شهر مايو في الضفة.. مخططات استيطانية استراتيجية وزيادة اعتداءات المستوطنين
استمع إلى الملخص
- دعت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى حماية دولية للفلسطينيين واستراتيجية وطنية لمواجهة العدوان، مؤكدة على أهمية المقاومة القانونية والدبلوماسية ضد خطط الاحتلال.
- سجلت 1691 اعتداءً إسرائيليًا في مايو، منها 415 نفذها المستوطنون، واستمرت الحملة ضد التجمعات البدوية، مما أدى إلى ترحيل 30 تجمعًا بدويًا منذ أكتوبر 2023.
لم يكن شهر مايو/ أيار الماضي، صعباً على الفلسطينيين في الضفة الغربية في ملف الاستيطان فقط، لارتفاع وتيرة اعتداءات المستوطنين، والزيادة الكمية في المشاريع الاستيطانية، بل كان من اللافت المشاريع والقرارات الاستراتيجية التي قرر الاحتلال المضي قدماً بها، كقرار إنشاء 22 مستوطنة جديدة موزعة على جغرافية الضفة الغربية، وقرار إعادة تفعيل تسوية الأراضي الإسرائيلية، أي نظام تسجيل ملكيات الأراضي، ووقف الاعتراف بنظام التسوية الفلسطيني.
واقع دفع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان للمطالبة خلال مؤتمر صحافي عقده رئيسها مؤيد شعبان صباح اليوم الثلاثاء، في مقر الهيئة في رام الله وسط الضفة الغربية، لعرض تقريرها الشهري، لتوفير حماية دولية، والدعوة إلى انخراط الكل الفلسطيني باستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة هذا العدوان بالوجود الشعبي الكثيف في المناطق المستهدفة.
وكان المجلس الوزاري المصغّر الإسرائيلي قرّر في 11 من الشهر الفائت، البدء بإجراءات "تسوية الأراضي" في المنطقة المصنفة (ج) وفق اتفاق أوسلو (تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية)، والتي تشكّل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، وهو النظام المختص بتسجيل ملكيات الأراضي، الذي اعتُبر تمهيداً فعلياً لضم الأراضي وتثبيت الاستيطان، عبر آلية قانونية تُقصي الفلسطينيين من ملكياتهم، إذ يعتبر القرار الخطوات التي تتخذها السلطة الفلسطينية في هذه المناطق، بما فيها الخرائط والمستندات والموافقات، غير شرعية وعديمة الأثر القانوني.
وقال شعبان خلال المؤتمر، "إن القرار يندرج في إطار مجموعة كبيرة من القرارات التي يجري العمل عليها في دولة الاحتلال تنفيذاً لموضوع الضم وفرض السيادة على الأراضي الفلسطينية، ويمكن ترجمته باعتباره جزءاً من الحملة المسعورة للانقضاض على الجغرافية الفلسطينية، من جهة بفرض الوقائع بما يفعله المستعمرون من إنشاء بؤر لمشاريع استيطانية، ومن جهة أخرى بتشريعات وقرارات يتم العمل على فرضها".
وأكد شعبان أن الاحتلال فرض خلال 50 عاماً سلسلة طويلة جداً من التغييرات المنهجية على الجغرافية الفلسطينية، وأن إعادة تفعيل ملف التسوية بعد 50 عاماً من قرار تجميده، يأتي في إطار التلاعب بالحقائق والوقائع الجغرافية الفلسطينية، مشدداً على أن الاحتلال. وأوضح أن الفلسطينيين يرفضون هذا القرار من مبدأين أساسيين، هما أن التسوية تعني الضم وفرض سيادة الاحتلال على الأرض، وكذلك أن هدف التسوية هو تجريد المواطن من الأرض، قائلاً: "سنقاوم مخططات الاحتلال كما قاومنا ورفضنا كل المخططات الاحتلالية في السابق، قانونياً، هناك جهد كبير من أجل إحاطة الخطوة الاحتلالية من كل الجوانب، ودبلوماسياً، هناك حراك كبير من أجل وضع العالم في صورة ما يحدث".
