صيف تونسي لبناني حارق

صيف تونسي لبناني حارق

19 يوليو 2021
يجب ان تكون الأولوية لمواجهة وباء كورونا (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

يجتمع التونسيون واللبنانيون في مشتركات كثيرة، ويتشابهون في خصال ومساوئ كثيرة أيضاً، تجمعهم جدتهم علّيسة (إليسار) التي جاءت من صور إلى قرطاج، لأسباب سياسية طبعاً، وتجمعهم بعض الطباع الفرنسية التي خلّفها الاستعمار في كلا البلدين، بيروقراطية كارثية وجدل عقيم بمناسبة ومن غير مناسبة، وتدخّل فرنسي في البلدين لا ينتهي بسبب عقلية استعمارية لم يتخلّص منها الفرنسيون، ولا تخلّصت منها أيضاً نخب تونسية ولبنانية.
اليوم يلتقي اللبنانيون والتونسيون في إتقان فن سياسي جديد وتقنية وأسلوب حكم ومعارضة تفتقت عليها مواهب النخب السياسية العبقرية في البلدين، فن تعطيل كل شيء لإحداث الفراغ في كل مكان، هدم البلد على من فيه، شعار مرحلته "إذا لم أحكم فأنت لن تحكم أيضاً"، ولا يهم إذا مرض الناس أو ماتوا وانهار الاقتصاد وضاعت العملة ودُمر الوطن كاملاً، طالما أني لا أحكم.

كان التونسيون يتفاخرون على كثير من الدول بتجانس شعبهم، دين واحد ومذهب واحد ولغة واحدة، لا طائفية ولا فروقات بين التونسيين في العموم، إلا أن طائفية جديدة بدأت بالبروز وأخذت تتغذى شيئاً فشيئاً من تطور الأحداث وتنمو وتكبر وتجد لها جمهوراً يتسع، هي الطائفية السياسية التي تقوم على التعصب المطلق للحزب وليس للبلد، للزعيم وليس للقانون، للفكرة الأيديولوجية وليس للمشترك الوطني الذي مات من أجله شباب من كل الفئات والمناطق والأفكار.

أصبح التونسيون يَرَوْن كيف ينحاز نواب ضد قانون يخدم الناس لأن الذي اقترحه هو الآخر، يُسقِطون كل شيء وكل فكرة وكل مسعى لأنه فكرة المنافس الذي أصبح للأسف عدواً، ولا يهم إذا تجاوز عدد الموتى حاجز المائتين، وعدد المصابين بكورونا العشرة آلاف يومياً. المهم أن تسقط الحكومة، المهم أن يحيا الحزب والزعيم الفذ. تُسْأل المعارضة التونسية، ثم ماذا بعد؟ لو افترضنا أن هذه الحكومة، التي نتفق بالمناسبة جميعاً على فشلها وفشل من يقف خلفها وأمامها، سقطت، هل من المقبول أن تسقط اليوم في قلب المعركة؟ وهل من الصواب أن نتحدث أصلاً عن أي ملف غير محاربة وباء كورونا، ولماذا لا ننتظر شهراً أو شهرين، نجتمع ونوحد كل الجهود لننقذ أرواح الناس ثم سيكون أمامكم جميعاً مجال لتقاسم الحكم والتنازع حوله. ابنوا بلداً أولاً ثم هدموه إذا شئتم، أما التنازع على الخراب فلن يجدي أحداً إلا الذين أصابهم عمى الطائفة.

المساهمون