عام التراجع ومضيعة الوقت

عام التراجع ومضيعة الوقت

27 ديسمبر 2020
يعاني النازحون من ظروف إنسانية صعبة (محمد سعيد/الأناضول)
+ الخط -

لعل 2020 هو العام الأسوأ الذي مرّ على البشرية جمعاء منذ عقود، بسبب انتشار فيروس كورونا وتسببه بكوارث صحية وبتعطيل العجلة الاقتصادية والحياة على مستوى العالم، إلا أن هذا العام كان أشد وطأة على السوريين بسبب تأثرهم المزدوج بتبعات الفيروس وتداعيات الحرب التي كان لها الأثر الأكبر عليهم.
في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، يعتبر 2020 هو عام الأزمات، إذ شهد المواطنون أسوأ المشاكل منذ بداية الثورة، سواء تعلق الأمر بتوفر الكهرباء والغاز والبنزين والمازوت قبل أن تتمدد إلى نقص في السلع الأساسية وفي مقدمتها الخبز. ففي هذا العام بدأت الولايات المتحدة بإصدار حزم متتالية من قانون قيصر، والذي يهدف إلى الضغط اقتصادياً على النظام، بهدف دفعه لتعديل سلوكه السياسي. إلا أن نتائج هذا الضغط لم تظهر إلا على شكل أزمات دفع المواطن العادي ثمنها طبعاً. في موازاة ذلك أدت الضائقة التي يعيشها اقتصاد النظام إلى انهيار غير مسبوق في سعر صرف الليرة أمام الدولار، وانتشار البطالة وانخفاض الدخل إلى مستويات غير معهودة.
أما في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة فقد كان هذا العام أشد سوءاً، ويمكن تسميته بسنة النزوح، فمنذ بداية 2020، قادت روسيا قوات النظام في عملية عسكرية اجتاحت كلا من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، هجرت خلالها أكثر من مليون مدني تم حشرهم في كل من ريف إدلب الشمالي وريف حلب الشمالي، وسط إغلاق تام للحدود الشمالية لسورية، وتراجع معظم المنظمات الإنسانية عن تقديم الدعم لتلك المناطق. ترك المدنيون يواجهون بمفردهم أسوأ الظروف التي يمكن أن يعيشها البشر. طبعاً هذا عدا عن الفلتان الأمني الذي تعيشه معظم مناطق سيطرة المعارضة وتحكّم الفصائل العسكرية بالسكان المدنيين.
وفي مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) استقبل سكان تلك المناطق العام 2020 بنازحين جدد من المناطق التي سيطرت عليها فصائل المعارضة المدعومة من تركيا، الأمر الذي زاد من نسبة البطالة المنتشرة أصلاً، والتي تستغلها "قسد" في دفع الشباب للتطوع في صفوفها هرباً من العوز، بالإضافة إلى ملاحقتها الشباب من أجل إلحاقهم بالخدمة الإلزامية في صفوفها. وعلى مستوى الحل السياسي، شهد هذا العام مزيداً من مضيعة الوقت وعدم إحداث أي تقدم، قد يعطي بصيصاً من الأمل للسوريين الذين لا يزالون يرزحون تحت عبء كل تلك الأزمات، بحل سياسي قريب.

المساهمون