عام على العدوان الإسرائيلي على لبنان... الحرب لم تنته
استمع إلى الملخص
- شهد لبنان تغييرات سياسية بانتخاب العماد جوزاف عون رئيساً وتشكيل حكومة برئاسة نواف سلام، مع التركيز على حصرية السلاح بيد الدولة وتقليص سلطة حزب الله، بينما كثف الجيش عمليات مكافحة المخدرات وسحب السلاح.
- ارتكبت إسرائيل 7753 اعتداءً، مستهدفةً مباني سكنية ومدارس ومستشفيات، بينما نفذ حزب الله آلاف العمليات العسكرية. دعت المحامية غيدة فرنجية إلى توثيق الاعتداءات والانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية.
تمرّ اليوم الثلاثاء الذكرى الأولى على توسّع العدوان الإسرائيلي على لبنان في 23 سبتمبر/أيلول 2024، عندما شنّ جيش الاحتلال هجمات واسعة على الجنوب والبقاع وبعلبك، ما أسفر عن سقوط أكثر من 490 شهيداً وما يزيد عن 1600 جريح في يوم واحد، قبل أن يتغول الاحتلال ويحوّل عدوانه إلى حرب مفتوحة استمرت شهرين وأربعة أيام، قبل أن يجرى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. لكن، اليوم، وبعد عام من بدء العدوان الواسع، تبدو الحرب وكأنها لم تتوقف، في ظل اعتداءات جيش الاحتلال اليومية، فيما يبقى احتمال تكرار العدوان واسع النطاق قائماً، في ظلّ ضرب إسرائيل عرض الحائط اتفاق وقف إطلاق النار الذي التزم به حزب الله بعدما تجاوزت خروقاتها له الـ4500. وتتمسّك إسرائيل، وبضوءٍ أخضر أميركي، بهدف إنهاء حزب الله عسكرياً، بعدما أضعفته الحرب وخسر أبرز قياداته في مختلف الصفوف، على رأسهم أمينه العام حسن نصر الله
.كذلك ترفض إسرائيل الانسحاب من المناطق الخمس المحتلة، وهي تلة الحمامص وتلة العويضة وجبل بلاط وجبل اللبونة والعزية، مانعةً الجيش اللبناني من الانتشار فيها، إلى جانب محاولاتها بالنار فرض منطقة عازلة على الحدود ومنع أهالي نحو 30 إلى 40 قرية في الخط الأمامي من العودة إليها، واستئناف الحياة فيها، وأبرز تلك القرى كفركلا والعديسة والوزاني وحولا وميس الجبل وعيترون ومارون الراس ويارون والضهيرة. وتعمل إسرائيل على نسف المنازل في القرى الحدودية، مع تنفذيها غارات متواصلة بذريعة منع حزب الله من إعادة بناء قدراته، على غرار ما حصل أول من أمس في بنت جبيل، حين استهدفت أحد عناصر حزب الله، لكن الاغتيال انتهى بمجزرة راح ضحيتها خمسة شهداء، وهم أب وثلاثة من أطفاله وعنصر من حزب الله، فضلاً عن جرح الوالدة وآخرين.
غيدة فرنجية: على لبنان توثيق الاعتداءات والبحث في الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية
وطيلة العام الماضي حصلت متغيّرات عدة في لبنان والمنطقة، لعلّ أبرزها انتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للبلاد بعد شغور طويل منصب الرئاسة منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر 2022، وذلك في التاسع من يناير/ كانون الثاني الماضي، وتشكيل حكومة برئاسة نواف سلام في 8 فبراير/ شباط الماضي. وأدى ذلك إلى بدء عهد جديد يحظى بدعم أميركي وغربي وعربي، وضع على رأس أولوياته حصرية السلاح بيد الدولة، وعمد، تطبيقاً للالتزامات الدولية وشروط إعادة الإعمار، إلى تكليف الجيش اللبناني وضع خطة لتسليم السلاح. كذلك قُلّصت سلطة حزب الله في العديد من المراكز الحساسة في مؤسسات الدولة، خصوصاً في مطار بيروت ومرفأ بيروت. كما كثف الجيش اللبناني عمليات مكافحة المخدرات وتوقيف مطلوبين، اتُهم حزب الله على مر السنين الماضية بحمايتهم أو تأمين ممرات لهم، إلى جانب بدء عمليات سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية، وغيرها من التطورات.
