صدمة في الجزائر بعد عودة الاعتقالات ومتابعة الناشطين بأحكام ثقيلة

صدمة في الجزائر بعد عودة الاعتقالات ومتابعة الناشطين بأحكام ثقيلة

04 يناير 2021
السلطة الحاكمة تخالف كل التوقعات (رياض قرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -

حملت الساعات الأخيرة في الجزائر أخبارا غير سارة للناشطين في الحراك الشعبي، بعد عودة الاعتقالات والمتابعات في المحاكم ضد الناشطين، على الرغم من أن مجمل التقديرات كانت تشير إلى إمكانية أن تسير الأمور عكس ذلك، وحدوث بعض الانفراج في ظل توقعات بالإفراج عن المعتقلين.
وفي أحدث خطوة في هذا السياق، اعتقلت السلطات الجزائرية أخيراً الناشطة البارزة توات دليلة، وهي أستاذة في الثانوية والناطقة باسم العاطلين عن العمل بمستغانم غربي البلاد، وتقرر إيداعها السجن من قبل محكمة مستغانم بتهمة "إهانة هيئة نظامية ونشر منشورات من شأنها المساس بالمصلحة الوطنية".


 كما قضت محكمة سطيف، شرقي الجزائر، على الناشط في الحراك الشعبي والرسام وليد كشيدة بالسجن ثلاث سنوات، بتهمة "إهانة هيئة نظامية وإهانة رئيس الجمهورية"، بعدما جرت ملاحقته بسبب نشره على مجموعة في موقع "فيسبوك"، باسم "حراك ميمز"، رسومات تتناول الوضع السياسي في البلاد بطريقة هزلية، وكان قد اعتقل في 27 إبريل/ نيسان الماضي. 
ونطقت محكمة جيجل، شرقي البلاد، بإدانة أصغر ناشط معتقل ياسر رويبح ذي 19 سنة من عمره ومعتقل الرأي سعدان بومطلوعة بثلاث أشهر حبس نافذة لكل منهما، بعدما وجهت لهما تهمة "إهانة هيئة نظامية وإهانة رئيس الجمهورية".
ومثل اليوم 15 ناشطا أمام محكمة باتنة شرقي الجزائر، كانت قد وجهت لهم تهمة حمل الراية الأمازيغية، والتمست النيابة العامة سجنهم عاماً وغرامة مالية في حقهم.
كما طالبت محكمة برج بوعريريج، شرقي البلاد، بسجن الناشط مواسي محسن 18 شهراً حبساً نافذاً بتهمة "إهانة هيئة نظامية ونشر أنباء مغرضة من شأنها المساس بالنظام العام". وفي البيض غربي البلاد، أدين الناشط في الحراك الشعبي قرميط عبد الله بالسجن ستة أشهر، كما قضت محكمة قسنطينة، شرقي الجزائر، بالسجن ستة أشهر بحق الناشط في الحراك الشعبي بوجعادة زكريا. 
وتأتي هذه الإجراءات الجديدة مخالفة تماما لكل التوقعات التي كانت تشير إلى أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون والسلطة السياسية قد يعمدان إلى خطوات تقود إلى انفراج في ملف الحريات والناشطين الموقوفين، تزامنا مع عودة تبون من رحلته العلاجية في الخارج، وظروف السنة الجديدة 2021، وكذا لإحداث توازن وامتصاص الغضب الشعبي بعد تبرئة المحكمة العسكرية، السبت الماضي، السعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر للرئيس الجزائري السابق، والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون ومسؤولين سابقين في الاستخبارات، وإسقاط تهم التآمر الموجهة إليهم، ومناقضة لمطلب أطلقته عدة قوى سياسية، دعت فيه تبون إلى إطلاق مسار حوار سياسي وطني وتنفيذ تدابير تهدئة. 
وقالت حنون إنها لا تشعر بأن حريتها كاملة، إلا بعد أن يتم إطلاق سراح كل معتقلي الرأي.
ودعت في تصريح لها الرئيس الجزائري، إذا كان يريد فعلا أن يطلق نوايا جيدة، إلى أن يعلن عن إطلاق سراح كل الناشطين ومعتلقي الرأي، ويصدر قراراً بوقف الظلم والتعسف، ومراجعة وتصحيح مسار المحاكمات السياسية، لأجل أن ترجع السكينة لعائلات الموقوفين، لتوفير ظروف مغايرة لانطلاقة سياسية جديدة".
من جهته، قال المحامي مقران آيت العربي، في تصريح صحافي اليوم، إنه "يفترض أن تبادر السلطة الحالية إلى تصحيح أخطاء السلطة السابقة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي في أقرب الآجال، لتهدئة الأوضاع في الظروف الراهنة، ممن تعلقت بهم قضايا رأي ومواقف سياسية كيفت على أساس تهم إضعاف معنويات الجيش والمس بالوحدة الوطنية". وطالب بالإفراج سريعا عن كل المعتقلين وأبرزهم الصحافي خالد درارني والناشط السياسي رشيد نكاز. 

وبحسب مراقبين، فإن هذه القبضة الجديدة ستزيد من حالة اليأس والإحباط السياسي في الشارع الجزائري إزاء تصحيح ومراجعة القضايا المتعلقة بالتعبير عن الرأي.
وقال الناشط السياسي سمير العربي لـ"العربي الجديد": "كان متوقعاً أن تحدث تدابير تهدئة، وإفراج عن الناشطين الموقوفين، خاصة أن تهم أغلبهم تخص التعبير عن الرأي، وتهم هشة وغير دقيقة، كتهديد الوحدة الوطنية وإهانة هيئة نظامية والراية الأمازيغية وغيرها من التهم التي يفترض أنها كانت محل تلفيق من قبل السلطات،مثل ما انتهى إليه قرار القضاء العسكري بإلغاء تهم التآمر على الشخصيات الأربع، لكن الذي يحدث مصيبة سياسية جديدة، وتعبير واضح عن رفض السلطة مراجعة موقفها ومقاربتها لملف الحريات".