صلاح وأبو سرور ولحلوح: حكاية فلسطينيين تسابقوا على المقاومة والشهادة

صلاح وأبو سرور ولحلوح: حكاية 3 فلسطينيين تسابقوا على المقاومة والشهادة

جنين

جهاد بركات

جهاد بركات
18 يونيو 2022
+ الخط -

لم يكن فجر أمس الجمعة يومًا عاديًا بالنسبة للفلسطينيين، بعدما استيقظوا على نبأ اغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي المقاومين الثلاثة: (يوسف صلاح، وبراء لحلوح، وليث أبو سرور) في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، ليذكر استشهادهم بذكرى الفلسطينيين الثلاثة (فؤاد حجازي، وعطا الزير، ومحمد جمجوم) والذين استشهدوا في الـ17 من يونيو/ حزيران من العام 1930 بعدما أعدمتهم القوات البريطانية.

وتأتي عملية الاغتيال هذه واقتحام جنين، بعد تنامي المقاومة الفلسطينية هناك، وخاصة في مخيم جنين، وانضمام شبان فلسطينيين إلى تشكيلات المقاومة الناشئة والمتنامية خلال الأشهر الماضية، والتي أصبحت واضحة بعد العدوان على قطاع غزة العام الماضي.

ويبدو تأثر الشبان الفلسطينيين ببعضهم البعض كما الكثير من الشهداء، خصوصاً وأن كتيبة جنين-سرايا القدس المحسوبة على حركة الجهاد الإسلامي بدأت تتشكل بعد استشهاد الشاب جميل العموري العام الماضي.

ومنذ بداية العام الجاري، استشهد 72 فلسطينيًا وفلسطينية، قتلتهم قوات الاحتلال، بينهم 26 شهيدًا من محافظة جنين، فيما يخشى الاحتلال من تمدد فكرة "كتيبة جنين" لتشمل بقية مناطق الضفة الغربية.

براء لحلوح: استشهاد أصدقائه حوّله مقاوماً

داخل بيت العزاء الذي تقيمه مؤسسات مخيم جنين وعائلة لحلوح، يتحدث كمال لحلوح والد الشهيد أن براء أدرك ضرورة مقاومة الاحتلال منذ طفولته، فقد أصيب براء بيده خلال اجتياح مخيم جنين عام 2002، "وأعدمت يده" حسب وصف والده، الذي روى قصة ابنه لـ"العربي الجديد".

يقول لحلوح: "كان براء طفلاً حين أصيب، أثر الأمر عليه نفسياً، وعزت عليه يده. الاحتلال زرع الحقد فيه، ولكن لاحقاً، فقد العديد من أصدقائه الذين ترعرع معهم، والذين اغتالهم جيش الاحتلال، فسار على طريقهم وأراد تحقيق أمنياتهم"، ومن بين الشهداء ابن عمه.

وبحسب والد الشهيد لحلوح، فإن ابنه كان يفقد أصدقاءه واحداً تلو الآخر، فصار يشتد أكثر، وانضم لكتيبة جنين؛ أحد تشكيلات سرايا القدس، وأصيب ست مرات خلال مقاومة الاحتلال، وبسبب إحدى الإصابات ظن أنه سيتم بتر رجله المصابة.

طورد براء لأنه أراد السير على طريق أصدقائه كما يقول والده، واختار الشهادة، بل إنه كتب وصية، قرأها الوالد قبل شهر تقريباً. وفي المقابل، لاقى ملاحقة متكررة من جيش الاحتلال، وفي إحدى المرات قبل شهر رمضان الأخير، اقتحم جيش الاحتلال المنزل لكن براء تمكن من الفرار، فاعتقل والده، وطلب الاحتلال منه تسليم ابنه، وإلا فسيعيده جيش الاحتلال تحت التراب حسب تعبيرهم، وفي أحد الاتصالات هدد الاحتلال بقتل براء وهدم منزله.

لكن الملاحقات الأمنية لبراء لم تقتصر على الاحتلال، فكما يروي والده، فقد اعتقل لدى جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني لمدة 65 يوماً، وقد تعرض خلال ذلك للشبح برجل واحدة ولمدد تصل إلى خمس ساعات متواصلة.