كذلك، شهد العام الماضي أحداثاً إقليمية، مثل سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، والحرب الإسرائيلية الإيرانية بين 13 يونيو/ حزيران الماضي و24 منه، إلى جانب استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، واقترابه من نهاية عامه الثالث فيما بلغ تمادي العدوان الإسرائيلي على الدول العربية ليطاول سورية وبشكل متكرر، إلى جانب قصف اليمن، وصولاً إلى العدوان الذي شنّه الاحتلال على دولة قطر في التاسع من سبتمبر الحالي، وما تخلله من محاولات اغتيال الوفد التفاوضي لحركة حماس.
بتاريخ 23 سبتمبر 2024، أطلقت إسرائيل عملية "سهام الشمال" وبدأت توسِعة اعتداءاتها، لتشمل مختلف المناطق اللبنانية، ضمنها قلب بيروت، وذلك بعدما كانت هجماتها مركزة في الجنوب، باستثناء بعض العمليات التي نُفِّذت في مناطق أخرى، منذ الثامن من أكتوبر 2023، تاريخ فتح حزب الله جبهة الإسناد دعماً لغزة. أبرز عمليات الاحتلال كان تفجير أجهزة البيجر وأجهزة الإرسال "ووكي توكي"، في 17 و18 سبتمبر 2024، التي أدت إلى استشهاد ما لا يقلّ عن 40 شخصاً وجرح أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وهجوم 20 سبتمبر، الذي استهدف الضاحية الجنوبية وأدى إلى استشهاد 18 من قياديي قوة الرضوان، وحوالي 50 مدنياً.
وأسفر عدوان 23 سبتمبر على الجنوب والبقاع وبعلبك عن سقوط أكثر من 490 شهيداً وما يزيد عن 1600 جريح، بينما كانت محصّلة الاعتداءات منذ الثامن من أكتوبر 2023 حتى التاريخ المشار إليه لا تتخطى الـ600 شهيد، لتنتهي في 27 نوفمبر 2024 بمجموع 3961 شهيداً و16520 جريحاً، إلى جانب أكثر من مليون نازح. مع العلم أن إسرائيل واصلت ضرباتها، التي أسفرت منذ تاريخ وقف إطلاق النار عن سقوط ما يزيد عن 400 شهيد، وعادت في الأيام الماضية لتصعّد وتيرة اعتداءاتها في العمق الجنوبي والبقاع وبعلبك.
7753 اعتداءً إسرائيلياً
وبين 23 سبتمبر 2024 و27 نوفمبر 2024، سُجل 7753 اعتداءً إسرائيلياً، بحسب إحصاء المجلس الوطني للبحوث العلمية، وقد شملت مباني سكنية ومدارس ومستشفيات ومراكز إسعاف، ودور عبادة ومواقع أثرية وإعلامية، ونقاط تجمّع صحافيين، وغيرها، وكذلك جوار مطار بيروت الدولي، ما أدى إلى تعليق شركات الطيران رحلاتها إليه، إلى جانب المساحات الحرجية والزراعية الواسعة، من دون أن تستثني حتى مراكز الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). وارتكبت إسرائيل منذ 23 سبتمبر سلسلة اغتيالات طاولت قادة حزب الله، على رأسهم الأمين العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر، ومن ثم خَلَفَه هاشم صفي الدين في الثالث من أكتوبر 2024، واعتداءات صُنّفت دولياً بجرائم حرب. كما لجأت إلى سياسة إبادة المدن لتدمير أحياء بأكملها، سواء بالقصف أو التفخيخ، بغية تفكيك النسيج الاجتماعي وتحقيق أهداف سياسية وديمغرافية وعسكرية، وأصدرت عشرات الإنذارات إلى السكان بضرورة الإخلاء.
