طلب برلماني لاستجواب وزير الدفاع الإيطالي حول استضافة جنود إسرائيليين

08 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 23:33 (توقيت القدس)
من إحدى جلسات البرلمان الإيطالي، 9 إبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تقدمت النائبة ستيفانيا أسكاري بطلب إحاطة للوزراء الإيطاليين حول وجود عسكريين إسرائيليين في إجازة بإيطاليا بعد خدمتهم في غزة، مشيرة إلى احتمال وجود اتفاقيات بين البلدين.
- كشفت وسائل إعلام عن توافد العسكريين الإسرائيليين للاسترخاء في إيطاليا بمساعدة قنوات دبلوماسية، مع توفير حماية وقائية لهم، وتحركهم برفقة قوات مكافحة الإرهاب الإيطالية.
- أثار وجودهم احتجاجات من نشطاء محليين، معتبرين ذلك إهانة لقيم الضمير المدني، مع استمرار التعبئة ضد استقبالهم بسبب اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

تقدّمت المتحدثة باسم حركة 5 نجوم في مجلس النواب الإيطالي، النائبة ستيفانيا أسكاري، اليوم الاثنين، بطلب إلى وزراء الدفاع والخارجية والتعاون الدولي والداخلية، لتقديم إحاطة بشأن وجود مجموعات كبيرة "منظَّمة وغير عرضية"، من العسكريين الإسرائيليين في إجازة بإقليمي ماركيه وسردينيا بعد خدمتهم في غزة. وكانت وسائل إعلام إيطالية، من بينها صحيفة "إل فاتّو كوتيديانو" وموقع "سردينيا نوتيتسييه "24، قد تناولت رصد مجموعات كبيرة من العسكريين الإسرائيليين في البلد. 

وأشارت أسكاري، في طلب الإحاطة، الذي اطلع عليه "العربي الجديد"، إلى وجود عدد كبير من جنود الجيش الإسرائيلي على شواطئ إقليم ماركيه وأحد المنتجعات الفاخرة في بلدة سانتا تيريزا غاللورا بجزيرة سردينيا.

وتابعت أن هذه الظروف تثير تساؤلات خطيرة حول احتمال وجود اتفاقيات رسمية أو غير رسمية بين الحكومة الإيطالية ودولة إسرائيل تتعلق باستقبال أو استضافة أو حماية مجموعات من العسكريين في إجازة. ولفتت إلى أن التزامن بين المبادرات الإنسانية الإيطالية (المتمثلة في استقبال وعلاج أطفال من غزة) وبين الوجود المنظَّم لعسكريين إسرائيليين على أراضينا يثير قضايا خطيرة تتعلق بملاءمة القرار سياسياً، فضلاً عن مسائل الأمن والشفافية في العلاقات الدولية.

وطالبت أسكاري الوزراء المعنيين بإيضاح مدى صحة الأخبار المتعلقة بوجود منظَّم، وليس مجرد وجود فردي، لمئات العسكريين الإسرائيليين في إجازة بعدد من المواقع الإيطالية، وما إذا كانت السلطات الإيطالية قد أُبلغت بهذا الأمر وصرحت به مسبقاً.

كما طالبت أسكاري بإيضاح ما إذا كان المعنيون قد اشتغلوا، أو يشتغلون حالياً، على توفير أشكال من الحماية أو التأمين أو الدعم اللوجستي أو الصحي لصالح العسكريين الإسرائيليين الموجودين في إيطاليا، وما التقييمات التي ينوون تقديمها بشأن مدى التوافق، حتى من المنظور الأخلاقي والسياسي، بين استقبال الأطفال الفلسطينيين الجرحى في مستشفياتنا وبين استضافة جنود إسرائيليين قادمين من ساحة الحرب في إيطاليا. وتساءلت عما إذا كان الوزراء ينوون اتخاذ تدابير لضمان الشفافية الكاملة حول هذا الوجود وإبلاغ البرلمان والرأي العام بتفاصيل وأهداف الاتفاقيات المحتملة المرتبطة بذلك الأمر.

وأوضحت النائبة ستيفانيا أسكاري، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أنها بادرت على الفور "بإيداع طلب إحاطة برلماني عاجل من أجل أن توضح الحكومة كيف يمكن أن تطأ أقدام جنود إسرائيليين الأراضي الإيطالية لقضاء إجازة من الإبادة الجماعية". وأضافت "نتحدث هنا عن عسكريين منغمسين في إبادة الشعب الفلسطيني وارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية، وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق من يصدرون إليهم الأوامر".

وتساءلت "هل ثمة اتفاقيات بين إيطاليا وإسرائيل في هذا الاتجاه؟ لأنه إذا كانت هناك بالفعل اتفاقيات موقعة، فسوف تكون بالغة الخطورة، لا سيما في الوقت الذي يستقبل أطفال من غزة تعرضوا لمذابح تحديداً على يد هؤلاء الجنود، في المستشفيات الإيطالية لصالح ’الشو الإعلامي‘". وختمت أسكاري بقولها "أطالب بردود عاجلة".

