عائلة صالحية في الشيخ جراح تتصدى للاحتلال: سنحرق أنفسنا حال إجلائنا

عائلة صالحية في الشيخ جراح تتصدى للاحتلال: سنحرق أنفسنا حال اقتحام منزلنا لإخلائه

17 يناير 2022
عائلة صالحية في الشيخ جراح: لن نغادر منزلنا (أحمد الغربلي/فرانس برس)
+ الخط -

هددت عائلة المواطن المقدسي محمود صالحية، من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، اليوم الاثنين، طواقم مشتركة من بلدية وشرطة الاحتلال الإسرائيلي بتفجير أسطوانات غاز وإضرام النيران بالمنزل ومن فيه في حال قامت تلك الطواقم باقتحامه تمهيداً لإخلائه منهم، وهو الأمر الذي دفع سلطات الاحتلال للتراجع عن الخطوة، لكنها تتمسك بقرارها الاستيلاء على قطعة الأرض المحيطة بالمنزل بزعم المصلحة العامة.

وانسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي وآلياتها، مساء اليوم الاثنين، من أرض عائلة صالحية في حي الشيخ جراح بالقدس، بعد أن هدمت عدة مبان ومنشآت، في وقت لا تزال العائلة تعتصم فوق سطح منزلها. 

وقبيل انسحابها من داخل الأرض، اعتدت قوات الاحتلال على عدد من النساء والمساندين الأجانب والمحليين واعتقلت ثلاثة منهم، فيما كانت حصيلة الهدم تدمير مشتل زراعي بالكامل ومصادرة محتوياته إضافة إلى تدمير معرض للسيارات ومرآب لتصليح المركبات؛ وبيت متنقل.

وفي اتصال مع "العربي الجديد"، أكد صاحب المنزل محمود صالحية رفضه المطلق مغادرة المنزل، كما رفض عرضاً من بلدية الاحتلال يسمح لعائلته بالبقاء ثمانية شهور والتفاوض معه بعد انتهاء المدة.

وقال صالحية: "هذا عرض مرفوض، ولن نقبل أن نتحول إلى مستأجرين في أرضنا ومنازلنا، سنبقى هنا نقاوم ولن نترك أرضنا ولن نسمح بأن تكون هجرة أخرى، لقد هجرونا في العام 1948 أول مرة، لكننا لن نهاجر اليوم مرة أخرى، وإذا أتوا ليهدموا سنقاومهم حتى لو كلفنا ذلك حياتنا".

وفند صالحية ادعاءات بلدية الاحتلال بأنها تريد بناء مدرسة لأهالي الحي، وقال: "هذه ادعاءات باطلة وكاذبة ولنا تجربة سابقة معهم في مدرسة المأمونية التي كانت مخصصة للطالبات المقدسيين، لكن الاحتلال ما لبث أن منحتها لوزارة الداخلية".

في الأثناء، توافد إلى منزل عائلة صالحية الليلة، العشرات من النشطاء والمتضامنين المحليين والأجانب للتعبير عن دعمهم لعائلة صالحية؛ بينما اعتقلت قوات الاحتلال المواطن عبد الله العكرماوي صاحب إحدى المنشآت التي هدمتها جرافات بلدية الاحتلال في القدس.

وشهد محيط المنزل الكائن في منطقة كرم المفتي بحي الشيخ الجراح توتراً شديداً، حيث حاصرت قوات كبيرة من وحدات الاحتلال الخاصة وعناصر من المخابرات الإسرائيلية منزل العائلة، في الوقت الذي اعتلى فيه أفرادها سطح المنزل مهددين بتفجير أسطوانات الغاز في حال قامت تلك القوات باقتحامه.

وأكد صاحب العقار محمود صالحية، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أنه وجميع أفراد عائلته لن يغادروا عقارهم حتى ولو كلفهم ذلك حياتهم جميعاً. وقال: "هذا قرارنا الأخير، وليكن ما يكون".

