استمع إلى الملخص
- التطور الصناعي والتحديات الأمنية: استثمرت الصين والولايات المتحدة في تعزيز صناعات الطائرات المسيرة، مما أثار مخاوف أمنية. تسعى إدارة بايدن لتقييد النفوذ الصيني في سلسلة التوريد، بينما تستحوذ الشركات الصينية على حصة كبيرة من السوق الأمريكية.
- العقوبات والتوترات الدولية: فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على شركات صينية لدعمها روسيا، بينما ردت الصين بعقوبات على الشركات الأمريكية. تسعى الولايات المتحدة للحصول على طائرات مسيرة من مصادر بديلة وسط التوترات المتزايدة.
يحتدم التنافس بين الولايات المتحدة والصين في مجال الطائرات المسيرة ذات الاستخدام المزدوج، والتي تؤدي دوراً رئيسياً في العديد من جوانب الحرب الحديثة، وسط توقعات بأن تحفز إدارة دونالد ترامب الجديدة المنافسة المتزايدة مع بكين لتطوير وإنتاج الطائرات المسيرة ذات الاستخدام المزدوج، التي أثبتت أنها سلاح منخفض التكلفة ولكنه فعال في ساحات المعركة الحديثة. وأصبح استخدام الطائرات المصممة لالتقاط صور ومقاطع فيديو من ارتفاعات عالية، منتشراً على نطاق واسع بين خدمات الإنقاذ ورسم الخرائط، ومع ذلك، فإن هذه الطائرات لها استخدام عسكري أيضاً، وقد برزت بوضوح في ساحات القتال سواء في الشرق الأوسط أو أوكرانيا. وكان مسؤولون أميركيون قد صرحوا في وقت سابق من العام الماضي، بأن الطائرات المسيرة قد تلعب دوراً رئيسياً في أي صراع حول مضيق تايوان، وحذروا من أن الجيش الأميركي يخطط لإنشاء "جحيم من دون طيار" باستخدام آلاف الأجهزة المتطورة إذا هاجمت القوات الصينية الجزيرة، إذ تنظر بكين إلى تايوان باعتبارها جزءاً من الصين ولن تتخلى عن استخدام القوة إذا لزم الأمر لإعادة توحيدها مع البر الرئيسي.
جيانغ لي: الطائرات المسيرة الصينية التجارية تستأثر حالياً بما لا يقل عن 75% من السوق المحلية الأميركية
تطور صناعة الطائرات المسيرة
وخلال السنوات الماضية، زادت كل من الصين والولايات المتحدة من دعمهما لصناعات الطائرات المسيرة المحلية، واستثمرتا التكنولوجيا المتطورة لتعزيز هذا القطاع في جزء من المنافسة التقليدية بينهما. غير أن الاستخدام العسكري المتزايد لهذه الطائرات أدى إلى زيادة المخاوف بشأن قدرة الشركات المصنعة على الوصول إلى بيانات حساسة تضر بالأمن القومي على الجانبين. وخلال ولايته الرئاسية الأولى، ركز ترامب على تقييد استخدام الطائرات المسيرة الصينية في الولايات المتحدة لأسباب أمنية، ما أدى إلى سلسلة من الإجراءات والتدابير المضادة. وفي حين أعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، مطلع العام الحالي، أنها تدرس اجتراح قانون يخرج الصين من سلسلة توريد الطائرات المسيرة، وهي الخطوة الأحدث في تصعيد الانفصال التكنولوجي، على خلفية الاتهامات المتبادلة بشأن التجسس.
وكان مكتب الصناعة والأمن الأميركي قد طلب استطلاع الرأي العام بحلول الرابع من مارس/آذار المقبل، بشأن توصيات تتعلق بالمخاطر المرتبطة بالتعامل مع الصين في ما يتصل بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والخدمات المتكاملة في سلسلة التوريد لأنظمة الطائرات من دون طيار. ووفق معهد أبحاث الصناعة المستقبلية (مؤسسة بحثية صينية مستقلة) وصل حجم سوق صناعة الطائرات المسيرة العسكرية في الصين في عام 2024 إلى 51 مليار يوان صيني (7.3 مليارات دولار)، وحقق نسبة مبيعات بلغت 78%. بينما بلغ حجم سوق الطائرات العسكرية من دون طيار في الولايات المتحدة في نفس العام 12.3 مليون دولار، وفق (Grand View Research) وهي شركة أبحاث واستشارات أميركية مقرها سان فرانسيسكو.