علي أبي رعد: كل بيانات الحزب توحي بأنّه أعاد ترميم نفسه
وفي الأول من أكتوبر 2024، بدأت إسرائيل عمليات برية داخل الجنوب اللبناني، وشملت عملياتها إلى جانب القصف المدفعي، سياسة الأرض المحروقة، مدمرة نطاقاً واسعاً من القرى والبلدات والمساحات الزراعية والحرجية. في المقابل، أعلن حزب الله في بيان مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، أن عدد عملياته منذ إطلاق جبهة إسناد غزة في الثامن من أكتوبر 2023، بلغ أكثر من 4637 عملية عسكرية، بمعدل 11 عملية يومياً، من ضمنها 1666 عملية عسكرية متنوعة منذ بدء العدوان على لبنان، وإطلاق عمليات "أولي البأس" بحسب حزب الله، مع توسع العدوان على لبنان في 23 سبتمبر 2024.
واستهدفت عمليات حزب الله مواقع وثكنات وقواعد جيش الاحتلال ومدناً ومستوطنات إسرائيلية بدءاً من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة حتى ما بعد تل أبيب، كما تضمنت التصدي للتوغلات البرية لقوات الاحتلال داخل الأراضي اللبنانية، وذلك بحسب ما أعلن حزب الله. وفي إطار عمليات "أولي البأس" نفّذ الحزب 105 عمليات عسكرية ضمن سلسلة عمليات "خيبر"، استهدف خلالها عشرات القواعد العسكرية والأمنية والاستراتيجية والحساسة، مستخدماً الصواريخ البالستية والدقيقة والمسيّرات الانقضاضية التي وصلت حتى ما بعد تل أبيب، بعمق 150 كيلومتراً داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحول العدوان الإسرائيلي في السياق، تقول المحامية غيدة فرنجية من المفكرة القانونية لـ"العربي الجديد" إن إسرائيل شنّت عدة هجمات ترقى إلى مرتبة جرائم الحرب، منها هجمات عشوائية استهدفت المدنيين ومنشآت المدنيين، مثل تفجيرات البيجر وقتل سبعة صحافيين وعاملين في قطاع الصحافة واغتيال محمد عفيف النابلسي (مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله) واستهداف مراكز القرض الحسن، إضافة إلى الاستهداف الممنهج للقطاع الصحي والعاملين في مجال الإغاثة والدفاع المدني. وتضيف فرنجية: كما ارتكبت مجازر بحق المدنيين من خلال استهداف أبنية سكنية في مناطق مكتظة، من ضمنها الهجمات التي شنّتها على أبنية ومنازل تؤوي عدداً كبيراً من النازحين، وقد هدفت هذه الهجمات إلى نشر الرعب بين الناس في محاولة لتخويفهم من استقبال النازحين، إلى جانب اعتمادها تدميراً ممنهجاً للقرى الحدودية، علماً أن الجزء الكبير حصل بعد إعلان وقف الأعمال العدائية.
تمنع إسرائيل سكان ما بين 30 و40 قرية من العودة إليها
أسرى لبنانيون في إسرائيل
وبحسب توثيق "المفكرة القانونية"، تحتجز إسرائيل 16 لبنانياً على الأقل، بينهم أسرى حرب خاضوا القتال، ومدنيون خُطفوا من قراهم بعد انسحاب جيش الاحتلال. ويستمرّ احتجازهم في ظروف مخالفة للقانون الدولي، ورافقتها ممارسات تعذيب وتهديد بالاغتصاب وإهمال طبيّ في حق الجرحى. وخلال هذه الفترة، قدّمت الدولة اللبنانية شكاوى إلى مجلس الأمن بشكل دوري بهدف توثيق الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، من ضمنها شكاوى تناولت الاعتداءات على الجيش اللبناني و"يونيفيل" والصحافيين وتدمير القرى الحدودية والخروقات بعد إعلان وقف الأعمال العدائية. كذلك تقدّمت وزارة العمل بشكوى لدى منظمة العمل الدولية على خلفية جريمة تفجيرات البيجر. وتلفت فرنجية إلى أن التبريرات الإسرائيلية غالباً ما تتضمن تشويهاً لمبادئ ومفاهيم القانون الدولي لتبرير جرائمها، فهي شوّهت مثلاً "الحق في الدفاع عن النفس"، لمحاولة شرعنة كل عملياتها، في حين أن القانون الدولي يحصر هذا الحق بضرورة التصدّي لعدوان. وتشير فرنجية إلى أن إسرائيل شوّهت مفهوم "الأهداف العسكرية المشروعة"، فشنّت هجماتها على أشخاص مدنيين ومنشآت مدنية لمجرد ارتباطهم بحزب الله، في حين أن القانون الدولي يحصر هذا المفهوم بمعيار المشاركة بشكل مباشر في الأعمال العسكرية، ويخرج منه المساهمة في المجهود الحربي بشكل عام.
