ضغوط دولية لإنجاز القاعدة الدستورية لانتخابات ليبيا قبل أغسطس

ضغوط دولية لإنجاز القاعدة الدستورية لانتخابات ليبيا قبل أغسطس

06 يوليو 2021
غياب المبعوث الأممي عن جلسات الملتقى مؤشر يدل على ضعف أداء البعثة (تويتر)
+ الخط -

جددت البعثة الأممية حثّها لملتقى الحوار السياسي الليبي على الإسراع بمداولاته بغية التوصل إلى شكل نهائي للقاعدة الدستورية للانتخابات، بعد إخفاقه في التوافق حولها خلال اجتماعاته التي اختتمت يوم الجمعة الماضي، في وقت كشفت فيه مصادر مقربة من الملتقى عن ضغوط دولية على أطراف ليبية من أجل الحد من تأثيرها على أعمال الملتقى وإنجاز القاعدة الدستورية للانتخابات قبل حلول أغسطس/آب المقبل.

وفي معرض ترحيبها بإطلاق المفوضية العليا للانتخابات عملية تحديث سجل الناخبين؛ حثت البعثة أعضاء ملتقى الحوار على "الإسراع في مداولاتهم بغية التوصل إلى حلول وسط ووضع اللمسات الأخيرة على مقترح القاعدة الدستورية للانتخابات"، وناشدت مجلس النواب على تحمل مسؤوليته من خلال "اعتماده إطاراً قانونياً يمكّن من اتخاذ خطوات ملموسة تعنى بالتنفيذ وفسح المجال أمام الشعب الليبي لممارسة حقوقه الديمقراطية بتاريخ 24 ديسمبر/كانون الأول".

وبعد إخفاق الملتقى في التوصل إلى شكل القاعدة الدستورية بيوم واحد أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، الأحد الماضي، عن فتح منظومة تسجيل الناخبين للبداية في "استقبال رسائل المواطنين الراغبين في التسجيل أو تغيير مراكز انتخابهم أو الذين وصلوا إلى السن القانونية للتسجيل في منظومة الانتخابات".

ولقيت الخطوة من جانب المفوضية العليا للانتخابات ترحيباً ومشاركة بكلمات رسمية من جانب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والمجلس الرئاسي والحكومة، في مشهد يعكس اتفاقاً ليبياً على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسط اختلافات حول شكل القاعدة المسيرة للانتخابات.

لكن مصادر ليبية متطابقة كشفت النقاب عن تلقّي قادة الأطراف الليبية رسائل دولية بشأن ضرورة إنجاز القاعدة الدستورية خلال الشهر الجاري لتكون جاهزة للعمل في مفتتح أغسطس المقبل.

وتوافقت معلومات المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، حول مضمون تلك الرسائل الدولية التي أكدت على استعداد عواصم كبرى، من بينها واشنطن، لإطلاق حزمة من العقوبات على شخصيات تسعى لعرقلة مسار التوافق على الأساس الدستوري للانتخابات، وقالت المصادر إن تلك العقوبات سيكون أولها حظر السفر، لتشمل في مراحل أخرى تجميد الأموال والمصالح الخاصة بالمعاقبين.

وأكدت المصادر أن البعثة ستوجه للملتقى دعوة قريبة للانعقاد مجدداً لتمرير مقترح القاعدة الدستورية الذي تقدمت به اللجنة القانونية للملتقى، خلال جلساتها نهاية مايو/أيار الماضي، كونه خالياً من الاشتراطات والحدود التي تسمح لكل الأطراف بالانخراط في العملية الانتخابية دون إقصاء.

ورأت المصادر أن خطوة فرض العقوبات خطوة دولية متقدمة بعد أن حاول المعرقلون عدم الاقتراب من الموعد المحدد بالانتخابات بسبب الإجماع الدولي ومحاولة عرقلة الطريق الموصلة إليها، لكن الباحث الليبي في الشأن السياسي الجيلاني أزهيمة، لا يرى أن كل الأطراف تسعى للتمديد، فالخلافات حول القاعدة الدستورية جاءت ضمن محاولات تفصيلها على مقاس شخصيات معينة لضمان ترشحها.

وبشأن الفشل الماضي للملتقى ودعوة البعثة له مجدداً لمواصلة المداولات حول القاعدة الدستورية يرى أزهيمة في حديث مع "العربي الجديد" أن غياب المبعوث الأممي يان كوبيتش عن جلسات الملتقى وعدم وضوح موقف البعثة بعد فشله والخطوة التالية على ذلك الفشل؛ كلها مؤشرات تدل على ضعف أداء البعثة.

ويرى أزهيمة "أن انخراط عواصم كبرى للتهديد برسائل مباشرة للأطراف الليبية جاء بعد ضعف أداء كوبيتش، عكس المبعوثة الأميركية السابقة ستيفاني وليامز، التي تمكنت من إثناء المعرقلين والمهددين بالانسحاب خلال جلسات اختيار السلطة التنفيذية الحالية، من خلال خلق آلية للتصويت تعتمد نتائج تصويت الحاضرين في الجلسات فقط، وتعزل المنسحبين، ما اضطر المهددين بالانسحاب إلى الالتحاق بالجلسات"، مرجحاً أن تنوب الدبلوماسية الكندية جورجيت غانيون نائبة كوبيتش عنه في إدارة الجلسة المقبلة.

ويلفت أزهيمة إلى أن المجتمع الدولي يعتمد بِشكل أساسي على إجراء الانتخابات في موعدها لإنتاج سلطة سياسية جديدة بديلاً عن فشله، خلال مؤتمر برلين الثاني في حسم ملف المرتزقة والمقاتلين الأجانب الذي تراجع الحديث عنه في الآونة الأخيرة بشكل كبير، وقال: "الملف الليبي يقع وسط تجاذبات دولية بين عدة عواصم وجلي أن التكتل الغربي ضد روسيا يرى في الانتخابات الطريق الوحيدة لإنجاز سلطة جديدة يمكنها أن تقول لموسكو اخرجي ولذا لن تتعرقل الإرادة الدولية أمام تعنت الأطراف المحلية".

وأضاف: "لم يعد خافياً أن حلفاء حفتر في الملتقى كافحوا من أجل إزالة العراقيل التي لا تسمح له بالترشح، وخصومه عرقلوا ذلك من خلال الإصرار على الاستفتاء على الدستور الذي تمنعه نصوصه من الترشح"، لكن الرؤية الدولية تختلف عن ذلك، فهي تريد للجميع أن ينخرط في العملية الانتخابية بمن فيهم حفتر، لعزله عن قرارات الحرب والمعسكرات، وكذلك السماح للأطراف الأخرى المقربة من عواصم إقليمية قريبة في سياساتها من التكتل الغربي.

لكن جانباً آخر في نصوص القاعدة الدستورية المقترحة من اللجنة القانونية وهو أنها لا تمنع انخراط رموز النظام السابق في العملية الانتخابية، يرى أزهيمة أنه قد يتيح لموسكو التي ترتبط بعلاقات مع بقايا النظام السابق، ومنهم سيف الإسلام نجل القذافي، التجاوب مع هذا الاتجاه.

المساهمون