في تعليقه على ذلك، قال أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية جيانغ لي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه في السنوات الأخيرة، أظهر سوق الطائرات من دون طيار العسكرية في الصين مشهداً تنافسياً متنوعاً، حيث تحتل الشركات المملوكة للدولة مثل Aerospace Rainbow مكانة مهيمنة في السوق العالمية، بما في ذلك السوق الأميركية. ولفت إلى أن الطائرات المسيرة الصينية التجارية تستأثر حالياً بما لا يقل عن 75% من السوق المحلية الأميركية، على الرغم من إجراءات الحظر وفرض التعريفات الجمركية، مشيراً إلى أن ذلك يدل على فشل في تقليل الطلب الأميركي على المسيّرات الصينية لأنها فرضت على المستهلك الأميركي دفع المزيد من الأموال مقابل شراء نفس الطائرات من دول أخرى بأسعار أعلى. وأضاف أن الصين تظل مركزاً منخفض التكلفة لإنتاج معدات الطائرات من دون طيار مقارنة بالولايات المتحدة، لذلك تستأثر بنحو 80% من سوق الطائرات المسيرة العالمية.
ولفت جيانغ إلى أن ما يميز الطائرات الصينية قدرتها على تحمل الأحمال الثقيلة وتعدد أغراضها، بما في ذلك الاستخدامات العسكرية، إلى جانب ميزة التكلفة وسلسلة التوريد المستقرة. وبالتالي سيكون من الصعب على الشركات الأميركية التي تصنّع طائرات مسيرة صغيرة ذات استخدام مزدوج، التنافس مع الشركات المصنعة الصينية، إذ إن الأخيرة تنتج وتبيع الكثير منها، مما يؤدي إلى خفض التكلفة واكتساب ميزة تنافسية في السوق. وتوقع جيانغ لي، أن يكون إنتاج الطائرات من دون طيار ساحة لتنافس محموم بين بكين وواشنطن خلال إدارة ترامب، وقال إن المجالات الرئيسية لهذه المنافسة ستكون القدرة على إنتاج الطائرات المسيرة بكميات كبيرة، وتطوير قدرتها على حمل الأسلحة لزيادة كفاءتها الهجومية. ولطالما وصفت السلطات الصينية صناعة الطائرات المسيرة بأنها ذات أهمية استراتيجية، في حين سلطت توجيهات السياسة الدفاعية في البلاد الضوء على أهمية هذا القطاع بالنسبة لجيش التحرير الشعبي. من جهتها، تعمل واشنطن على تقليل الاعتماد على الطائرات من دون طيار الصينية منذ أكثر من عقد، وقد حظر الكونغرس الأميركي على البنتاغون شراءها في عام 2019. وشهد العام نفسه فرض أول تعريفات جمركية على الطائرات من دون طيار الصينية، بلغت 25%.
وصل حجم سوق صناعة الطائرات المسيرة العسكرية في الصين في عام 2024 إلى 7.3 مليار دولار
عقوبات غربية على الصين
خلال العام الماضي، فرضت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على عدد من الشركات الصينية بزعم دعمها للمجهود الحربي الروسي وتزويد موسكو بمكونات الطائرات المسيرة. في المقابل، فرضت الصين أيضاً عقوبات على شركات أميركية مصنعة للطائرات المسيرة بسبب مبيعات الأسلحة الأميركية إلى تايوان. وقد نفت بكين مراراً الاتهامات بأنها زودت روسيا بالأسلحة، وفي أعقاب ذلك فرضت ضوابط تصدير صارمة على الطائرات من دون طيار، وأعربت عن معارضتها استخدام الطائرات المسيرة المدنية لأغراض عسكرية. ونصت هذه الضوابط على أن الطائرات من دون طيار المستخدمة في نشر أسلحة الدمار الشامل أو الأنشطة الإرهابية أو الأغراض العسكرية لا يُسمح بتصديرها. وفي عام 2020، أضافت وزارة التجارة الأميركية العديد من مصنعي الطائرات من دون طيار الصينيين، بما في ذلك شركة DJI إلى قائمة الرقابة على الصادرات الحكومية، مستشهدة بدعمهم للجيش الصيني وتورطهم في انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ. وفي الوقت نفسه، تحاول الحكومة الأميركية الحصول على المزيد من الطائرات من دون طيار من المشغلين المحليين، والموردين الدوليين مثل اليابان وتايوان.