صمت رسمي سوري يلفّ اعتقال قياديَّين في "الجهاد الإسلامي"

22 ابريل 2025
إثر الاستهداف الإسرائيلي لمنطقة دمر بدمشق، 13 مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اعتقلت السلطات السورية قياديين في حركة الجهاد الإسلامي بدمشق، وهما خالد خالد وياسر أبو علي الزفري، دون توضيح الأسباب، وسط مناشدات من سرايا القدس للإفراج عنهما.
- يرى المحللون أن الاعتقال قد يشير إلى تحول في علاقة دمشق مع الفصائل الفلسطينية، في ظل سعي سوريا لرفع العقوبات الغربية، وربما يكون مرتبطًا بالضغوط الأمريكية.
- بعد سقوط نظام الأسد، لم تشارك حركة الجهاد الإسلامي في الصراع الداخلي، وتعرضت مقراتها لغارات إسرائيلية، مع إغلاق معظم المكاتب الفلسطينية في سوريا.

ساد الصمت الرسمي في دمشق، اليوم الثلاثاء، بعد الكشف عن اعتقال السلطات قياديين اثنين في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وسط تضارب المعلومات والتحليلات حول أسباب الاعتقال. وأكدت مصادر متطابقة في العاصمة السورية، اليوم، أن السلطات السورية اعتقلت خلال الأيام الماضية، قياديين اثنين من حركة الجهاد الإسلامي. وقال الناشط الفلسطيني فايز أبو عيد لـ"العربي الجديد"، إن قوات الأمن اعتقلت المسؤول العام لحركة الجهاد في سورية، خالد خالد، ومسؤول اللجنة التنظيمية بالحركة، ياسر أبو علي الزفري، فيما ناشدت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لـ"الجهاد"، السلطات السورية إطلاق سراحهما. وقال بيان "سرايا القدس" إن عملية اعتقال قياديين في "الجهاد الإسلامي" جرت دون توضيح أسبابها، وبطريقة "لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة لطالما كانت أرضهم حاضنة للمخلصين والأحرار". وأضاف البيان: "إننا في سرايا القدس نأمل من إخواننا في الحكومة السورية الإفراج عن إخواننا لديهم"، مشيراً إلى أنه كان لهما "أثر كبير في العمل لقضية فلسطين العادلة وإغاثة أهلهما بالعمل الإنساني خلال السنوات العجاف التي مرّت بها سورية". وشدّد البيان على أن "بندقيتنا لم تتوجه منذ انطلاقتها إلا لصدور العدو، ولم تنحرف يوماً عن الهدف الأساسي والذي هو التراب الفلسطيني الكامل، وعندما قدمت سرايا القدس شهداء من الساحة السورية فقد قدمتهم على حدود فلسطين المحتلة".

اعتقال قياديين في "الجهاد الإسلامي"

وذكر مصدر فلسطيني مقرب من الحركة، لـ"العربي الجديد"، أن الجانب السوري لم يقدم أي معلومات حول أسباب اعتقال قيايين في "الجهاد الإسلامي" الأسبوع الماضي، مستبعداً أن تكون لنشاط حركة الجهاد في سورية علاقة بذلك، والذي قال إنه ينحصر في العمل الإنساني والإغاثي بين صفوف اللاجئين الفلسطينيين. واستبعد المصدر أن تكون لعملية اعتقال قياديين في "الجهاد الإسلامي" علاقة بزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق، يوم الجمعة الماضي، مشيراً إلى أنه تمّ توقيف الزفري يوم الخميس، بينما جرى توقيف خالد السبت الماضي. كما استبعد أن يكون التوقيف على صلة بالاشتراطات الأميركية لرفع العقوبات عن سورية، ومن بينها إبعاد الفصائل الفلسطينية عن سورية.

سرايا القدس: الاعتقال جرى بطريقة لم نكن نتمنى أن نراها

وكانت مصادر فلسطينية في دمشق قالت لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إن اعتقال خالد والزفري جاء بعد أقل من 48 ساعة على زيارة عباس إلى دمشق، كاشفة للوكالة عن حركة كبيرة من قيادات فلسطينية وعربية داخل سورية وخارجها للإفراج عنهما.

وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال قياديين في "الجهاد الإسلامي" أو قياديين فلسطينيين في سورية منذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي. وحركة الجهاد من الفصائل القليلة التي لم تغادر سورية بعد سقوط النظام، ولم تشارك في الصراع الداخلي إلى جانب نظام الأسد، كما فعلت فصائل فلسطينية أخرى. وأكد المصدر أن "الجهاد" ومنذ وجودها في سورية عام 1994، عندما كان على رأس قيادتها الدكتور فتحي الشقاقي، تعمل في إطار إعلامي وخدمي فقط، وليس لها أي نشاط عسكري على الأراضي السورية. وأوضح أن خالد والزفري من الكوادر المتقدمة، لكنهما ليسا من الصف الأول، ويتمتع كل منهما بمناقبية عالية، وفق تعبيره.

وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، إن اعتقال قياديين في "الجهاد الإسلامي" جرى في دمشق ضمن عملية أمنية نفذتها السلطات السورية. ووفق المصادر، فإن اعتقال قياديين في "الجهاد الإسلامي" لم يكن على خلفية تهم جنائية أو سياسية، وإنما بهدف الاستجواب في إطار ما وصفته بـ"إجراء أمني"، مؤكدة أن الإفراج عن خالد والزفري سيتم قريباً، ولا توجد أي تُهم موجّهة إليهما حتى اللحظة.

