رئيس تحرير صحيفة دنماركية: العنصرية تكشف التناقضات في عدم التضامن مع الفلسطينيين
استمع إلى الملخص
- يقدم المسلسل نقداً لسياسة الهجرة في الدنمارك، حيث يُنظر إلى معاناة شعوب الدول النامية كتهديد اقتصادي وثقافي، ويعكس التفاوت في التعاطف مع معاناة الإسرائيليين والفلسطينيين.
- يشير لوكبيرغ إلى بوادر تغيير في الموقف الدنماركي، مع تزايد الأصوات التي ترفض تجاهل مصير الفلسطينيين واعتراف الحكومة بمعاناتهم.
تناول رئيس تحرير صحيفة إنفورماسيون الدنماركية، رونا لوكبيرغ، اليوم السبت، مسألة التضامن مع الفلسطينيين عبر تحليله لمسلسل تلفزيوني دنماركي شهير بعنوان "المحمية/ Reservatet". وطرح لوكبيرغ، الذي يُعد من أبرز النقاد لسياسات بلاده تجاه دولة الاحتلال الإسرائيلي وصل إلى حد اتهامها بالتواطؤ في الجرائم المرتكبة في غزة، من خلال قراءته لهذا المسلسل تساؤلات عن كيفية فهم الدنماركيين، وخصوصاً ساستهم، لعلاقتهم بشعوب الشرق الأوسط، خصوصاً إزاء حرب الإبادة المتواصلة على الشعب الفلسطيني في غزة، ومحاولات التفريق بين قيمة حياة الفلسطينيين وحياة مواطني دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ويبدأ لوكبيرغ قراءته للمسلسل بالقول: "نرى أنفسنا في مسلسل المحمية. ومن خلاله نفهم لماذا يصعب على الحكومة الدنماركية إظهار التعاطف مع شعوب الشرق الأوسط، وكيف أصبح من المسلَّم به سياسياً أن بعض الأرواح أغلى من غيرها". المسلسل، الذي تدور أحداثه في بيئة راقية شمالي كوبنهاغن، يتناول قصة سيسيلي، وهي امرأة ليبرالية تقدمية، تسعى لتحقيق ذاتها سيدةَ أعمال عصرية، متجاهلة تماماً الفوارق العرقية داخل مجتمعها. أما صديقتها كاتارينا، فهي تجسد الوحشية الاجتماعية للطبقة العليا، حيث تتعامل مع عمالتها باستخفاف وتعيش حياة قاسية في عالم الموضة على غرار "العاهرة الجميلة".
وبينما نجد أن سيسيلي تُظهر تعاطفاً مع محيطها القريب، إلا أن كاتارينا تُظهر فزعاً من فكرة أن النساء السُّمر قد يقتربن من مستويات الحياة نفسها التي تعيشها هي. في بداية المسلسل، تكشف سيسيلي أن مربية أطفال كاتارينا ألقت باختبار حمل في سلة المهملات، ما يلمّح إلى جريمة أخلاقية. وعندما تختفي المربية لاحقاً، يتبين في النهاية أنها غَرِقَت في البحر. وتظهر كاتارينا مبتسمة وهي تلمّح إلى أن "المرأة السمراء يجب أن تغرق كي ينجو النظام الاجتماعي".
وبحسب لوكبيرغ، فإن الدرس القاسي الذي يقدمه المسلسل، هو أننا في الدنمارك، اليوم، نعيش في حالة من التناقض: نحمل في داخلنا تقديراً لبعض الناس ورفضاً لآخرين. نمارس المساواة بين أصدقائنا، ولكننا نتجاهل معاناة بقية العالم. وتقول كاتارينا: "نحن أمهاتٌ حقاً على طريقتنا الخاصة". بينما تسعى سيسيلي لتعليم أطفالها الفضائل المعروفة، ترغب كاتارينا في تعليمهم القتال للبقاء في هذا المجتمع القاسي.
المسلسل، بنقده القاسي، يسلط الضوء على سياسة الهجرة في الدنمارك، حيث يُنظر إلى معاناة الناس من الدول النامية على أنها تهديد اقتصادي وثقافي. إذا سمحنا لهم بالخروج من مخيمات اللاجئين، فسنُغرَق في بحر من طالبي اللجوء. وبالتالي، لا بد من اتخاذ مواقف قاسية مع الغرباء حتى نحتفظ بمشاعر التضامن مع أصدقائنا. ويقول لوكبيرغ: "عندما غضبت ميتا فريدريكسن، رئيسة الوزراء الدنماركية، من صحفي ساوى بين الضحايا المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، ردّت قائلة: لا مجال للمقارنة. واعتبرت أن الحديث عن معاناة الإسرائيليين والفلسطينيين كأنها متساوية، أمر مقلق وغير تاريخي".
المفاجأة الحقيقية، وفقاً للوكبيرغ، تكمن في أن هذا التفاوت في التعاطف لا يُعتبر فقط اختلافاً سياسياً، بل هو انعكاس لمفهوم تاريخي راسخ في السياسة الدنماركية الحديثة، "هناك أرواح نتعاطف معها وأرواح نتجاهل معاناتها".
ورغم كل ما يحدث، يبدو أن هناك بصيص أمل، حيث بدأت أصوات أكثر في الدنمارك ترفض التجاهل المطلق لمصير الفلسطينيين. وبعد شهور من الاحتجاجات والعجز الدولي، أصبح مصير الفلسطينيين قضية ذات صلة بأبناء الشعب الدنماركي، ويجب أن يتحمل المجتمع الدنماركي مسؤولية ما يحدث. وشدد لوكبيرغ في الوقت نفسه على أن "معاناة الفلسطينيين وجوعهم ومصيرهم قد أقرت بها الآن رئيسة الحكومة نفسها، على اعتبارها مشكلتنا. ولم يعد بالإمكان تجاهل أنهم مثلنا، وبأنه يجب وقف اضطهادهم".