ضغوطات على هيئة الانتخابات التونسية: هل يرجئ قيس سعيد الاستفتاء؟

هيئة الانتخابات التونسية تواجه ضغوطات متزايدة: هل يرجئ قيس سعيد موعد الاستفتاء؟

27 مايو 2022
مجلس هيئة الانتخابات يقرر البقاء في حالة انعقاد لمدّة 48 ساعة (Getty)
+ الخط -

أجّل مجلس هيئة الانتخابات في تونس، اليوم الجمعة، الحسم في موعد الاستفتاء، مطالبا بلقاء الرئيس التونسي قيس سعيد لحل الإشكالات القانونية التي تعيق نجاح الاستفتاء، واقترح تأجيله إلى ما بعد 25 يوليو/ تموز القادم.

وتواجه هيئة الانتخابات مطبات بالجملة تصب في استحالة إجراء الاستفتاء في موعده، بسبب ضغط الآجال وإمكانية حرمان نحو مليوني ناخب من المشاركة في الاستفتاء، وكذلك غموض مشاركة الأحزاب البرلمانية الحالية في الحملة، واستحالة توفير الحاجيات الانتخابية بسبب قانون الصفقات العمومية.

وقرر مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد مداولات اليوم الجمعة، إرجاء المصادقة على مشروع مواعيد الاستفتاء والبقاء في حالة انعقاد مدّة 48 ساعة أخرى، مطالبا بعقد لقاء رسمي مع رئيس الجمهورية بكامل الأعضاء، للحسم في جملة الصعوبات القانونية قبل انطلاق عملية تسجيل الناخبين المقترحة في المشروع الجديد للمواعيد.

ومن بين المقترحات التي سيرفعها مجلس الهيئة للرئيس إرجاء موعد الاستفتاء إذا تم الاعتماد على القانون الحالي بالآجال التي يتضمنها. 

وقرّر مجلس الهيئة مطالبة رئيس الجمهورية، باعتباره سلطة التشريع في البلاد، بتوضيح عدد من النقاط القانونية عبر إجراء تدخل تشريعي إذا تمسك بموعد الاستفتاء على غرار إصدار مرسوم لتنقيح القانون الانتخابي، في اتجاه السماح بالتسجيل عن بعد والتسجيل الإلكتروني للناخبين، وذلك لتمكين أكبر عدد ممكن من المواطنين من ممارسة حقّهم الانتخابي البالغ عددهم نحو مليوني ونصف ناخب بلغوا السن القانونية للتصويت.

كما اقترحوا تعديل القانون في ما يخص قانون الصفقات العمومية الذي يفرض آجالا يستحيل احترامها خلال شهرين، مما سيعطل اقتناء مستلزمات الانتخابات. 

وعرض رئيس الهيئة فاروق بوعسكر مشروع مواعيد الاستفتاء، مشيرا إلى أن زمن الاستفتاء انطلق في 3 مايو/أيار الماضي، ودعوة الناخبين تمت في 25 مايو/أيار وبين 2 و6 يونيو/حزيران سيفتح المجال لطلب الأحزاب البرلمانية المشاركة في الحملة، وبين 7 و30 يونيو فترة النزاعات والطعون في المشاركات. 

وحسب مشروع مواعيد الانتخابات، سيتم نشر الدستور الجديد مضمون الاستفتاء في 30 يونيو ليكون يوم الاقتراع على الاستفتاء الوطني في 25 يوليو/تموز القادم والإعلان عن النتائج النهائية في 28 أغسطس/آب، وآخر أجل لإصدار المشروع المصادق عليه بالاستفتاء سيكون يوم 12 سبتمبر/أيلول. وتضمن مشروع مواعيد الاستفتاء التمديد في حملة التسجيل للاستفتاء بـ17 يوما، وزيادة عدد العاملين في التسجيل من 1005 إلى 1513. 

واعتبر عضو الهيئة محمد التليلي المنصري خلال الجلسة، أنه وفقا للمواعيد التي تم عرضها، فقد "دخلنا في عدة مخاطر انتخابية، من بينها تخصيص 5 أيام لنقل المواد الانتخابية إلى نحو 47 دولة في 5 قارات على حساب عملية التسجيل، التي ستصبح مدتها 17 يوما وهو أمر يرتقي إلى درجة الاستحالة.

وقال المنصري إنه من الصعب المصادقة على مشروع مواعيد الاستفتاء الوطني، نظرا للمخاطر الانتخابية التي تحتويها، وفق تعبيره.

"لجنة البندقية": يتعين إجراء انتخابات تشريعية في أقرب وقت

من جهتها، اعتبرت "لجنة البندقية"، في تقرير، ردّا على طلب مستعجل من بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس، حول مدى تطابق قرارات الرئيس قيس سعيّد بخصوص تنظيم استفتاء وتنقيح القانون المحدث لهيئة الإنتخابات مع الدستور والإطار التشريعي، أنّه "يتعيّن إجراء انتخابات تشريعية في أقرب وقت ممكن من أجل إعادة تركيز برلمان قبل تنظيم الإستفتاء".

ولجنة البندقية، هي جهاز استشاري تابع لمجلس أوروبا، يطلق عليها "اللجنة الأوروبية للديمقراطية عن طريق القانون"، وتقدم المشورة والمساعدة للدول الأعضاء في القضايا الدستورية والنزاعات القانونية. 

وأوصت اللجنة بإلغاء المرسوم الرئاسي، عدد 22 لسنة 2022، "من أجل شرعية ومصداقية أي انتخابات أو استفتاء". 

وخلصت اللجنة في تقريرها إلى أنّ المرسوم الرئاسي غير مطابق مع الدستور (في فصوله المفعّلة) ولا مع الأمر الرئاسي نفسه عدد 117 لسنة 2021 (الذي علق العمل بجزء من الدستور وينص على مسك سعيد السلطات التنفيذية والتشريعية) ولا مع المعايير الدولية". 

وجاء في التقرير أيضا أنّه "بقطع النظر عن مدى شرعية إجراء تنقيحات على الدستور خارج الأطر المنصوص عليها في دستور 2014 أو الجزء المفعّل منه، فإنّه ليس من الواقعية في شيء تنظيم استفتاء يتمتّع بالمصداقية والشرعية في غياب قواعد واضحة وموضوعة مسبقا وفي غياب نصّ الدستور الجديد الذي سيطرح على الاستفتاء".  

وفي سياق متصل، دعت منظمة "أنا يقظ"، في بيان لها اليوم الجمعة إلى "مقاطعة الاستفتاء"، معبرة عن "استعدادها التام للدخول في تحركات نضالية من أجل حث المواطنين على عدم المشاركة في مهزلة استفتاء الدستور، وذلك سعيا منها إلى تجنيب البلاد، في هذا الظرف الاقتصادي والاجتماعي الصعب، منزلقات خطيرة ستزيد الوضع تعقيداً".