ضغوط تسبّب منع نقل العائلات العراقية من مخيم الهول السوري

ضغوط تسبّب منع إكمال خطوة نقل العائلات العراقية من مخيم الهول السوري

08 مايو 2021
يشهد مخيم الهول جرائم قتل متكررة (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر سياسية وحكومية عراقية في بغداد، اليوم السبت، عن أن ضغوطاً مارستها قوى سياسية وفصائل مسلحة حليفة لطهران على الحكومة، كانت سبباً وراء وقف إجراءات نقل مئات العائلات العراقية الموجودة في مخيم الهول السوري

وكان وفد أمني عراقي قد قام بدراسة ملف تلك العائلات وتدقيقها أمنياً خلال زيارته بالتنسيق مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن للأراضي السورية التي تسيطر عليها مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) حيث يقع مخيم الهول.

وكان من المنتظر أن تصل زهاء 500 عائلة من مخيم الهول إلى محافظة نينوى، كدفعة أولى، بعد تحضير السلطات في بغداد مخيم "الجدعة"، جنوبي الموصل مكاناً لاستقرارهم، وفقاً لتفاهمات مع الأمم المتحدة والتحالف الدولي اللذين يسعيان إلى تسوية ملف الهول السوري، وتحديداً العراقيين الذين يمثلون أغلبية فيه.

ووفق إحصاءات سابقة، فإن نحو 30 ألف عراقي موجودون في المخيم، أغلبهم نساء وأطفال وكبار سن، قسم كبير منهم نزح إلى سورية من المدن العراقية الحدودية بقصد الانتقال من هناك إلى تركيا، أو أجبرهم التنظيم على الانتقال من المناطق التي خسرها إلى أخرى في مدن سورية، وقسم ثالث هم أساساً من أسر ينتمي أفراد فيها إلى تنظيم "داعش" الإرهابي. 

وشهد العامان الماضيان مباحثات برعاية الأمم المتحدة بشأن مصير عائلات "داعش" وضرورة إعادتها إلى العراق، وكان الاتفاق على بناء مخيم لاستقبالها، وبدء برنامج بدعم دولي وأممي لإعادة تأهيل الأطفال والنساء، وخصوصاً المتأثرين منهم بالأفكار المتطرفة، لكن، على مدار الأشهر الماضية، شنّت أطراف سياسية وفصائل مسلّحة حملة ضغط على الحكومة لوقف المخطط.

ووفقاً لمصادر سياسية في بغداد، فإن سبب تأجيل نقل الدفعة الأولى من نازحي الهول العراقيين جاء بفعل ضغوط كبيرة مارستها مليشيات مسلحة، إضافة إلى تحالفي (الفتح) و(دولة القانون) المدعومين من طهران، لمنع نقل تلك العائلات كما حشدوا لها وسائل الإعلام المملوكة لهم وجيوش إلكترونية للضغط على الحكومة.

وأكدت أن العائلات التي تقرر نقلها هي المصنفة على أنها بعيدة عن تنظيم "داعش"  الإرهابي ولا علاقة لأفرادها به ولا يمثلون خطراً، لكن بسبب الضغوط التي وصلت إلى التهديد باقتحام المخيم والاعتداء على تلك العائلات من قبل المليشيات عمدت الحكومة إلى التريث بالخطوة. 

وأكد مسؤول حكومي آخر وجود محادثات بين مسؤولين أمنيين وأطراف سياسية وفصائل مسلحة، بهدف إقناعها بعدم وجود أي مخاوف أو خطر من استقبال هذه العوائل، وأن الأمر محسوم لكونهم عراقيين وبغداد ملزمة باستقبالهم، خصوصاً أن هذا الأمر مدعوم دولياً.

 وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن الأيام المقبلة ستوضح نتيجة تلك الحوارات التي تجريها الحكومة مع الأطراف الرافضة.

عضو البرلمان عن تحالف "دولة القانون"، كاطع الركابي، برر رفضهم استقبال العوائل العراقية، بأن "غالبية تلك العوائل إرهابية"، وفقاً لقوله.

وأضاف الركابي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "هناك رفضاً سياسياً لاستقبال تلك العوائل"، محذراً بالقول إن "نقل تلك العوائل سيخلق فتنة ويخلق تهديد السلم الأهلي والمجتمعي، خصوصاً في المناطق المحررة".

لكن عضو مجلس نينوى السابق، الناشط السياسي أحمد الحمداني، قال لـ"العربي الجديد"، إن تلك العائلات تم جرد ملفاتها أمنياً، وهي عبارة عن نساء وأطفال، لكن رفض المليشيات والأحزاب الحليفة لإيران من نقل تلك العائلات لا يتعلق بالعراق، بل لأن الإيرانيين يمارسون سياسة ضد توجهات التحالف الدولي وقوات قسد الحليفة لها في سورية"، وفقاً لقوله.

وأوضح أنّ من غير المعقول الحديث عن نساء وأطفال سيُوضَعون في مخيمات محمية، بأنهم يهددون السلم الأهلي، وهناك مبالغة، وأيضاً جانب سياسي وطائفي في الموضوع.

ويشهد مخيم الهول جرائم قتل متكررة، كثير من ضحاياها عراقيون، ويُعتقد أن خلايا متطرفة داخل المخيم تتبع لتنظيم "داعش" الإرهابي تقف وراء تلك الجرائم. 

وحذر مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي، في وقت سابق، مما وصفها بخطورة مخيم الهول السوري، متحدثاً عن وجود 20 ألف طفل عراقي داخل هذا المخيم، داعياً إلى ضرورة معالجة ملف المخيم، وذلك خلال اجتماع مع السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر.