سيفيرودونيتسك، مدينة أوكرانية صغيرة لا يتعدى عدد سكانها الـ100 ألف نسمة، غرب مقاطعة لوغانسك شرق البلاد، ولكنها تشهد منذ أيام عدة معارك طاحنة بين القوات الروسية والأوكرانية، بعد أن تحولت السيطرة الكاملة على دونباس إلى الهدف الرئيسي للعملية العسكرية الروسية في مرحلتها الراهنة.
وتحتضن سيفيرودونيتسك، المطلة على نهر سيفيرسكي دونيتس، مصنع "آزوت" الذي يعد أكبر منشأة كيميائية أوكرانية، ويبقى آخر جيب للمقاومة الأوكرانية في المدينة، وسط تساؤلات حول مدى واقعية تكرار سيناريو محاصرة مصنع "آزوف ستال" في مدينة ماريوبول الساحلية التي توجهت إليها أنظار العالم أجمع في مايو/أيار الماضي.
ورغم أن الوضع في "آزوت" يبدو من الوهلة الأولى مشابها لـ"آزوف ستال"، إلا أن المصنع الكيميائي في سيفيرودونيتسك لا يتضمن نفس الدهاليز المتفرعة للملاجئ تحت سطح الأرض، كما هو حال المصنع في ماريوبول. ولما كانت مساحة المنطقة الصناعية لـ"آزوت" أكبر منها لدى "آزوف ستال"، فهذا يزيد أيضا من صعوبة الدفاع عنها على القوات الأوكرانية المحاصرة.
في المقابل، تواجه القوات الروسية صعوبة في استخدام سلاح المدفعية لاقتحام "آزوت"، نظرا لاحتوائه على صهاريج من المواد الكيميائية قد ينجم عن انفجارها إصابة المناطق المحيطة بتلوث كيميائي بالغ الخطورة ونشوب كارثة بيئية.
ومنذ بدء النزاع العسكري في دونباس في عام 2014، ظلت سيفيرودونيتسك هي المركز المحلي لأراضي مقاطعة لوغانسك الخاضعة لسيطرة كييف، مشكّلة إلى جانب ليسيتشانسك آخر مدينتين كبريين في المقاطعة لم تتمكن روسيا من إخلائهما من وحدات القوات الأوكرانية بشكل كامل حتى الآن.
وبدأت الأنباء عن وقوع اشتباكات في محيط سيفيرودونيتسك تتوارد منذ الأسابيع الأولى من الحرب، ولكن البيئة المحيطة المشكّلة من الغابات الكثيفة وطوق من البلدات الصغيرة حالت دون تحقيق القوات الروسية تقدما سريعا.
لكن منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي، بدأت قوات الجيش الروسي و"جمهورية لوغانسك الشعبية" المعلنة من طرف واحد، تحقق تقدما لافتا، مسيطرة على البلدات المحيطة بالمدينة، وذلك بعد انسحاب القوات الروسية من مناطق وسط أوكرانيا وتركيز العمليات في دونباس.
ومنذ منتصف مايو/أيار الماضي، بدأت تنتشر أنباء عن اعتماد القوات الروسية على عربات "تيرميناتور" الداعمة للدبابات المصممة لاقتحام المواقع المحصنة والقادرة على القتال في ظروف حرب الشوارع.
وفي بداية يونيو/حزيران الجاري، بدأت بعض القوات الأوكرانية بمغادرة سيفيرودونيتسك، بينما حوصرت وحدات أخرى بمصنع "آزوت"، بينما أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، قبل نحو أسبوع، عن السيطرة الكاملة على الأحياء السكنية في سيفيرودونيتسك.