وكانت صحيفة "إل فاتّو كوتيديانو" قد كشفت، في تقرير نشرته يوم أمس الأحد، عن توافد مجموعات من العسكريين الإسرائيليين في عامي 2024 و2025 إلى بلدات وشواطئ إقليم ماركيه، من أجل الاسترخاء وتجاوز الإجهاد العصبي مما عاينوه في ساحة الحرب في غزة، بمساعدة قنوات دبلوماسية أو كيانات عسكرية، وفقاً لشهود تحدثت معهم الصحيفة. وأوضحت الصحيفة أن هذه الرحلات كانت محاطة بسياج من السرية، لدرجة أن أحداً لم يلحظها، حتى عُمَد البلدات لم يبلغوا بها.

وتابعت أن ثمة شبكة تأسست خصيصى لحجز رحلات لمدة شهر للعسكريين الإسرائيليين الذين تعرضوا لصدمات وإجهاد عصبي (بلغ عددهم 3770 و16 حالة انتحار في عام 2025)، وذلك في وجهات اختيرت بعناية لتكون في أماكن طبيعية، بعيداً عن الأضواء لتجنب المخاطر. وهذه المتطلبات تتوفر في زوايا ماركيه: كهوف فراساسّي وجبال سيبيلليني وبلدة فياسترا التي تحتضن بحيرة محصورة بين الجبال أو قرية سيرولو الصغيرة المطلة على بحر كونيرة بمياهه اللازوردية.

وذكرت الصحيفة، نقلاً عن مصادر في قوات الأمن الإيطالية، أن "العسكريين الإسرائيليين لم يتحركوا قط بمفردهم، وإنما برفقة عناصر من قوات مكافحة الإرهاب Digos، ولكن ليس في قالب خدمة حراسة، وإنما حماية وقائية نوفرها أيضاً في حالات أخرى". وأضافت المصادر أن "هؤلاء العسكريين، الذين تراوحت أعمارهم  بين العشرين والثلاثين، كانوا يقيمون في فنادق أو شاليهات مع إعطاء أفضلية للسكن الخاص الذي يستضيف من اثنين إلى ثلاثة أفراد في المرة الواحدة".

ورداً على سؤال الصحيفة حول ما إذا كان البرنامج الذي ينظمه إقليم ماركيه للسياح الراغبين في التعرف إلى الوجود اليهودي في الإقليم، والذي يحمل اسم "مسارات يهودية في ماركيه"، قد استخدم أيضاً في الترويح عن العسكريين الإسرائيليين، أكد الإقليم أنه ليس على دراية "بالمشاركة المحتملة لجنود إسرائيليين في جولات مدرجة بالبرنامج".

بدوره، ذكر موقع "سردينيا نوتيتسييه 24" في تقرير بتاريخ 3 سبتمبر/أيلول الجاري، أن شبكة من النشطاء، منتشرة في سردينيا ومرتبطة بكيانات في مناطق أخرى، هي التي تمكنت من رصد نحو مائة جندي إسرائيلي يقضون عطلتهم في أحد المنتجعات السياحية ببلدة سانتا تيريزا غالّورا. وتابع الموقع أنه جرى رصد وجود جنود الجيش الإسرائيلي، الذين وصلوا إلى الجزيرة عبر باقات سياحية فاخرة، في الأيام الماضية، ما دفع النشطاء المحليين من مجموعة "لونغوني من أجل فلسطين" يوم 2 سبتمبر/ أيلول الجاري، إلى تنظيم اعتصام احتجاجي أمام المنتجع استمر لساعتين تقريباً.

ونقل الموقع عن نشطاء "لونغوني من أجل فلسطين" قولهم إن "هؤلاء ليسوا سائحين عاديين، بل عسكريون ينتمون إلى جيش متهم بارتكاب جرائم حرب. إننا نعتبر وجودهم في سردينيا إهانة لأرضنا ولقيم الضمير المدني". وأوضح أنه من المنتظر، وفقاً للمعلومات التي جمعتها الشبكة، وصول مجموعات أخرى من الجنود الإسرائيليين بوتيرة أسبوعية طوال شهر سبتمبر/أيلول.

من جهتها، قالت فيتّوريا نيكولي، المسؤولة في الجمعية العمومية لـ"لونغوني من أجل فلسطين": "لن نتوقف. في كل مرة يصل فيها هؤلاء العسكريون إلى سردينيا سيجدون رداً منّا. ستتواصل التعبئة في الأيام المقبلة، لأنه لا يمكن استقبال من هو مسؤول عن المجازر والقمع كسائح عادي".