شكوك في مدى جدية الاعتراض الروسي على الضربات الإسرائيلية في سورية

26 ديسمبر 2020
+ الخط -

اعترض كل من النظام السوري وروسيا على الضربات الإسرائيلية الأخيرة في مصياف السورية، حيث قدمت وزارة خارجية النظام رسالة احتجاج رسمية إلى الأمم المتحدة، فيما اعتبرت الناطقة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الهجمات الإسرائيلية "تقوّض الاستقرار في المنطقة".
 وذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام أن وزارة خارجية النظام السوري وجهت رسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ورئاسة مجلس الأمن، أمس الجمعة، قالت فيها إن الهجمات الإسرائيلية في سورية تأتي "بدعم وضوء أخضر أميركي، وإنها لن تمر دون عواقب".
ووصفت الرسالة الغارات الإسرائيلية بأنها "انتهاك فاضح لقرار مجلس الأمن رقم 350 لعام 1974 المتعلق باتفاقية فصل القوات بين الجانبين، وذلك عبر إطلاقها موجات متتالية من الصواريخ من فوق الأراضي اللبنانية التي استهدفت منطقة مصياف بريف محافظة حماة الغربي".
وأضافت الرسالة أن مواصلة "إسرائيل نهجها العدواني الخطير ما كان ليتم لولا الدعم اللامحدود والمستمر والضوء الأخضر الذي تعطيه لها بشكل خاص الإدارة الأميركية والحصانة من المساءلة التي توفرها لها مع دول أخرى في مجلس الأمن باتت معروفة للجميع".
من جهتها، قالت زاخاروفا خلال موجز صحافي عقدته، أمس الجمعة، إن "روسيا لم تُخفِ معارضتها للغارات الإسرائيلية على سورية، لكونها تسهم في تقويض استقرار المنطقة".
وأضافت: "نؤكد اهتمامنا بمواصلة المشاورات الدورية مع الشركاء الإسرائيليين بشأن مسائل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ونقدّر عالياً الحوار البنّاء والقائم على الثقة بيننا، ونتطلع إلى الاستمرار خلال اتخاذ القرارات في أخذ مباعث قلق إسرائيل بالمجال الأمني في عين الاعتبار".
وشنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية، فجر الجمعة، غارات جويّة على مواقع النظام السوري ومليشيات إيران، في منطقة مصياف بريف حماة الغربي.
ووفقاً لمصادر متطابقة، فإن الغارات أدت إلى تدمير مستودعات ضمن معامل الدفاع غربي مدينة مصياف بريف حماة، تتمركز فيها مليشيات إيرانية، وأدت إلى مقتل عدد من الأشخاص.

ويرى مراقبون أن الاعتراض الروسي العلني، وإن لم يكن الأول من نوعه، لا يظهر في كل الغارات الإسرائيلية المتكررة داخل الأراضي السورية، معتبرين أنه اعتراض شكلي إلى حد كبير، في ضوء المعلومات المتداولة حول وجود تفاهمات روسية – إسرائيلية في سورية منذ سنوات، وهي تفاهمات كانت شفوية حتى شهر إبريل/ نيسان العام الماضي حين وقّع الجانبان مذكرة تفاهم لتنسيق أنشطتهما في سورية.
وقبل إسقاط الطائرة الروسية أمام الساحل السوري في شهر سبتمبر/ أيلول 2018 بنيران الدفاع الجوية السورية خلال غارة إسرائيلية، ظلت روسيا تشتكي مما تسميه "الاستهتار الإسرائيلي" في التعامل معها في سورية، حيث تُبلَّغ بضربة واحدة من كل عدة ضربات، أو تُبلَّغ قبل دقيقة فقط من توجيه الضربة، وفق ما ذكرت وقتها بعض وسائل الإعلام الروسية. 
وشكل إسقاط الطائرة الروسية ومقتل 15 من العسكريين الروس كانوا على متنها، نقطة تحول في تعامل موسكو مع تل أبيب في سورية، حيث فرضت عليها المزيد من القيود لفترة من الوقت، قبل أن تعود لترخي قبضتها، وصولاً إلى توقيع تفاهم جديد العام الماضي، وبشكل مكتوب هذه المرة.
ويرى مراقبون أن روسيا لا تشعر بالقلق إزاء العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية و"حزب الله" في سورية، ولا ترغب حقاً في منع ذلك، وإلا كانت وقفت بجدية أكبر في وجه إسرائيل، خاصة أن لديها منظومة صواريخ مضادة للطيران متطورة في سورية من طرازي "اس 300" و"اس 400"، لكن هناك التقاء مصالح بين الجانبين، حيث لا يريد أي منهما رؤية نفوذ قوي من إيران أو "حزب الله" في سورية.

والملاحظ أنه بعد فترة الإحجام الإسرائيلية التي أعقبت إسقاط الطائرة الروسية، زادت في الأشهر الأخيرة، وتحديداً بعد توقيع مذكرة التفاهم، وتيرة الضربات الإسرائيلية في سورية، ما يشير إلى أنه بات لدى تل أبيب ضوء أخضر روسي لشن هجمات في سورية تستهدف خاصة الوجود الإيراني.
ووفق ما ذكرت صحف إسرائيلية سابقاً، فإن المذكرة تتضمن الاتفاق على نقاط محددة للعمل بها بغرض تعزيز التنسيق لمنع سوء التفاهم الذي قد يؤدي إلى الاحتكاك أو الاشتباكات بين قوات الجيشين اللذين يقومان بنشاط عملاني في منطقة عسكرية واحدة، وهي تتعلق بموعد الإنذار المسبق قبل شنّ الغارات وتحديد الخطوط والقنوات المخصصة للإبلاغ عن الضربات الإسرائيلية.