صلاح الحموري.. فلسطيني فرنسي أسير الاعتقال والتجسس من قبل الاحتلال

صلاح الحموري.. فلسطيني فرنسي أسير الاعتقال والتجسس من قبل الاحتلال

08 يونيو 2022
تتجاهل فرنسا قضية الأسير المحامي صلاح الحموري رغم حمله جنسيتها (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

بالنسبة لعائلة المحامي الأسير صلاح الحموري من حي بيت حنينا في القدس المحتلة، فإنه ليست هناك بارقة أمل في أن تطلق سلطات الاحتلال الإسرائيلي سراحه من سجنه، حيث جددت تلك السلطات، الأحد الماضي، أمر اعتقاله، قبل يوم واحد فقط من الإفراج عنه.

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقلت الحموري، في 7 مارس/ آذار 2022، وجرى تحويله للاعتقال الإداري، ليجدد اعتقاله إدارياً مرة أخرى قبل ثلاثة أيام.

والد صلاح، حسن الحموري، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ الاحتلال يواصل استهداف نجله المحامي وعائلته التي أبعدت إلى فرنسا، علماً أنه متزوج من مواطنة فرنسية، وهو شخصياً يحمل جنسية الدولة الفرنسية التي لم تشفع له، ولم تفلح كل ما تقول تلك الدولة من رئيسها إيمانويل ماكرون وحتى القنصل الفرنسي في القدس في تحرير صلاح، الذي هو بحكم القانون مواطن فرنسي وواحد من رعايا هذه الدولة.

وعاشت عائلة صلاح قبل تجديد أمر الاعتقال بحق نجلها حالة من الترقب والقلق، لتتحول بعد ذلك إلى مزيد من المعاناة بسبب إبقاء صلاح في الأسر، وهو الذي كان ضحية للاحتلال الذي اخترق جهاز هاتفه النقال وتجسس عليه، بينما كان يحاول العودة إلى حياته الطبيعية ممارساً عمله كمحام يدافع عن الحريات وعن حقوق المعتقلين.

تعذيب وسوء معاملة

صلاح، البالغ من العمر 38 عاماً، ولد في القدس لأم فرنسية وأب فلسطيني، وأمضى سنوات في سجون الاحتلال بتهمة العضوية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الفصيل الفلسطيني المقاوم الذي تصنفه إسرائيل بأنه منظمة "إرهابية"، واعتقاله الأول كان بتهمة التخطيط لاغتيال الزعيم الروحي لحركة شاس الحاخام عوفاديا يوسيف قبل أن يتم اعتقاله، وفي فترة التحقيق معه تعرض للتعذيب وسوء المعاملة، ورغم ذلك نفى التهم الموجهة إليه وأنكرها تماماً.

وبعد الإفراج عنه، لوحق صلاح، كما يقول والده، أكثر من مرة بالاعتقال الإداري، ثم بتجريده من حق الإقامة ونفي زوجته إلى فرنسا، الدولة الأم، حيث لا تزال تعيش مع أبنائها هناك.

وفي تبريرها لقرار تجريده من حق الإقامة، زعمت وزيرة الداخلية الإسرائيلية أنّ صلاح الحموري "انتهك على نحو خطير" ما سمّته "التزامه كمقيم في إسرائيل"، وبالتالي لم يعد له حق الإقامة التي تمنحها دولة الاحتلال للمقدسيين المقيمين في القدس، وحيث لا يتمتع هؤلاء بأي من تلك الحقوق الممنوحة لليهود وحملة الجنسية الإسرائيلية.

شكوى للسلطات الفرنسية دون جدوى

والد صلاح الحموري، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ العائلة وعلى مدى الفترة الماضية كانت على تواصل دائم مع الحكومة الفرنسية ومع الرئيس الفرنسي ماكرون وطالبت باريس بالتدخل لكن دون جدوى.

ويضيف: "بعثنا برسائل عدة إلى الرئيس الفرنسي وشرحنا له ما يتعرض له مواطنه الفرنسي من ظلم الاعتقال وطالبناه بالتدخل، وفي كل مرة كان يأتينا الرد بأنه يبذل جهوداً ويجري اتصالات مع الإسرائيليين لإطلاق سراحه، لكن شيئاً من هذا لم يتحقق. الأمر ذاته في اتصالاتنا اليومية مع القنصل الفرنسي في القدس، وهو أيضاً كان يرد بأنّ حكومته تتابع قضية صلاح وتعمل على إطلاق سراحه".

