سياسيون تونسيون يحذرون: محاولة حلّ الأحزاب خطأ فادح وتكرس الاستبداد

سياسيون تونسيون يحذرون: محاولة حلّ الأحزاب خطأ فادح وخطوة أخرى نحو الاستبداد

05 مايو 2022
تحذيرات من استهداف الأحزاب التونسية (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

تفاعل سياسيون وأحزاب تونسية، اليوم الخميس، مع التحذيرات التي جاءت على لسان رئيس "جبهة الخلاص الوطني" التونسية، أحمد نجيب الشابي، بعدما أكد أن "هناك محاولة لحل الأحزاب ووضع قيادييها في السجن (الأحزاب التي تتألف منها الجبهة المشكلة حديثاً)"، مؤكدين أن تلك الخطوة ستكون "خطأً فادحاً" يرتكبه الرئيس التونسي، قيس سعيّد.

وقال الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري"، عصام الشابي، إن "ما تم الكشف عنه من مخططات ونوايا لحل الأحزاب السياسية ووضع قياداتها أو البعض منهم داخل السجون أو رهن الإقامة الجبرية، خطوة أخرى في مسار الانقلاب الذي لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالتعددية".

ولفت الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قاعدة قيس سعيّد تضيق يوماً بعد يوم، ومن الواضح أنه يضيق ذرعاً بتحركات المعارضة التي بدأت تتسع"، معتبراً أن "خطابات سعيّد وصلت إلى النهاية السياسية ولم يجد أمامه سوى القمع ومحاولة المنع".

وتابع الشابي قائلاً: "ما تم الكشف عنه من معطيات خطير"، مشدداً على أنهم "كحزب سياسي معنيون بهذا التوجه، وعلينا التصدي له أياً كان الحزب المستهدف".

الشابي: تونس تسير نحو نفق مظلم

وفيما أكد أن "استهداف، ولو حزباً واحداً، هو استهداف لكل الأحزاب"، دعا الأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" السلطة إلى "طمأنة الرأي العام على حرياتهم وعلى أمنهم، وتحمّل مسؤوليتها في هذا المجال".

وقال كذلك إنهم لن يبقوا مكتوفي الأيدي تجاه ما يحصل، فـ"تونس تسير نحو نفق مظلم، والنظام يكشف في كل مرة عن وجهه الحقيقي، وبالتالي المسار الديمقراطي في تونس بصدد التعرض لضربات متتالية من قبل رئيس الجمهورية ومشروعه السياسي".

وأوضح أن دورهم هو الدفاع عن التعددية والحقوق والحريات التي جاءت نتيجة تضحيات وبفضل الثورة ولا يمكن شخصاً أن يمحو كل هذه المكتسبات"، مؤكداً أن "التصدي سيكون متعدد الجوانب وبكل السبل من تعبئة الشارع والمؤتمرات ومن طريق الإعلام ولن يتم قبول الاستبداد".

ولفت الشابي خلال مؤتمر صحافي إلى أن "سعيّد كان سيعلن حل الأحزاب ليلة العيد، ولكنه اكتفى بشيطنة الأحزاب والمعارضين"، مضيفاً أن "سعيّد ينفرد بالقرار لإقرار دستور جديد ووضع جمهورية جديدة واغتصاب السلطة التشريعية بالكامل، واختار أن يستشير مناصريه فقط".

وأضاف أن هناك "استعدادات حثيثة بعد المسيرة المبرمجة ليوم 8 مايو/ أيار من قبل أنصار الرئيس للتوجه إلى مقرات الأحزاب تمهيداً لحلها، وهناك مؤشرات تدل على هذه التحضيرات، من ذلك محاولة حرق مقر النهضة بساقية الزيت مساء أمس".

نظريات تجاوزها الزمن

من جهته، لم يستغرب القيادي في حزب "تحيا تونس"، مصطفى بن أحمد، إمكانية إقدام سعيّد على حل الأحزاب، في ظل ما يقع في تونس منذ الانقلاب، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "ما يحصل غير طبيعي، ونظريات قيس سعيّد التي يقع تقديمها كبديل تجاوزها الزمن".

وحذر من أن "مثل هذه الخطوات الشاذة ستقود إلى كوارث كبرى، وهو ما حصل في تجارب مماثلة حاولت تغيير المجتمع من جذوره، وقادت عدة شعوب إلى الفوضى".

وتابع بن أحمد قائلاً: "الوضع سيتطور، ولن يقف عند هذا الحد، وستكون هناك كلفة باهظة على البلاد، في ظل حالة الضياع التي نعيشها والتمشي (التوجه) المبهم والغامض لرئيس الجمهورية".

بدوره، أكد القيادي في حزب "التيار الديمقراطي"، امحمد بونني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "هذه الخطوة ستجعل المسار يتجه نحو نفق مسدود"، مضيفاً أن رئيس الجمهورية "يريد أن يكون اللاعب الوحيد في الساحة، وهذا ليس جديداً، بل كان منذ 25 يوليو/ تموز (بداية اتخاذ إجراءات الانفراد بالحكم)، لأن هدف جمع شخص واحد للسلطة، إما الإصلاح، وهذا ما لم يحصل طوال 9 أشهر، أو الاستبداد وهدم كل شيء، وهذا ما حدث مع المؤسسات ووضع تركيبة من صنع النظام".