ويتهم والد لحلوح الأمن الفلسطيني بأنه اعتقل ابنه لمقاومته الاحتلال، بل وإنه يقول: "إن ضابط الاحتلال الذي حقق معه وطالبه بتسليم ابنه؛ عرض عليه صورة ابنه وملف تحقيقه لدى الأمن الوقائي".

ليث أبو سرور: أحلام بسيطة

يصف كمال أبو سرور عم الشهيد ليث في حديث مع "العربي الجديد"، أن ابن أخيه كان وكأنه طفل: أحلامه وردية بسيطة، بشوش، يمازح الناس، وعلاقته بأطفاله قوية ومميزة، ويشارك الناس بكل مناسباتهم الاجتماعية، وهو متشرب للأفكار الوطنية، من عائلته، فشقيقه شهيد، وابن عمه شهيد، وهو الشهيد الثالث في العائلة.

بينما يقول والد زوجة أبو سرور، سامر عصاعصة في حديث مع "العربي الجديد": "إن الشهيد ليث كان طيباً، خلوقاً، ويحب وطنه، ويحب منزله وهو حريص على تلبية كل احتياجاته، وما يملكه يقدمه للناس".

يوسف صلاح: سار على درب شقيقه الشهيد

من أمام قبري ليث ويوسف، يروي عبد الله أكرم أحد أصدقاء الشهيد يوسف صلاح جزءاً مما يعرفه عن حياته المقاومة، فهو كما يروي أكرم لـ"العربي الجديد" بعد استشهاد شقيقه سعد عام 2017، أصبح يعمل بجد، واشترى من عمله السلاح، وكان لا يفوت أي اقتحام لجيش الاحتلال، لمقاومته، وسار على درب شقيقه سعد والشهداء الفلسطينيين.

كان يوسف كما يقول أكرم، خلال الفترة الأخيرة "مسلماً أمانته"، ويعرف أنه سيستشهد، مشيرًا إلى أن طريقة إطلاق النار فجر الجمعة، تدل على أن جيش الاحتلال اغتاله مع الشهيدين لحلوح وأبو سرور بإطلاق الرصاص على المركبة من نقطة صفر.

وحول وجود الشبان المقاومين من عدة فصائل مع بعضهم في مقاومة الاحتلال، يقول أكرم: "لا تمييز ضمن الفصائل بين الشبان، كلهم يد واحدة ووقت اقتحام جيش الاحتلال نرى الشبان من كل الفصائل، فهم فقط يريدون المقاومة والسير على درب الشهداء".

عائلة الشهيد صلاح بدأت معاناتها من إصابة والده في الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، حين أصيب بجروح تسببت له بإعاقة وهو أسير محرر كذلك، كما أن ابن عمه محمد استشهد قبل 19 عاماً، بينما عمه الأسير عبد الرحمن صلاح وهو والد الشهيد محمد محكوم منذ 20 عامًا بالسجن 25 عامًا وأفرج عنه بصفقة وفاء الأحرار عام 2011 ثم أعيد اعتقاله، وهو يعاني حاليًا من أمراض مزمنة.

العائلة تكبدت آلامًا كبيرة، أثرت على حياتها، وهو ما تبين من منشور كتبته تالا صلاح، شقيقة الشهيد يوسف، أنها أصبحت شقيقة شهيدين وشقيقة أسير آخر، وهي من طلبة الثانوية العامة لهذا العام، ما دفع وزير التربية والتعليم الفلسطيني إلى إصدار قرار بتأجيل امتحان الثانوية العامة لها وعقد الامتحان في وقت لاحق يناسبها.

ذات صلة

الصورة

سياسة

أدى أكثر من 60 ألف فلسطيني، اليوم الأربعاء، صلاة عيد الفطر في المسجد الأقصى في القدس المحتلة من دون أيّ أجواء احتفالية، حزناً على ضحايا الحرب الإسرائيلية
الصورة
اعتداء على طفل في الخليل

سياسة

كشف مقطع فيديو، سجلته كاميرات المراقبة داخل محل تجاري في حارة جابر في الخليل، اعتداء جنود الاحتلال على طفل فلسطيني، بذريعة وجود صورة لقطعة سلاح على قميص يرتديه.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة
فلسطينيون من الضفة الغربية عند حاجز قلنديا 1 (العربي الجديد)

مجتمع

تعقّد سلطات الاحتلال وصول الفلسطينيين المسنّين من الضفة الغربية المحتلة إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة، لأداء صلاة الجمعة في شهر رمضان.