وفي شأن الدعوى القضائية المرفوعة من قبل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، وبدعم من عدة مؤسسات ضد شركة "إن إس أو" الإسرائيلية للتكنولوجيا، لاختراقها هاتف المحامي صلاح الحموري، قال والده إنّ "هذه القضية لا تزال تتفاعل، والعائلة ستواصل متابعتها بالنظر إلى ما يمثله هذا الاختراق من انتهاك لخصوصية صلاح".

ويعود الكشف عن هذا الاختراق إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث تعرض الحموري لاختراق هاتفه إلى جانب عدد من أجهزة هواتف حقوقيين بواسطة تكنولوجيا تابعة لمجموعة "إن إس أو"، وهي شركة تكنولوجيات إسرائيلية معروفة باستخدامها برنامج "بيغاسوس" التجسسي.

وأشارت المؤسسات الحقوقية الفلسطينية إلى أن الحمّوري توجه للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان من أجل تمثيله في رفع دعوى قضائية بحق شركة "إن إس أو" الإسرائيلية لاستخدامها بصورة غير قانونية لبرنامج تجسسي، ليس فقط لاختراق هاتفه الشخصي والتجسس عليه، بل للتجسس على حياته العملية والشخصية بأكملها، بصورة تنتهك حقه الخالص في الخصوصية، إلى جانب حقوق أخرى.

والد صلاح، الذي لا يثق بالوعود الفرنسية، اتهم سلطات الاحتلال بممارسة سياسات وإجراءات تهدف إلى ترحيل المقدسيّين من مدينتهم، واصفاً ما يتعرض له نجله على مدى نحو عقدين بأنه "ظلم كبير"، خاصة أنّ نجله كان قد اعتقل للمرّة الأولى في عام 2001 لمدّة خمسة أشهر، ثمّ اعتُقل إدارياً في عام 2004 لمدّة أربعة أشهر، وبعدها اعتُقل في عام 2005 لمدّة سبع سنوات، قبل أن يعاد اعتقاله في عام 2017 إدارياً لمدّة 13 شهراً، في حين مُنع من دخول الضفة الغربية لمدّة عامَين. وفي عام 2016، أبعد الاحتلال الإسرائيلي زوجته إلسا لوفور، وهي فرنسية، إلى فرنسا، وكانت حينها حاملاً في شهرها السابع، وخلال إبعادها تعرضت لسوء المعاملة.

الرواية الإسرائيلية: "عدم الولاء"

وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قال زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وهو ابن عم والد صلاح، إن ما تعرض له صلاح على مدى السنوات الماضية من مطاردة واعتقال وسوء معاملة له ولأفراد عائلته، "يندرج في سياق ممارسات يومية للاحتلال بحق المقدسيين، حتى ولو كانوا من حملة جنسيات أوروبية وأميركية، حيث تطبق عليهم سلطات الاحتلال سياسة الإبعاد والتطهير العرقي وتجردهم من الإقامة كما تفعل مع عموم المقدسيين"، لافتاً إلى أنّ أكثر من 16 ألف مقدسي جردوا من إقاماتهم في غضون العقود الثلاثة الماضية، والحديث هنا يتعلق بعائلات وليس بأفراد فقط.

وأوضح الحموري أنّ الاحتلال في تطبيقه لهذه السياسة والتي طاولت صلاح الحوري أيضاً رغم حيازته على الجنسية الفرنسية، يستند إلى ما يسميه قانون "عدم الولاء" للدولة العبرية، علماً أنّ هذا القانون العجيب الغريب كان قد طبق قبل عدة سنوات على وزير القدس الأسبق خالد أبو عرفة وعلى ثلاثة من نواب المجلس التشريعي من المقدسيين الذين أبعدوا إلى الضفة الغربية، وتعرضوا خلال اعتقالهم إلى مزيد من الملاحقة من خلال اعتقالهم إدارياً أكثر من مرة.