وشدد صالحية على أن ما تقوم به بلدية الاحتلال في القدس، بحماية قوات كبيرة من جنود الاحتلال والقوات الخاصة التابعة لها، هو "اعتداء على حق العائلة في البقاء والإقامة بمنزلها، وفي الأرض التي تقيم فيها منذ عشرات السنين".

وقال صالحية: "نحن لن نغادر، ولا مكان لنا غير هذا المكان، بلدية الاحتلال في القدس تدعي أنه للمصلحة العامة، لكنه في الحقيقة محاولة لتكريس الوجود الاستيطاني اليهودي فيه".

لاحقا، أبلغت بلدية الاحتلال في القدس، ظهر اليوم الاثنين، عائلة صالحية بتراجعها عن هدم عقارها، لكنها تتمسك بقرارها الاستيلاء على قطعة الأرض المحيطة بالمنزل بادعاء المصلحة العامة، فيما المفاوضات تتواصل مع العائلة لإنهاء اعتصامها، وفق ما أكده لـ"العربي الجديد" أفراد من العائلة وآخرون من الحراك الشعبي موجودون في المكان لمساندتها.

وبعد أن دمرت قوات الاحتلال المشتل الزراعي المملوك للعائلة هناك، ومشغلاً لتصليح المركبات يعود للمواطن حازم زحيكة؛ هدمت الجرافات معرضاً للسيارات في المنطقة وسط انتشار مكثف لقوات الاحتلال وإغلاق كامل المنطقة ومنع الدخول إليها. بينما توجد في المنطقة طواقم من الإطفاء الإسرائيلي في حال نفذت عائلة صالحية تهديدها بتفجير المبنى الذي تعتصم فوق سطحه.

 

ورغم تعهد بلدية الاحتلال في القدس بعدم هدم منزل صالحية، فإن المؤشرات على الأرض تشير إلى اعتزامها السيطرة على كامل المنطقة وما فيها من منشآت، كما أفاد "العربي الجديد" أحد أقرباء صالحية.

وأشار المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن صاحب المنزل مصر على الدفاع عن منزله وعدم ثقته بوعود بلدية الاحتلال، التي يجري محاميها اتصالات مع العائلة لإنهاء اعتصامها.

وتواصل قوات الاحتلال هدم المنشأة الزراعية (المشتل) ومبان أخرى متنقلة تعود لعائلة صالحية، التي لا تزال تواصل اعتصامها فوق سطح منزلها رافضة أي محاولة من قبل بلدية الاحتلال لإخلاء المنزل أو هدمه، مؤكدة أنها ستدافع عنه حتى لو كلفها ذلك حياة أفرادها. 

وأكد المواطن محمود صالحية لـ"العربي الجديد" أن العائلة ترفض مغادرة المنزل أو إخلاءه رغم الاتصالات الجارية، مؤكداً أن مطلب العائلة الوحيد هو أن تغادر قوات الاحتلال وطواقم بلديته الأرض بعد أن دمرت معظم المشتل وصادرت محتوياته. 

وإلى جانب صالحية، انضم نحو عشرة شبان من أفراد العائلة الملثمين والمصممين على مقاومة أي اقتحام لموقعهم فوق سطح المنزل، مسلحين بالعصي والزجاجات المملوءة بالبنزين، إضافة إلى أسطوانات غاز.

بدوره، وجه عضو لجنة المتابعة في بلدة العيسوية الناشط المقدسي محمد أبو الحمص مناشدة للمقدسيين وللشخصيات الوطنية والاعتبارية في القدس ورام الله للحضور إلى منزل عائلة صالحية والوقوف إلى جانبها. 

وقال أبو الحمص لـ"العربي الجديد": "نحن أمام تطورات خطيرة جداً قد يرتقي فيها شهداء في حال نفذ أبناء عائلة صالحية تهديدهم بتفجير أنفسهم بأسطوانات الغاز".