أردف: "هذا الوضع لم يحصل حتى في نظام (الرئيس الراحل زين العابدين) بن علي، وما يحصل حالياً يسير في الاتجاه الواحد الذي يراه الرئيس، وللأسف البلاد تسير نحو الأسوأ".

وحذر بونني من أنه في حال حلّ الأحزاب "سيكون خطأً جسيماً من النظام، ولا يمكن الحديث عن دولة، بل حكم فردي، فبلاد دون أحزاب ومنظمات لن تكون فيها حياة سياسية".

أما عضو المكتب السياسي لحركة "النهضة"، بالقاسم حسن، فقال إن ما كُشف عنه "يؤكد القراءة الأولى لما حصل منذ 25 يوليو/ تموز بأن الانقلاب ليس تصحيح مسار، بل دوس للدستور والشرعية والديمقراطية".

وأكد حسن في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "كل شيء كان ينبئ بما يحصل، فقد كان النظام يخطط لكل شيء، وبالعودة إلى مجريات ما كان يحدث من عدم مصادقة على الحكومة والمحكمة الدستورية واختيار رؤساء الحكومات كان تمهيداً لخرق الدستور".

وبين أن "تصور سعيد للسلطة دكتاتوري، وهناك عداء أيديولوجي"، مضيفاً أن "عدة صفحات تابعة لتنسيقيات سعيّد وتساند النظام تعجّ بمطالب حلّ الأحزاب والدعوة لمحاكمات وتحريض وفتنة وتقسيم، واندلاع الحرائق المفتعلة في بعض الجهات تمهيداً لتحرك 8 مايو/ مايو الهادف لإشعال البلاد".

وضع تونس في طريق مسدود

إلى ذلك، اعتبر النائب المستقل، حاتم المليكي، أن "ما يبرر مخاوف جبهة الخلاص الوطني، الهجمات على شبكات التواصل الاجتماعي التي يقوم بها أنصار الرئيس".

وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الخطير أن بعض التدوينات تستعمل وتسوق كمطالب شعبية، وحصل ذلك في عديد المناسبات"، مضيفاً أنه "إذا أراد الرئيس إنهاء الحياة السياسية وحل الأحزاب دون أحكام قضائية، فهذا يعني وضع تونس في طريق مسدود ستكون عواقبه وخيمة جداً".

وأوضح المليكي أن "هذه المسألة لن تقبل داخلياً، لا من قبل الأحزاب، ولا المواطنين، لأن حل الأحزاب لا يكون إلا بالقضاء ووفق أحكام منصوص عليها، وفي صورة مخالفة أي حزب للإجراءات المعمول بها".

وبين أن "على جميع الأطراف التصرف بحكمة، لأن المسألة ليست شخصية وتتعلق باستقرار الدولة، وهذا يتطلب أن تتمسك كل الأطراف، ومهما كانت، بالعقلانية ولا تستعمل العنف والقوة ولا تسخر أجهزة الدولة خدمة للمصالح الشخصية".

وتضم "جبهة الخلاص الوطني"، التي تشكلت حديثاً، خمسة أحزاب، إلى جانب خمس مجموعات سياسية يمكن اعتبارها مجموعات ضغط.

ودعا إلى تأسيس هذه الجبهة المعارض السياسي المخضرم أحمد نجيب الشابي الذي يترأسها الآن، وتعتبر الآن الأكثر وزناً في تونس بحكم انضمام حركة "النهضة" إليها.

"النهضة" تحذّر من خطورة خطاب التقسيم والتحريض

إلى ذلك، حذرت حركة "النهضة" من "خطورة خطاب التقسيم والتحريض ودعوات العنف والفوضى وآثارها المدمرة على السلم الأهلي والوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد".

وقالت الحركة، في بيان لها مساء الخميس، إنها "تتابع ما يتم تداوله في بعض صفحات التواصل الاجتماعي من تدوينات وتصريحات عدائية تستهدف حركة النهضة بالكذب والافتراء والتشويه".

وندّدت بـ"المتسببين في موجة الحرائق التي انتشرت في عموم البلاد"، مطالبة السلطات بـ"تحمّل مسؤولياتها في فتح تحقيق جدّي وشفاف لكشف المتورطين في هذه الجرائم وحماية الممتلكات العامة والخاصة". وأكدت "عزمها على التتبع القضائي لكل من يتهمها زوراً وبهتاناً بهذه الجرائم".

من ناحية أخرى، كذّبت حركة "النهضة" اتهام الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، لها بـ"الوقوف وراء تسريب وثيقة مزوّرة تستهدف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (نور الدين الطبوبي)".

وقالت إنها "تجدّد تأكيد احترامها لشخصه وسُموّها عن هذه الممارسات التي تستهدف زرع الفتنة بين التونسيين، وتحتفظ بحقها في التتبع القضائي لكل من يفتري عليها"، في إشارة إلى ترويج خبر عن تلقي الطبوبي تمويلاً من جهة خارجية من طريق شيك مزور جرى تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي.