صحيفة دنماركية لوزير الثقافة بشأن غزة: "الشعور بالغثيان لا يكفي"

26 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 15:00 (توقيت القدس)
مظاهرة تضامناً مع غزة في كوبنهاغن، 24 أغسطس 2025 (كريستيان بيرغ/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تناولت صحيفة إنفورماسيون الدنماركية تغير موقف وزير الثقافة ياكوب إنغل شميت، الذي شكر القطاع الثقافي لتضامنه مع غزة، رغم انتقاده السابق لمهرجان روسكيلد بسبب شعارات داعمة لفلسطين، وانتقد سياسات إسرائيل مشبهاً إياها بنظام الفصل العنصري.
- انتقدت الصحيفة التناقض بين تصريحات الوزير وأفعال الحكومة الدنماركية، مشيدةً بتضامن الأوساط الثقافية مثل مبادرة خمسين كاتباً لتكريم أطفال غزة، واعتبرت ذلك اتهاماً للحكومة ومطالبة بوقف الوحشية.
- أكدت الصحيفة صواب مواقف الفنانين والمثقفين تجاه غزة رغم حملات التشويه، مشيرةً إلى تقاعس النخب الثقافية العربية، وشكرت الفنانين على مقاومتهم المشرقة.

تناولت صحيفة إنفورماسيون الدنماركية، اليوم الثلاثاء، التغيير الواضح في نبرة وزير الثقافة ياكوب إنغل شميت (من حزب المعتدلين – يمين الوسط)، بعدما وجّه الشكر للقطاع الفني والثقافي في البلاد بسبب تضامنه مع غزة. وذكّرت الصحيفة الوزير بأنه كان قد انتقد مهرجان روسكيلد الموسيقي هذا الصيف، بسبب سماحه برفع شعارات سياسية داعمة لفلسطين ومنها هتاف فرقة "فونتينز دي سي" الأيرلندية: "من النهر إلى البحر". حيث اعتبر الوزير، حينها، أن الهتاف "تجاوز حدوده"، وطالب إدارة المهرجان باختيار "المنصة التي تريد أن تقف عليها".

لكن الوزير عاد لاحقاً، في كلمته الافتتاحية خلال ملتقى "مورس" الثقافي (بين 20 و22 أغسطس/آب الجاري)، ليقول إنه يشكر "جميع المنخرطين في القطاع الثقافي الذين عبّروا عن احتجاجهم الصاخب بشأن الوضع في غزة"، مؤكداً أنه طالما انتقد سياسات إسرائيل، التي شبهها في عام 2014 بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وأضاف الوزير: "لا أنوي سماع غضب من عالم الثقافة بسبب أمر بديهي: الحكومة الإسرائيلية تستغل التجويع لقمع شعبٍ بأكمله، وخصوصاً الأطفال الأبرياء. بوصفك إنساناً، يجب أن تشعر بالغثيان تجاه ذلك؛ وهذا ما أشعر به حقاً".

"الغثيان لا يكفي"

ورغم ترحيبها بهذا التغير في النبرة، شددت صحيفة إنفورماسيون على أن "الشعور بالغثيان لا يكفي"، وتساءلت: "هل يشعر الوزير أيضاً بالضيق لكونه جزءاً من حكومة شاركت، بصادراتها من السلاح ودعمها السياسي والاقتصادي، في إضفاء الشرعية على جرائم الحرب في غزة؟". ووصفت الصحيفة الموقف بأنه تناقض صارخ بين الأقوال والأفعال، معتبرة أن الحكومة الدنماركية، التي يتولى شميت أحد مناصبها القيادية، "جلبت العار على البلاد".

ورغم الانتقادات، لم تُغفل الصحيفة أهمية تضامن الأوساط الثقافية في الدنمارك، مشيدةً بمبادرة خمسين كاتباً وكاتبة دنماركيين، من بينهم أسماء بارزة مثل: كيرستن ثوروب، مايا لوكاس، ألكسندرا مولتكه، كارستن ينسن ووزير الخارجية الأسبق موينز لوكاتوفت. والذين قاموا يوم الجمعة الماضي بتكريم أطفال غزة الشهداء بقراءة أسمائهم من الصباح حتى المساء في ساحة بلدية كوبنهاغن، وسط المارة من الدنماركيين والسياح.

وكانت الرسالة، بحسب الكتاب، موجهة للجمهور، ولكن أيضاً كـ"اتهام مباشر" للحكومة الدنماركية ومطالبة للمجتمع الدولي "بوقف الوحشية في غزة قبل فوات الأوان". وفعالية القراءة الجماعية هذه استُلهمت من مبادرة سابقة في مدينة نايميخن الهولندية هذا الصيف، حيث استمر الناس هناك خمسة أيام في قراءة أسماء شهداء غزة.

الفنانون أصابوا... والسياسيون أخطأوا

ورأت الصحيفة الدنماركية أن الوزير شميت أصاب حين شكر الفنانين والمثقفين، الذين عبّروا عن مواقفهم بوضوح وشجاعة، حتى حين لم يكن ذلك مقبولاً سياسياً، وتعرضوا بسبب ذلك لحملات تشويه واتهامات بمعاداة السامية أو دعم الإرهاب، بل حتى تهديدات بالعقوبات الاقتصادية كما ذكرت إنفورماسيون.

وقالت الصحيفة في تقييمها للعلاقة بين الثقافة والسياسة: "أن تكون فناناً جيداً لا يعني بالضرورة أن تكون مفكراً سياسياً عميقاً. لكن في حالة غزة، العكس هو ما حدث. الفنانون كانوا على صواب، والسياسيون فشلوا أخلاقياً وسياسياً". وختمت إنفورماسيون بالقول: "شكرا للفنانين والمثقفين. لقد بدت مقاومتكم مشرقة وسط أكثر اللحظات قتامة".

ومن اللافت أن مثقفين وفنانين دنماركيين وأوروبيين باتوا خلال مشاركاتهم في فعاليات متضامنة مع فلسطين ينتقدون بصراحة تقاعس النخب الثقافية العربية عن مواجهة جرائم الإبادة ضد الفلسطينيين رغم القرابة القومية والإنسانية، وفي وقتٍ يتقدم الغرب بمبادرات أخلاقية شجاعة لم تُقابَل، في كثير من الحالات، إلا بصمتٍ عربي مخزٍ بمستوى الخزي الذي تشير إليه إنفورماسيون في تناول مواقف حكومة بلادها. إذ إن هؤلاء المثقفين لا يكتفون بالمواقف الرمزية، بل يضغطون على حكوماتهم لمحاسبة الاحتلال، فيما يغيب الصوت العربي حيث يُفترض أن يكون الأعلى.

المساهمون