وتؤكد فرنجية أنه "على الصعيد القانوني، هذه الجرائم تستوجب أن يتم التحقيق بها من قبل لجان تحقيق مستقلة تمهيداً لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين عنها". وتشير إلى "أن ذلك يتطلب من الدولة اللبنانية توثيق الاعتداءات بدقة والبحث جدياً في الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية
. كما يمكن لضحايا هذه الجرائم اللجوء إلى المحاكم الأجنبية في دول أخرى لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين، وفي طليعتهم رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، استناداً إلى الصلاحية القضائية الشخصية (في حال كان الضحايا يحملون جنسية أجنبية) أو إلى الصلاحية القضائية الشاملة على جرائم الحرب".على صعيدٍ ثانٍ، يقول العميد المتقاعد علي أبي رعد، في حديث مع "العربي الجديد"، إن حزب الله تعرّض في اللحظات الأولى لنوع من الانفكاك، وذلك بعد تفجيرات 17 و18 سبتمبر 2024 واغتيال قادة الصف الأول، خصوصاً أنه فقد منظومة القيادة والسيطرة، وتعرّض لضربة معنوية قيادية كبيرة. لكن في الوقت نفسه حافظ على نوع من التماسك في الميدان، بإصرار وتنسيق وبموجب التعليمات التي تسمّى "دائمة" في القيادة العسكرية، إضافة إلى عامل مرتبط بالجبهة الأمامية، باعتبار أن: "حزب الله هو حزب عقائدي أيديولوجي، ومن يقاتل على الخط الأمامي هم أبناء البلد، خصوصاً في جنوب الليطاني، الذين فضّلوا الاستشهاد على تسليم السلاح أو الاستسلام. وهذا ما حافظ على استمرارية حزب الله في المعركة لأيام معدودة لحين أعاد السيطرة والقيادة بشكل كامل وإن بالتواصل بوسائل بدائية، كما أعاد ملء الفراغات على مستوى القادة، ما دلّ على حسن التنظيم".
ويضيف أبي رعد أن "حزب الله أصرّ على المقاومة، ونتذكر إطلاقه أكثر من 300 صاروخ إلى الداخل الإسرائيلي، طاولت شوارع ومقرات رئيسية (في 24 نوفمبر 2024)، ما أحدث ضربات موجعة جداً للعدو. وهذه وقائع أدت إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر، برعاية أميركية فرنسية. علماً أنه (الاحتلال) خرقه أولاً باستمرار الاعتداءات، وعدم الانسحاب ضمن مهلة الستين يوماً (نصّ اتفاق 27 نوفمبر 2024 على انسحاب إسرائيل من لبنان في 26 يناير/ كانون الثاني 2025) فمدّدها، ثم لم يلتزم ثانيةً، ووسّع احتلاله للنقاط الخمس الجنوبية، في خطوات يتقصّد القيام بها لإحراج الدولة اللبنانية، ولخلق منطقة عازلة تمتد إلى الداخل اللبناني بهدف تأمين مستوطنات الشمال الفلسطيني المحتل وتحقيقاً لما بات معروفاً بمشروع إسرائيل الكبرى".