ورأى المحلّل السياسي محمد جزار في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذه الخطوة، ورغم حرص الجانبين على عدم تقديم تفسيرات سياسية لها، قد تشكل بداية تحول في علاقة دمشق مع الفصائل الفلسطينية، خصوصاً في ظل سعي سورية لرفع العقوبات الغربية، وهو ما قد يتطلب تغييرات تدريجية في سياسة الانفتاح التقليدية على الفصائل الفلسطينية.

وكانت صحيفة واشنطن بوست نقلت الأسبوع الماضي عن مسؤول أميركي أن إدارة الرئيس دونالد ترامب سلّمت دمشق قائمة بثماني خطوات لبناء الثقة، من بينها مطالبة دمشق بترحيل أعضاء المجموعات الفلسطينية لتهدئة المخاوف الإسرائيلية.

وكانت مقرات "الجهاد الإسلامي" في دمشق تعرضت خلال السنوات الأخيرة لغارات إسرائيلية، كان أبرزها في 13 مارس/آذار الماضي حين استهدفت منزلاً كان يقيم فيه الأمين العام للحركة زياد النخالة، كما قُتل القياديان عبد العزيز الميناوي ورسمي أبو عيسى في غارة مماثلة في منطقتي المزة وقدسيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

يذكر أن مصدراً خاصاً في حركة "حماس" كان نفى بداية إبريل/نيسان الحالي، لـ"مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، ما نشرته هيئة البث الإسرائيلية عن الإفراج عن معتقلي الحركة في سورية، مؤكداً أن "جميع المعتقلين من حماس والجهاد الذين كانوا في زنازين النظام السابق، يُعتقد أنهم قضوا تحت التعذيب أو في ظروف مجهولة"، ولا معلومات دقيقة عن مصير أي منهم حتى اليوم.

وأوضحت المصادر أن ما لا يقل عن 77 شخصاً من قادة وأعضاء الحركتين، اعتقلوا بين عامي 2011 و2012 من قبل أجهزة الأمن التابعة للنظام السوري السابق، بتهم مختلفة، وأن نظام بشار الأسد ظل على الدوام يرفض إطلاق سراحهم.

ووفق توثيقات "مجموعة العمل"، فقد تمّ الإفراج عن نحو 60 فلسطينياً فقط من سجون النظام عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، فيما لا يزال مصير أكثر من 4 آلاف معتقل فلسطيني مجهولاً.

محمد جزار: الخطوة قد تشكل بداية تحول في علاقة دمشق مع الفصائل الفلسطينية

مخاوف إسرائيلية مزعومة

وتتذرع إسرائيل، في عدوانها على سورية، بـ"مخاوف" من أن تشكل سورية بيئة حاضنة لعودة الفصائل الفلسطينية المسلحة. وكان مصدر فلسطيني مطلع مقيم في دمشق قال لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، إن هذه التصريحات مجرد أكاذيب للتغطية على خطط الاحتلال بشأن سورية، وتعكس بوضوح رغبة في العبث بالوضع الداخلي السوري تحت ذرائع أمنية. كما نفى أن يكون لـ"حماس" و"الجهاد" أي وجود عسكري في سورية، لا حاليا ولا حتى في عهد النظام السابق. وحول مصير المقرات أو المكاتب التي كانت تتبع للفصائل، أوضح أنه جرى إغلاقها جميعا أو وضعت الإدارة الجديدة يدها عليها، بما فيها مكاتب جبهة النضال الشعبي وجبهة التحرير الفلسطينية وفتح الانتفاضة التي أغلقت جميعها. كما جرى إغلاق معظم مكاتب الجبهة الشعبية - القيادة العامة، أما مكاتب فصيل قوات الصاعقة، التابعة لحزب البعث - الفرع الفلسطيني، فقد استحوذت عليها الإدارة الجديدة واعتبرتها من أملاك الدولة.

وكان مصدر من حركة "فتح الانتفاضة"، قال في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إن "إدارة العمليات العسكرية" في دمشق وضعت يدها على مقر قيادة "الصاعقة" العسكري في منطقة العباسيين بدمشق، ومكتب أحمد جبريل (الأمين العام السابق للجبهة الشعبية - القيادة العامة الذي توفي في عام 2021) والذي ورثه ابنه أبو العمرين. كما وضعت تلك الإدارة اليد على مقر العقيد زياد الصغير، مسؤول حركة "فتح الانتفاضة" في ساحة التحرير بدمشق، بينما هرب الصغير إلى لبنان، وقد كان هذا المقر، وفق المصدر، أساساً قبل عام 1983، مكتباً لحركة فتح بقيادة (الرئيس الفلسطيني السابق) الراحل ياسر عرفات آنذاك.  

وأصدرت حركة "فتح الانتفاضة" قراراً بطرد الصغير من الحركة نهائياً بتهمة اختلاس أموال من الحركة، وإصدار بيانات مزورة باسمها.

ووفق المصدر الأول، فلا توجد اليوم مقرات للفصائل الفلسطينية في سورية، باستثناء المقرات الرسمية الفلسطينية، أي منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة فتح التابعة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وما تبقى هي مؤسسات خيرية اجتماعية وإغاثية، بعضها يتبع للمجتمع المدني، وأخرى لفصائل فلسطينية.

 

 

 

 

المساهمون