ووصل وفد من الاتحاد الأوروبي في وقت سابق إلى محيط منزل عائلة صالحية، وفي تصريح مقتضب لوسائل الإعلام، وصف ممثل الاتحاد الأوروبي سفين كون فون بورغسدورف محاولة إجلاء عائلة صالحية من منزلها بأنها غير قانونية، قائلاً إن الاتحاد الأوروبي يتابع القضية ويجري اتصالات عاجلة لمنع تدهور الأوضاع في الحي.

إلى ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال شابين في محيط منزل عائلة صالحية رفضا الامتثال لأوامرها بالابتعاد عن المكان، واعتدت على الشابين بالضرب، كما قامت تلك القوات بإخلاء المنطقة من المتضامنين والمساندين الأجانب والمحليين.

يذكر أن صراعاً قضائياً على عقار عائلة صالحية، المكون من منزلين ومنشأة تجارية وقطعة أرض، كان بدأ منذ نحو ربع قرن بعد قرار بلدية الاحتلال في القدس مصادرة الأرض وما عليها بادعاء المصلحة العامة، لكن ما يجري في الحقيقة هو محاولة من الاحتلال لتوسيع رقعة الاستيطان في هذا الحي وربطه بالبؤر الاستيطانية في الشيخ جراح المهددة منازله بالإخلاء.

ويسعى الاحتلال إلى توسيع الشطر الغربي من حي الشيخ جراح، حيث المنطقة المعروفة بـ"كبانية أم هارون".

إلى ذلك، أجبرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، المقدسي جمال أبو نجمة على استكمال هدم محله التجاري، الذي كان قد بدأ هدمه مطلع الشهر الجاري في حي الشيخ جراح، شرقي القدس المحتلة، بحجة البناء من دون ترخيص، وإلا ستفرض عليه غرامة باهظة.

تقارير عربية
التحديثات الحية

اقتحام الأقصى

على صعيد منفصل، اقتحم عشرات المستوطنين، اليوم الاثنين، المسجد الأقصى بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، وأدى أولئك المستوطنون طقوسًا تلمودية في باحاته.

كما أغلق مستوطنون، اليوم الاثنين، الطريق الواصلة بين جنين ونابلس ومدخل قرية الناقورة شمال نابلس، ومنعوا مركبات الفلسطينيين من المرور قرب مستوطنة "شافي شمرون" المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال غرب نابلس شمالي الضفة الغربية.

في هذه الأثناء، تواصل قوات الاحتلال حصار قرية برقة لليوم الثاني والعشرين على التوالي، وتغلق جميع مداخلها بالسواتر الترابية المرتفعة، باستثناء مدخلها الغربي الرئيس، وتقيم عليه قوات الاحتلال نقطة عسكرية لمراقبة تحركات الأهالي.

وجاء حصار برقة بعدما حاول الأهالي صد هجمات واقتحامات للمستوطنين عليها، بعد مقتل مستوطن على مدخل مستوطنة "حومش" المخلاة وإصابة اثنين آخرين برصاص مقاومين فلسطينيين في السادس عشر من الشهر الماضي، حيث يأتي حصار برقة في سياق العقاب الجماعي لأهالي القرية لتصديهم لهجمات واعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال.

اعتقال أسرى محررين

على صعيد آخر، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، شابين من بلدة عزون شرق قلقيلية شمالي الضفة الغربية، أثناء مرورهما على حاجز عسكري مفاجئ، بينما اعتقلت الأسيرين المحررين: محمد البرغوثي وجودت البرغوثي من قرية كوبر شمال رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد مداهمة منزليهما، واعتقلت غسان أبو عادي وإبراهيم أبو عادي بعد مداهمة منزليهما في قرية كفر نعمة غرب رام الله، كما اعتقلت الفلسطيني يوسف موسى من منزله ببلدة نعلين غرب رام الله.