استمع إلى الملخص
- يوضح ياسر أبو كشك أن الجنود فتشوا المنازل بدقة واستخدموا طائرات درون لمراقبة التحركات، مجبرين العائلات على السير تحت حراسة مشددة، بهدف كسر صمود الفلسطينيين.
- أشار عاصم منصور إلى تجريف البنية التحتية وتخريب شبكات المياه والكهرباء، مما أدى إلى أزمة حادة، مع منع دخول الجهات الإغاثية، مما يزيد من معاناة السكان.
لم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلي بإجبار عشرات العائلات في مخيم الفارعة جنوب طوباس، شمالي الضفة الغربية على النزوح من منازلهم ومغادرتها بالقوة تحت تهديد السلاح، بل حولت المنازل ثكناتٍ عسكرية، فيما أدى جنودها صلوات تلمودية في تلك المنازل، في سياق عدوان وحصار متواصل لليوم العاشر على التوالي.
ويقول ياسر أبو كشك، أحد النازحين من مخيّم الفارعة في حديث لـ"العربي الجديد"، "إن جنود الاحتلال أدوا طقوساً تلمودية في المنزل، بعد أن أجبروه وعائلته المكوّنة من أربعة أفراد على ترك المنزل من دون اصطحاب حاجاتهم الشخصية". ويروي أبو كشك ما جرى معهم بعد فجر أمس السبت، قائلاً: "تعرضت الحارة الشمالية للمخيم المعروفة بحيّ أبو كشك إلى هجمة غير مسبوقة من قوات الاحتلال بأعداد كبيرة، وبدأوا عبر مكبرات الصوت تحذيرنا من البقاء في المنازل بعبارات غير واضحة، فُهم منها كلمة اخرجوا، وغادروا الآن، وعندما رفض السكان الرضوخ لهذه التهديدات، اقتحموا كل منزل على حدة بأكثر من 200 جندي، وأجبروا الأهالي على الخروج من دون السماح لهم بأخذ أي من مقتنياتهم".
ويتابع أبو كشك: "قبل الخروج، شرعوا في تفتيش منزلنا بدقة، وتفتيش هوياتنا الشخصية، ثم أدخلوا طائرة درون إلى المنزل لمراقبة تحركاتنا قبل إخراجنا. أجبرونا على خلع جزء من ملابسنا، ثم أرغمونا على السير في مسار محدد، حيث انتشر مئات الجنود على امتداده. خرجنا من المنطقة وكنا نحو 10 عائلات، جميعنا أقارب من عائلة أبو كشك ولم يُسمح لنا بأخذ أي شيء من ممتلكاتنا".
وبحسب أبو كشك، فإن هدف الاحتلال من العملية الجارية هو "كسر صمود الناس في مخيّماتهم، ضمن خطوات التهجير التي تستهدف الفلسطينيين، لا سيّما في مناطق شمال الضفة". في حين قال رئيس اللجنة الشعبية في المخيم، عاصم منصور لـ"العربي الجديد"، إن قوات الاحتلال أجبرت نحو 200 عائلة حتى اللحظة على مغادرة منازلها (أي قرابة ألف لاجئ) وسط استمرار عمليات الإخلاء بعد اقتحام المنازل المستمر دون توقف.
ويشير منصور إلى أن "أعداد جنود الاحتلال كبيرة ولا يمكن حصرها، إذ نصب الجيش نقاطاً عسكرية وحواجز في مختلف المناطق المحيطة، حتى بات الدخول والخروج من المخيم مستحيلاً". ويقول: "في بداية الاقتحام، شرعت جرافات الاحتلال بتجريف البنية التحتية على نطاق واسع، وبلغ عمق التجريف في بعض المناطق مترين. أما القوات المقتحمة، فكان معظمها من جنود المشاة الذين وصل عددهم إلى أكثر من 500 جندي".
وإثر الاقتحام، ما تزال أزمة انقطاع الماء والكهرباء مستمرة في المخيم، إذ جرى تخريب شبكات المياه، ما دفع العائلات إلى مغادرة المخيم فور فتح ممر آمن بحثاً عن الطعام والماء، فالأسر تعاني من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية، ولا سيّما أن الخدمات اللازمة والطبيعية قطعت منذ الأيام الثلاثة الأولى للاقتحام نظراً لتخريب خطوط المياه تماماً، وتدمير شبكات الكهرباء، وفق منصور.
ويلفت رئيس اللجنة الشعبية في المخيم إلى أن قوات الاحتلال أبلغت الأهالي بأن الحصار طويل الأمد (من دون تحديد وقت)، كما أعطى الاحتلال مهلة للخروج عبر رسالة وصلت إلى الجهات المعنية (الارتباط الفلسطيني)، بأنه سمح للأفراد أن يغادروا المخيم عبر الممر الوحيد عند مدخله الشرقي بين الساعة التاسعة صباحاً والثالثة عصراً.
وبالفعل، أجبر الأهالي على مغادرة المخيم وكانوا يتوجّهون إلى منازل ومدارس مخصصة للنزوح في مدينة طوباس، أو عند أقارب لهم، أو عند دواوين عائلات طوباس. ويمنع الاحتلال أيّ جهة حتى لو كانت إغاثية من دخول المخيم، حيث يقول منصور: "لا يسمح لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بالدخول لإغاثة الناس، أو لجهاز الدفاع المدني، حتى إن حالة وفاة منذ عدّة أيام يمنعنا الاحتلال من الدفن، وما زالت في ثلّاجات الموتى، لأنه يمنع التحرك أو الدخول والخروج من المخيم".
ويقطن في مخيّم الفارعة نحو ثمانية آلاف نسمة، ويتخوّف سكّانه من ازدياد أعداد النازحين منه؟، وأن يصبح مصيره كما جرى في مخيّم جنين من تدمير وحرق المنازل وقصفها. وأشار منصور إلى أنه بات من الصعب متابعتهم للأوضاع في المخيم بدقة بسبب الانتشار المكثف لقوات الاحتلال التي تمنعهم من الحركة والقيام بواجباتهم.