وستهبط طائرة الرئيس التركي في مطار برلين "عند الظهر"، على أن يلتقي بعد ذلك نظيره فرانك فالتر شتاينماير قبل أن يتوجّه إلى مبنى المستشارية لإجراء محادثات مع شولتز، ويلي ذلك عشاء يغادر على أثره إلى تركيا.
ومن المقرّر أن يعقد أردوغان وشولتز "لقاء مع الصحافة" قبل لقائهما. وهذه الزيارة الأولى للرئيس التركي إلى ألمانيا منذ العام 2020.
وتسير ألمانيا خلال هذه الزيارة على حبل مشدود باستقبالها رئيسا شكك قبل أسبوع بـ"شرعية" إسرائيل، فيما تعتبر برلين وجود دولة الاحتلال "مصلحة وطنية" منبثقة عن مسؤوليتها التاريخية في محرقة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
وظهر أردوغان كوسيط محتمل في الأيام الأولى من الحرب على غزة، لكنّه اعتمد بعد ذلك نهجاً مختلفاً في أعقاب عمليات القصف المكثّف التي شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على القطاع المحاصر، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 11500 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وفقاً لوزارة الصحة.
"سخيفة"
قبل يومين من زيارته إلى برلين، وصف أردوغان إسرائيل في كلمة ألقاها أمام النواب الأتراك، بـ"دولة إرهابية" متهماً الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين بـ"الدعم العلني للمجازر" في غزة.
وقبل أسبوع، اعتبر أنّ شرعية إسرائيل نفسها "موضع شكّ بسبب فاشيتها"، في تصريحات أثارت صدمة في ألمانيا.
من جهته، وصف شولتز هذه التصريحات الثلاثاء بأنها "عبثية"، مدافعاً عما وصفها "الدولة الديمقراطية" في إسرائيل في مواجهة حماس.
وفي هذه الأثناء، ارتفعت أصواتٌ خصوصاً من الجمعيات اليهودية، تطالب بإلغاء الزيارة التي كانت مقرّرة منذ عدّة أشهر، بناء على دعوة المستشار الألماني لأردوغان بعد إعادة انتخابه في مايو/أيار.
واعتبرت المعارضة المحافظة أنّ توقيت الزيارة غير مناسب، الأمر الذي أعرب عنه أيضاً الحزب الديمقراطي الحر وهو عضو في الائتلاف الحكومي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر.
ولكن على الرغم من الضغوط، لم تفكّر الحكومة قط في إلغاء الزيارة.
ووفق المتحدث باسم المستشار ستيفن هيبستريت، تتطلّب الدبلوماسية في بعض الأحيان الاضطرار إلى إجراء مباحثات مع "شركاء صعبين"، مضيفا أنّ المناقشات قد تكون "معقّدة".
محاور أساسي
بدورها، أشارت صحيفة "دير شبيغل" إلى أنّ ألمانيا "ليست لديها مصلحة في حصول خلاف (مع أردوغان)، بينما أصبحت برلين وأنقرة مقرّبتين في الآونة الأخيرة"، بعد فترة من التوتر الشديد في أعقاب عمليات القمع التي مارستها تركيا بعد انقلاب لعام 2016.
ويأتي ذلك أيضاً من واقع أنّ الاقتصاد الأول في أوروبا يستقبل جالية تركية كبيرة تضمّ نحو 2,9 مليون شخص، بما في ذلك 1,5 مليون ناخب معظمهم يدعمون أردوغان.
كذلك تحتاج ألمانيا والاتحاد الأوروبي برمته إلى تجديد اتفاقية موقعة مع تركيا في العام 2016 تهدف إلى احتواء وصول المهاجرين، في حين تشهد أوروبا موجة جديدة من الوافدين من أفغانستان أو من سورية، الأمر الذي يرفع من شعبية اليمين المتطرّف في استطلاعات الرأي، خصوصاً في ألمانيا.
وبموجب هذا الاتفاق، تحتفظ تركيا بالمهاجرين، ومعظمهم من السوريين، في مقابل مساهمة مالية كبيرة.
وفي حين حافظ الرئيس التركي على خطه الاستبدادي، جعله نفوذه المتزايد على المستوى الجيوسياسي محاوِراً أساسياً بالنسبة إلى برلين.
وفي الحرب الروسية في أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022، لعب أردوغان دور مهندس الاتفاق الذي يضمن تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، قبل أن تعترض موسكو على طريقة تطبيقه.
واليوم، ترى الدول الغربية أنّه يمكن أن يلعب دوراً لتجنّب تصعيد النزاع في الشرق الأوسط، الأمر الذي يجعل الحوار "أكثر أهمية وأكثر إلحاحاً"، وفقاً لوزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك.
(فرانس برس)