وكانت حكومة الاحتلال قد أعلنت في 29 من الشهر الفائت، عزمها بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، بما يشمل إقامة مستوطنات جديدة، أو تسوية الأوضاع القانونية لبؤر استيطانية وتحويلها إلى مستوطنات رسمية. وقال شعبان، إن "المخططات الاستيطانية لم تقتصر على هذا المشروع الاستيطاني الاستراتيجي والضخم، فقد درست الجهات التخطيطية في دولة الاحتلال خلال شهر مايو الماضي، ما مجموعه 26 مخططاً هيكلياً لصالح مستوطنات الضفة الغربية، ومستوطنات داخل حدود بلدية القدس، بهدف بناء 3000 وحدة استيطانية جديدة، على مساحة 1700 دونماً".
وأوضح أن الخرائط المرفقة مع المخططات الهيكلية تلك، تؤشر إلى نية دولة الاحتلال إحداث عملية توسعة كبيرة على مستعمرة "عيتس افرايم" المقامة على أراضي قرى مسحة في محافظة سلفيت وسنيريا في محافظة قلقيلية شمالي الضفة، من خلال المصادقة على مخطط هيكلي يهدف لإنشاء حي جديد. وفي محافظة سلفيت كذلك، أشار تحليل المخطط الهيكلي، بحسب شعبان، إلى مصادقة دولة الاحتلال على مخطط كبير في إطار المستعمرة الجديدة "أرائيل غرب"، والتي تمت المصادقة على إنشائها في العام 1992 وجرى طرح عطاء لها قبل عام، في حين يهدف المصادقة على المخطط الجديد إلى بناء 730 وحدة استيطانية جديدة، على مساحة 405 دونماً، في خطوة اعتبرها خطيرة في إطار استهداف أراضي محافظة سلفيت، لا سيما مدينة سلفيت.
ومن المخططات الكبيرة التي جرت عملية المصادقة عليها في مايو أيضاً، مخطط محافظة القدس، وتحديداً لصالح مستعمرة "كوخاف يعقوب"، إذ تشير الخرائط إلى قرار ببناء 627 وحدة استيطانية على مساحة 253 دونماً من أراضي كفر عقب شمالي القدس المحتلة. وقد بلغ عدد الاعتداءات المنفذة في مايو، بحسب تقرير هيئة الجدار، ما مجموعه 1691 اعتداءً على يد الجيش والمستوطنين، منها 415 اعتداءً نفذه المستوطنون، في زيادة فاقت 20% عن عدد اعتداءات المستوطنين في شهر إبريل/ نيسان الماضي.
كما استمرت الحملة الاستيطانية الاحتلالية الممنهجة ضد التجمعات الفلسطينية، خصوصاً البدوية في الأغوار ومسافر يطا جنوبي الضفة، وشرقي رام الله، ووسطها. وأشار شعبان إلى ما اعتبرها سابقة خطيرة على صعيد إرهاب دولة الاحتلال، وهي ملاحقة الطائرات المسيّرة للرعاة في منطقة المنية شرقي بيت لحم، وما ينضوي على ذلك من ترويع للآمنين، ورسالة إرهابية تواصل توجيهها للمدنيين العزل من أجل تفريغ الأراضي. وليس بعيداً عن ذلك كما قال شعبان، تواصل دولة الاحتلال إحكام سيطرتها تماماً على الأغوار الفلسطينية، بالإجراءات العسكرية وموضعة البؤر الاستعمارية الإرهابية لتصل نسبة الأراضي المسيطر عليها في الأغوار إلى حدود 90%.
وتواصلت خلال الشهر الفائت، اعتداءات المستوطنين تجاه التجمعات البدوية بهدف ترحيلها وتفريغ جغرافيتها لصالح الاستيطان الاستعماري، وأدى ذلك إلى ترحيل تجمع مغاير الدير شرقي رام الله، لتصل عدد التجمعات التي تم ترحيلها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى 30 تجمعاً بدوياً تتضمن 323 عائلة من أماكن سكنها إلى أماكن أخرى. وجدد شعبان المطالبة، وبشكل عاجل، بالحماية دولية التي تضمن ردع وحشية الاحتلال، ولجم إرهاب المستوطنين المرعي من مؤسسات دولة الاحتلال الرسمية، كما طالب مكونات ومركبات الشعب الفلسطيني، من فصائل واتحادات شعبية وطلابية وعائلية ونقابية، بصورة مؤسسية وشعبية، بضرورة الانضواء ضمن استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة العدوان، بالحضور الشعبي الكثيف في المناطق المستهدفة.