طهران تدعو إلى "ناتو عربي-إيراني" لمواجهة مشروع إسرائيل الكبرى
استمع إلى الملخص
- حذر زادة من المرحلة الانتقالية الخطيرة التي تواجهها المنطقة بسبب المشروع الإسرائيلي لإعادة تشكيل النظام العالمي، مؤكدًا على ضرورة التصدي للهيمنة الإسرائيلية التي تسعى لإقامة "إسرائيل الكبرى".
- اعترف زادة بوقوع أخطاء من قبل إيران ودول المنطقة، مشيرًا إلى أهمية بناء الثقة وحل الخلافات، مؤكدًا على سلمية البرنامج النووي الإيراني رغم الاعتداءات الأميركية-الإسرائيلية.
دعا نائب وزير الخارجية الإيراني ورئيس معهد الدراسات السياسية والدولية في الوزارة، سعيد خطيب زادة، دول المنطقة العربية إلى توقيع اتفاقية دفاع مشترك، وتشكيل "ناتو عربي-إيراني" للدفاع عن سيادة كل دول المنطقة ومصالحها في ظل مشروع الهيمنة والسيطرة لإعادة تشكيل المنطقة وإقامة إسرائيل الكبرى الذي يجري بغطاء أميركي.
وأضاف زادة، الذي كان يتحدث اليوم الأربعاء في افتتاح المؤتمر السنوي الخامس لوحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي عُقد في الدوحة، أن "إيران جاهزة على الفور للتعاون والتنسيق من أجل تشكيل مستقبل يتسق مع مصالح الجميع في المنطقة وبناء منطقة قوية وبيئة آمنة مستقرة تحافظ على القانون الدولي وتحترم كرامة الإنسان وتعمل مجتمعة لتعزيز الأمن الإقليمي وسيادة الدول وتعزيز الاقتصاد".
واعترف زادة بأن هذه الرؤية تستدعي بناء الثقة بين دول المنطقة وإيران، وتستدعي حصول تحول في الرؤى لدى الجميع من رؤية أننا نشكل تهديدًا أمنيًا لبعضنا البعض إلى رؤية تقوم على التعاون وترسي الأرضية لقيام منظومة أمنية جماعية مشتركة تقوم على التشاور والتنسيق الأمني والاستخباراتي وآلية مشتركة للاستجابة الفورية والرد ضدّ أي اعتداء خارجي بما يتفق مع المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة
التي تعطي شرعية قانونية لكل الإجراءات التي تتخذ للدفاع عن السيادة الوطنية للدول في وجه الاعتداءات الخارجية.وحذّر من المرحلة الانتقالية الخطيرة التي تعيشها المنطقة، التي تواجه مجتمعة المشروع الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة للهيمنة والسيطرة على المنطقة والقائم على عقيدة السلام باستخدام القوة، حيث تسعيان لإعادة تشكيل النظام العالمي لصالحهما من خلال استخدام القوة، وتقويض القانون الدولي من خلال تعزيز فكرة عدم القدرة على مواجهة إسرائيل، وأنها لا تُقهر، وبالتالي هيمنتها السياسية والعسكرية والاقتصادية وإقامة إسرائيل الكبرى التي باتت تتعامل مع الحدود كشيء وهمي يمكن تجاوزه وتتصرف كأنها ألمانيا النازية.
ولفت إلى أن إسرائيل تهيئ لإقامة ممر داوود الذي يمتد لمسافة 1500 كيلومتر، بعد الهيمنة الجوية التي تمتلكها في المنطقة، وخصوصاً في الأجواء العراقية والسورية، ما حقق لها القدرة على الهجوم على المراكز السياسية والمنشآت العسكرية لدول المنطقة، كهجومها على إيران خلال حرب الـ12 يومًا، وكذلك الهجوم الإسرائيلي الجائر الذي استهدف دولة قطر.
وردًا على السردية الأميركية-الإسرائيلية حول الحرب التي شُنت على إيران والتي تتحدث عن تدمير المشروع الإيراني النووي السلمي من خلال استهداف المنشآت النووية، قال زادة إنها فبركات وتحدٍ للواقع على الأرض، فهم تمكنوا من استهداف المنشآت النووية الإيرانية، لكنهم لن يتمكنوا من وضع حد للمعرفة النووية المترسخة في عقول علمائنا رغم الحصار والعقوبات التي فُرضت علينا.
