استمع إلى الملخص
- تعذيب عمرو الشامي: تعرض لتعذيب شديد أدى إلى تكسير أطرافه بعد اعتقاله، واستمر التعذيب حتى بعد جلسة المحكمة الأولى، مما يثير قلق والده من الممارسات الانتقامية.
- شهادات تعذيب أخرى: شاب آخر يُدعى "ع. م" يروي تجربته مع التعذيب بعد اعتقاله واتهامه بالاتصال بكتيبة جنين، وتم الإفراج عنه لاحقًا بكفالة بعد ثبوت براءته، مما يبرز ممارسات التعذيب في المنطقة.
حالة من الصدمة والذهول تسيطر على عائلة عصام أبو عميرة من مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، عقب تسريب صورة نجله محمد داخل زنزانة ضيقة، في أحد السجون التابعة للأجهزة الأمنية الفلسطينية، قبل أيام، وهو مصاب بجروح في أطرافه ويرتدي ملابس ممزقة، وقد بدت عليه معالم التعب الشديد.
وقال أبو عميرة لـ"العربي الجديد" اليوم الثلاثاء: "عندما اعتقلوه كان مصاباً، وبدلاً من نقله إلى المستشفى للعلاج حولوه إلى التحقيق ووضعوه في الزنازين الانفرادية؟"، متسائلاً "هل عرضوه على الطبيب وخضع للعلاج! لقد كنت أحاول علاجه خارج المخيم بعيداً عن أجهزة السلطة، لكنها اعتقلته وبدأت رحلة تعذيب بحقه". وأضاف الأب المكلوم، "هل يعقل أن يعاملك ابن شعبك كأنك عدو! هل هذا هو الواجب تجاه عائلة قدمت الشهداء والأسرى!".
وعصام أبو عميرة هو والد الشهيد أمير وشقيق الشهيد معمر، اللذين استشهدا في اليوم ذاته في 21 مايو/أيار 2024 في جنين. وتابع أبو عميرة، "لماذا سربوا هذه الصورة؟ يريدون إرسال رسالة أن هذا مصير من يقع بين أيدينا! يريدون تخويف بقية الشبان. لا أدري ماذا حل به بعد التقاط الصورة! هل واصلوا تعذيبه وضربه! هناك ألف سؤال يدور في أذهاننا ولا نجد له جواباً". وتلاحق السلطة الفلسطينية العائلة كون أخيه أحمد أبو عميرة هو الناطق باسم كتيبة جنين، وقد رفض أن يسلم المقاتلون أنفسهم ويلقوا السلاح، "لذلك فقد أحرقوا منزلنا المكون من 4 طوابق ومنعوا فرق الدفاع المدني من إطفاء الحريق"، يقول أبو عميرة.
كسر ساق معتقل
أما المعتقل عمرو الشامي، فقد تعرّض لتكسير أطرافه وتعذيب قاس، ما أثار مخاوف حقيقية على حياته عقب اعتقاله في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي من منزل والده القيادي في حركة فتح شامي الشامي في مدينة جنين. وتم إثبات واقعة التعذيب التي أفضت إلى تكسير الأطراف في مداولات المحكمة التي تنظر في قضيته عقب اعتقاله، حيث جاء في محضر جلسة المحاكمة الأولى في محكمة صلح نابلس بتاريخ (26-12-2024) أن المحكمة كشفت على المتهم وتبيّنت وجود إصابة في الساق وكدمات في كامل جسده وعدم قدرته على الحركة نتيجة التعذيب الذي تعرض له، في الساعات الأولى لاعتقاله.
وقال الشامي لـ"العربي الجديد" إنّ "التعذيب الذي تعرض له نجله يعكس حالة انتقامية غير مبررة تجاه شاب اعتقل من بيته بهدوء ودون أن يقاوم الأمن، وهو سليم معافى ليظهر مصاباً الكسور والخدوش في كل أنحاء جسده بعد أقل من 24 ساعة على اعتقاله"، مشيراً إلى أن هيئة المحكمة لاحظت التعذيب المرعب الذي تعرض له عمرو، فكشفت عليه ودونت في المحضر ملاحظاتها الظاهرة للعيان وأهمها عدم قدرته على رفع يديه وانتفاخهما والخدوش والرضوض المختلفة على أنحاء جسمه.
لكن ذلك لم يردع، وفق الأب، أمن السلطة الذين واصلوا تعذيبه، ويقول: "عندما عرض من جديد على المحكمة في 9/1/2025 تبين أن وتيرة التعذيب بحقه زادت، حيث تم كسر ساقه، وعند قيام المحامي بتدوين هذه الملاحظات في محضر جلسة التوقيف أوعزت المحكمة للنيابة العامة بفتح تحقيق حول التعذيب الذي يتعرض له ابني عمرو وفي الوقت نفسه مددته 15 يوماً أخرى". وتساءل الشامي ما هي غايات من وراء هذه الممارسات "التي تتم بحق عمرو وعشرات آخرين من شبان وأهالي مخيم جنين، وكيف يتصرف رجل أمن بعقلية الانتقام! وما هي النتائج التي ستفضي إليها حفلة الانتقام هذه سوى تدمير المكونات الاجتماعية ونشر الأحقاد بين الناس".
شهادات على التعذيب
أما الشاب "ع. م"، الذي رفض أن يفصح عن اسمه في حديث لـ"العربي الجديد"، فقال إنه تعرض للتعذيب الشديد خلال اعتقاله لمدة أسبوع في سجن الجنيد بنابلس على ذمة اللجنة الأمنية، بعد أن تم توقيفه وهو على دراجة نارية قرب مخيم جنين. وأضاف: "لا أسكن في مخيم جنين أصلاً، وكنت بطريقي مع صديق لي إلى قرية برقين المجاورة، لكنني توقفت قرب مقبرة الشهداء الواقعة في أطراف المخيم لإجراء مكالمة هاتفية، حيث وجدت نفسي محاصراً من مجموعة من عساكر السلطة الملثمين، وما كدت أسألهم عما يجري حتى انهالوا عليّ بالضرب المبرح بالهراوات وأعقاب البنادق بطريقة انتقامية بغرض التكسير وهم يكيلون الشتائم والكلمات النابية بحقنا".
في السجن، تركز التحقيق مع "ع. م" على دوره وعلاقته بـ كتيبة جنين، بعد اتهامه بأنه كان يتصل بهم حين اعتقاله لإبلاغهم بمكان وجود قوات الأمن الفلسطيني، مضيفاً "لم يكونوا يسمحوا لنا بالنوم إلا لسويعات قليلة وعلى الأرض من دون فراش، كانت معهم أوامر مباشرة بإهانتنا بأقصى درجة لكسر نفوسنا، فهذا كان هدفهم، هم يعرفون أننا سنخرج من السجن، ولكن كان هدفهم أن يزرعوا بنفوسنا مشاهد لا ننساها". وبعد ثبوت ألا علاقة له ولصديقه بالكتيبة، تم الإفراج عنهما بكفالة مالية، مع التعهد بعدم الحضور في محيط المخيم في الوقت الراهن.