع مدان إيرانياً".

من جهته، قال لافروف إن مباحثاته مع عراقجي كانت "مفصلة ومفيدة"، مشيراً إلى أنهما تباحثا بشأن القضايا الدولية والإقليمية أيضاً و"أكدنا عدم شرعية العقوبات الأحادية، واتفقنا على المزيد من التنسيق بين البلدين في الأمم المتحدة ومجموعة بريكس". وأضاف لافروف أنهما بحثا أيضاً الاتفاق النووي، معتبراً أنه "ما زالت هناك فرصة دبلوماسية يجب استغلالها. ونحن نأمل أن يتم إيجاد حل. وهذه الأزمة لم تتسبب إيران بها".

كما أكد لافروف أهمية سلامة الأراضي السورية ووحدة شعبها، ودعا إلى الانتظار لمعرفة نتائج المؤتمر الوطني السوري وأهداف الحكومة السورية، وقال إن الاشتباكات ما زالت مستمرة في بعض المناطق "ونحن ندعم الهدوء" في سورية. وقال وزير الخارجية الروسي إن مشاكل الشرق الأوسط لا سيما القضية الفلسطينية يجب أن تحل على أساس قرارات الأمم المتحدة، مقدماً الشكر لإيران على موقفها "المتوازن" من الحرب في أوكرانيا.

وكان لافروف وصل إلى طهران، اليوم الثلاثاء، وعقد محادثات مع مسؤولين إيرانيين، على رأسهم وزير الخارجية عباس عراقجي. وجاءت زيارة لافروف بعد أيام من بدء موسكو محادثات مع الولايات المتحدة بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا. كما تأتي هذه الزيارة بعد ساعات من مباحثات أجراها لافروف، أمس الاثنين، في تركيا مع نظيره التركي هاكان فيدان.

وفي وقت سابق، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إنّ لافروف سيزور إيران لإجراء محادثات مع نظيره الإيراني. وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقايي، قد قال، السبت الماضي، إنّ هذه الزيارة تأتي في إطار المشاورات المستمرة بين البلدين بشأن العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية، مضيفاً أنّ لافروف سيجري مباحثات مع عراقجي ومسؤولين إيرانيين آخرين للتباحث بشأن آخر مستجدات العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية.

وقال السفير الإيراني لدى روسيا، كاظم جلالي، إنّ مباحثات لافروف في طهران تهدف إلى "تعزيز التعاون الوثيق وتعميق الحوار والمشاورات على المستوى الرفيع بشأن طيف متنوع من المواضيع  المتصلة بالعلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية التي تكتسب أهمية في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى".

من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "تسنيم" أنّ الزيارة تأتي لمناقشة الملف السوري والتطورات الإقليمية بعد إسقاط نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث كانت روسيا وإيران تعتبران الحليفين الأقوى له. وقالت الخارجية الروسية، الثلاثاء، إن لافروف وعراقجي سيبحثان ملفات إقليمية بما فيها سورية واليمن والتسوية في المنطقة، فضلاً عن تطورات الاتفاق النووي بشأن برنامج إيران النووي.

وتأتي زيارة لافروف بعد استئناف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطبيق سياسة الضغوط القصوى على إيران، مطلع فبراير/شباط الجاري، وتهدف هذه العقوبات إلى وقف صادرات النفط الإيرانية، والسعي إلى "إعادة فرض" عقوبات الأمم المتحدة على إيران. وفي هذا الإطار أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الاثنين، فرض عقوبات على أكثر من 30 شخصاً وسفينة، لدورهم في بيع المنتجات النفطية الإيرانية ونقلها في إطار ما يُطلق عليه "أسطول الظل" التابع لطهران.

وكانت تقارير صحافية أميركية قد تحدثت منذ نحو أسبوعين عن تقديرات لأجهزة المخابرات الأميركية بأن تشن إسرائيل هجوماً على إيران بحلول منتصف العام؛ بهدف تعطيل البرنامج النووي الإيراني لأسابيع أو أشهر، محذرة من أن تصعيد التوتر في المنطقة قد يؤدي لاندلاع صراع أوسع نطاقاً.

خبير إيراني: زيارة لافروف مهمة وتحمل رسائل

وقال الخبير الإيراني في الشأن الروسي، مهدي خرسند لـ"العربي الجديد"، إن ما يعطي زيارة لافروف أهمية أنها تأتي بعد مباحثات روسية وأميركية وكذلك زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى طهران، الأسبوع الماضي. وأضاف خرسند أن وزير خارجية روسيا سيبحث خلال الزيارة إلى جانب العلاقات الثنائية والملفات الإقليمية، موضوع المفاوضات الإيرانية الأميركية، مرجحا أن يحمل الوزير الروسي "رسالة أميركية" بهذا الشأن إلى الجانب الإيراني. وأوضح الخبير أن الرئيس الأميركي يسعى إلى إغلاق ملفي الحرب الأوكرانية والملف النووي الإيراني خلال 2025 لـ"التركيز على الصين".

وتابع أن "الأميركيين وصلوا إلى قناعة بضرورة التضحية بأوكرانيا وتقديم امتيازات لروسيا"، لافتا إلى أنهم يرنون إلى تحقيق "أهداف متعددة" من خلال مغازلة موسكو و"أحد الأهداف هو استغلال علاقات روسيا وتعاونها الواسع مع إيران" لاحتواء السلوك الإيراني و"تنظيم العلاقات الإيرانية الأميركية".

وأكد خرسند أن الإدارة الأميركية "وضعت ملفي البرنامج النووي والسياسات الإقليمية الإيرانية نصب أعينها" تجاه إيران، مشيرا إلى أنه بعد زيارة أمير قطر وما حمله من رسائل أميركية وإجابات عليها، "على الأغلب سينقل لافروف رسائل أميركية بشأن هذه الملفات".

من جانبه، قال الخبير الإيراني في العلاقات الروسية الإيرانية، شعيب بهمن لـ"العربي الجديد" إن الزيارات والمشاورات بين الطرفين لطالما تمحورت حول ثلاثة محاور مهمة، الأول هو العلاقات الثنائية وبحث سبل تطويرها، والثاني هو تناول القضايا الإقليمية والدولية، فيما يتعلق الثالث ببحث قضايا دولية متصلة بالطرفين، منها الملف النووي الإيراني.

ولا يستبعد شعيب أن يكون لدى الروس مبادرة أو مقترح بشأن الملف النووي، قائلاً: "إن صح ذلك فيجب الانتظار لطرحه ثم دراسته في إيران"، مستبعدا في الوقت ذاته أن يحمل وزير الخارجية الروسي رسالة أميركية إلى طهران، إذ أن لدى الأميركيين قنوات تقليدية لإرسال هذه الرسائل وهي عُمان وقطر وسويسرا، مشيراً إلى أنه في ظل هذه القنوات "لا حاجة أميركية إلى توسيط الروس" لا سيما أن الموقف الرسمي معروف لدى الأميركيين، فعندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 نال موقفه هذا "إدانة روسية شديدة".

وأعلن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، مطلع الشهر الجاري، رفضه إجراء أي تفاوض مع الإدارة الأميركية حالية، قائلاً إن التجربة أثبتت أن التفاوض مع الولايات المتحدة "ليس ذكياً ولا مشرفاً ولا حكيماً"، وإن المفاوضات مع الولايات المتحدة "لن تحل مشاكل إيران".

المساهمون