وقال إن هذا الهجوم الذي نُسِّق بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ أكثر من عقد فشل؛ فلم ينجح الهجوم في دفع المواطنين في إيران إلى الوقوف ضد الدولة والحكومة الإيرانية، ورغم الهجوم الذي استهدف قادتنا الذين لم يكونوا على رأس أعمالهم في منتصف الليل، فقد فشلت خطة شل قواتنا المسلحة وخطة شل الدولة الإيرانية، والهجوم الإيراني على إسرائيل الذي استهدف حيفا كان رسالة للمعتدي من أجل عدم توسع العدوان في المنطقة، مشيرًا إلى أنه في اليوم التالي للاعتداء على إيران، كانت هناك مطالب بأن يكون هناك استسلام غير مشروط وإذعان لوقف إطلاق النار، وقد تحولت هذه المطالب خلال أيام إلى طلب وقف إطلاق نار غير مشروط، وهو ما يكشف حجم الدعاية الإسرائيلية وزيفها.
واعترف سعيد زادة بوقوع أخطاء من قبل إيران، كما الأخطاء التي ارتكبتها دول المنطقة، وقال إن الأمر لا يخلو من المشكلات، مذكّرًا بأن العراق هو البلد العربي الوحيد الذي هاجم إيران مدعومًا بمليارات الدولارات بدعم من بلاد عربية، حيث ساد مناخ عدم الثقة، ونبه إلى المحاولة الإسرائيلية لصرف النظر عن قضية فلسطين واستبدالها بالعداء لإيران والخطر الإيراني. وقال إنه كما وَقَعَت أخطاء لم يحددها، فإن مقاربات إيران في سورية كانت صحيحة؛ كنا قلقين من مرحلة ما بعد (نظام) الأسد في سورية والمشاكل التي يمكن أن تقع، وتحدثنا في ذلك مع المعارضة السورية آنذاك، والآن إسرائيل في وضع أفضل ولا تريد المغادرة؛ فهي على بعد 26 كيلومترًا من دمشق، حيث أسست قواعد عسكرية صغيرة، وتريد أن تَجعلَ المنطقة عاجزة.
وفي معرض ردّه على أسئلة الحضور عن الملف النووي الإيراني وغياب الثقة في المنطقة بسبب التدخل الإيراني في سورية، أكد أن العقيدة النووية الإيرانية القائمة على سلمية البرنامج النووي الإيراني لن تتغير رغم الاعتداء الأميركي-الإسرائيلي. وقال إن غياب الثقة مرده موقف إيران من سورية، ما يستدعي جهودًا لبنائها، ويمكن أن يحصل ذلك من خلال اتخاذ خطوات والبدء بأمور بسيطة. وتابع: "علينا أن نتعلم كيف نعيش معًا ونعمل على حل خلافاتنا ونؤسس آلية لبناء الثقة"؛ وقال: "نعم لدينا طموحات مشروعة وهناك تحديات متعددة تواجهنا ويجب على الجميع تفهم ذلك".
وحول الهجوم الإيراني الذي استهدف قاعدة العديد في قطر، قال إن "قاعدة العديد تحت الولاية الأميركية، والأميركيون ليسوا في القاعدة لصيد السمك، وإيران كانت تحت تهديد وجودي، والهجوم على القاعدة لم يكن مفاجئًا، فهو محسوب للغاية، وكان معروفًا وساهم في عدم توسع العدوان".
ويبحث المؤتمر السنوي الخامس الذي يقام تحت عنوان "إيران والمشهد الاستراتيجي المتغير في الشرق الأوسط"، بمشاركة العديد من الخبراء والباحثين، دراسة مختلف جوانب سياسة إيران الخارجية والأمنية في علاقاتها بمحيطها المباشر وبباقي منطقة الشرق الأوسط. وتتناول الأوراق المشاركة في المؤتمر الذي يستمر ليومين الموقع الإقليمي المتغير لإيران في ضوء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وعلاقات إيران بالفاعلين غير الدوليين في المنطقة ودول مجلس التعاون الخليجي، وتأثير التطورات الإقليمية في سياستها الداخلية، والتحولات في موقع محور المقاومة.