جورج علم: من أسباب عدم رد حزب الله على الخروقات الإسرائيلية الخسائر التي تعرّض لها
ويشير أبي رعد إلى أن "حزب الله تعلم من دروس الماضي بتلقيه ضربات موجعة، من أهمها إصراره على إعطاء الدولة اللبنانية والجيش فرصة للقيام بكل ما يجب تنفيذاً للقرار 1701 (الذي وضع حداً للعدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006)، بعكس المرحلة الماضية التي كان يتكلم فيها بلسان صاحب القرار. وهو يحاول اليوم إحداث نوع من التوازن بين احترامه التزامات لبنان الدولية وسعيه للحفاظ على قوة الردع ضد إسرائيل، خصوصاً أن كل بياناته توحي بأنه أعاد ترميم نفسه لوجستياً وإدارياً، لكن يدرك أن أي تصعيد غير محسوب سيجرّ لبنان إلى مواجهة أوسع يسعى هو لتجنّبها. وهو ما حصل بتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة والإعلانات المتبادلة بينه وبين الرئيس جوزاف عون حول إمكانية الحوار لتسليم السلاح وإيجاد حل داخلي، الأمر الذي لم يرق للإسرائيلي ولا للأميركي".
لبنان جزء من المتغيرات
من جهته، يقول الكاتب السياسي جورج علم لـ"العربي الجديد" إن هناك تحوّلاً جذرياً في موقف وسلوك حزب الله، انطلاقاً من الخطاب الأخير لأمينه العام نعيم قاسم
(في 18 سبتمبر الحالي)، الذي يدعو فيه إلى الحوار مع المملكة العربية السعودية، وكأنه يريد أن يعطي ضمانات بأن سلاح حزب الله لا يستهدف أي دولة عربية. ويضيف علم أن "لبنان هو جزء من المتغيرات في الشرق الأوسط، ما يترك علامات استفهام كبرى حول مثلاً ما سيحصل في غزة، وكذلك بشأن الاتفاق الأمني السوري الإسرائيلي الذي قد يوقّع في غضون أيام في الأمم المتحدة، وانعكاساته على لبنان، وكذلك قول رئيس الوزراء الإسرائيلي إن السلام مع لبنان بات أقرب إلى الواقع مقارنة مع الماضي، وذلك في حين تستمر الاعتداءات والاغتيالات في لبنان وهي كلها تطورات يجب ترقبها". ويلفت إلى أن هذه الفترة شهدت تحولات كبرى في المنطقة، سواء الحرب الأميركية الإسرائيلية على إيران، وتوغل إسرائيل في الداخل السوري وسقوط النظام في سورية وتسلم أحمد الشرع، وغيرها من التحولات التي ترسم علامات استفهام حول المستقبل.ويعتبر علم أن حزب الله تكبد خسائر كبرى، سواء على مستوى قياداته أو تراتبيته العسكرية وفي بيئته الاجتماعية، بعد التدمير الذي طاول الجنوب والضاحية والبقاع، الذي لا يزال مستمراً، ولو كان قادراً على المواجهة لما قبِل باتفاق وقف إطلاق النار، الذي لم ينفذ من قبل إسرائيل، واللجنة المكلفة الإشراف عليه (تضم لبنان وإسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة ويونيفيل) لم تقم بأي خطوة عملية. ويرى علم أن من أسباب عدم رد حزب الله على الخروقات الإسرائيلية هي الخسائر التي تعرّض لها والدمار الذي طاول الجنوب، وجعل مناطق فيه منكوبة، وهذه تشكل ورقة ضغط على بيئته، خصوصاً أن إعادة الإعمار مرتبطة بشروط أميركية إسرائيلية وأوروبية وغربية، ولا قرار بذلك إلا إذا تخلى عن سلاحه. كذلك، إن الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران جعلت وضعها الاقتصادي منهاراً، والمليارات التي كانت تصل إلى حزب الله توقفت أو خفّ منسوبها، من دون أن ننسى أن حزب الله بسقوط نظام الأسد خسر الجسر الذي كانت تستغله إيران لإرسال المال والأسلحة له، وهذه كلها عوامل أثرت عليه وجعلته في موقف ضعيف.