سياج أميركي حارق بين المكسيك وأميركا لصدّ المهاجرين

21 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 22 أغسطس 2025 - 06:00 (توقيت القدس)
مهاجرون غير نظاميين في سان دييغو ـ كاليفورنيا، 3 يناير 2024 (كيانغ وي جونغ/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعتزم الإدارة الأميركية إغلاق الحدود الجنوبية مع المكسيك لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر طلاء الجدار الحدودي باللون الأسود لزيادة صعوبة التسلق.
- نفت المكسيك أي تعاون مع الولايات المتحدة في محاربة عصابات المخدرات، مؤكدة أن التعاون الأمني الحالي يقتصر على مشاركة ضباط في ورشة عمل بولاية تكساس.
- أطلقت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية "مشروع بورتيرو" كمبادرة لمحاربة عصابات المخدرات، بينما أكدت المكسيك أن الاتفاق الأمني يعتمد على السيادة والثقة المتبادلة.

لم تتردّد الإدارة الأميركية مجدداً في تأكيد نيّتها إقفال الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك، مظهرة عدم تراجعها عن خططها المتصلة بالهجرة وترحيل المهاجرين ومنع تدفقهم إلى الداخل الأميركي، عبر الإعراب عن نيتها طلاء الجدار الحدودي باللون الأسود بهدف جعله شديد السخونة وصعب التسلّق. كذلك، أثارت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية (دي إي إيه) جدلاً مع المكسيك أيضاً، متعلقاً بتعاون ثنائي لمكافحة عصابات المخدرات، نفته الرئاسة المكسيكية. مساء الثلاثاء، أعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، كريستي نويم، أن الحكومة الأميركية تعتزم طلاء الجدار الممتد على طول الحدود الجنوبية مع المكسيك باللون الأسود، بهدف جعله شديد السخونة وصعب التسلق. وقالت نويم إن السياج، المكون من أعمدة معدنية متقاربة يبلغ ارتفاعها نحو متر وتمتد عميقاً في الأرض "صعب التسلق للغاية بالفعل بل يكاد يكون مستحيلاً"، كما أن تصميمه يجعل الحفر تحته أمراً شديد الصعوبة. وأضافت، خلال مؤتمر صحافي في ولاية نيو مكسيكو، أن قرار طلاء السياج بالكامل باللون الأسود جاء "بناء على طلب محدد" من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، موضحة أن الطلاء سيزيد من درجة حرارة السطح في الأجواء الحارة، ويجعل محاولة التسلق أصعب.

إحباط عمليات العبور غير القانونية

ويهدف هذا الإجراء إلى إحباط عمليات العبور غير القانونية. وقبل انتخابه رئيساً عام 2017، كان ترامب وعد ببناء جدار على طول الحدود الجنوبية التي تمتد لنحو 3145 كيلومتراً لمنع دخول المهاجرين غير النظاميين. وبدأ تشييد الجدار خلال ولايته الأولى (2017 ـ 2021)، وتعهد بإكماله في السنوات المقبلة. علمياً، اللون الأسود يمتص معظم الأطوال الموجية للضوء الشمسي بدل أن يعكسها، أي أنه يمتص الحرارة الناجمة عن الشمس، وعندما يُطلى الجدار بالأسود، سترتفع درجة حرارة سطحه بشكل كبير، خصوصاً في المناطق الصحراوية على الحدود الأميركية ـ المكسيكية حيث تتراوح الحرارة في العادة بين 40 و50 درجة مئوية، ومع الطلاء الأسود يمكن أن ترتفع إلى مستويات قد تتجاوز 80 درجة مئوية.

نفت رئيسة المكسيك أي تعاون مع الأميركيين لمحاربة العصابات
 

وبحسب قانون كيرشوف للإشعاع الحراري، فإن الانبعاث يساوي الامتصاص في حالة التوازن الحراري، مما يعني أن الجسم الأسود الذي يمتص معظم الإشعاع الشمسي سيصدر الطاقة الحرارية بطريقة مساوية. وعلى الرغم من أن فكرة طلاء الجدار الحدودي باللون الأسود تعود لعام 2017، فإنّ اعتمادها حالياً لا يعني أن سياسات ترامب لمنع تدفق المهاجرين قد فشلت، بل لأنه يسعى إلى سدّ كل منفذ محتمل من أجل منع أي تدفق مستقبلي. وذكر موقع أكسيوس الأميركي في السياق، في 30 يوليو/تموز الماضي، أن عدد المهاجرين غير النظاميين عبر معبر داريين غاب قد انخفض تقريباً إلى نسبة الصفر. والمعبر هو طريق هجرة غير نظامية، يبدأ من كولومبيا ويمرّ عبر بنما وكوستاريكا ونيكاراغوا وهندوراس وغواتيمالا والمكسيك فالولايات المتحدة. وفي عام 2023، عبره أكثر من 520 ألف مهاجر غير نظامي، ونحو 300 ألف في عام 2024، بينما سجّل عبور 13 شخصاً فقط في مايو/أيار الماضي، و10 أشخاص فقط في يونيو/حزيران الماضي، حسبما كشفت مساعدة وزيرة الأمن الأميركية، تريشا ماكلولين لـ"أكسيوس"، معتبرة أن "العالم يسمع رسالتنا بأن حدود أميركا مغلقة أمام منتهكي القانون".

مع ذلك، فإنّ نقاط العبور للمهاجرين غير النظاميين من المكسيك إلى الولايات المتحدة، هي مدينة تيخوانا المكسيكية، على الحدود مع ولاية كاليفورنيا الأميركية، وإل باسو وديل ريو المكسيكيتان، الواقعتان على الحدود مع ولاية تكساس الأميركية. وللعصابات المكسيكية في تلك المواقع وجود بارز، مع عملها على تهريب الأشخاص إلى الولايات المتحدة. ودائماً ما ربط ترامب بين عصابات المخدرات في المكسيك والمهاجرين غير النظاميين، معتبراً أنّ هذه العصابات تسيطر على معظم حركة الهجرة غير النظامية عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، حسبما ذكر في أمر تنفيذي وقعه في يناير/كانون الثاني الماضي، صنف فيه عصابات المخدرات المكسيكية منظمات إرهابية أجنبية، مشيراً إلى أنها "تسيطر فعلياً، من خلال حملات الاغتيال والإرهاب والاغتصاب والقوة الوحشية، على جميع المعابر غير القانونية عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة".

نفت المكسيك أن تكون توصلت إلى أي اتفاق مع أميركا بشأن مشروع ثنائي لتفكيك عصابات المخدرات

 

ترامب يضغط على المكسيك

ومنذ ذلك الحين، ضغط ترامب على المكسيك، حتى أن صحيفة نيويورك تايمز أوردت في 8 أغسطس/آب الحالي أن الرئيس الأميركي سمح لوزارة الدفاع سراً بإيفاد الجيش لمكافحة المجموعات الإجرامية الأميركية اللاتينية المرتبطة بالاتجار بالمخدرات، وهي ست عصابات مكسيكية وواحدة سلفادورية وأخرى فنزويلية، تعمل جميعها في المكسيك. وفي السياق، أعلنت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية (دي إي إيه) الاثنين الماضي، عن "مبادرة ثنائية جريئة" مع المكسيك لمحاربة عصابات المخدرات، أُطلق عليها اسم "مشروع بورتيرو". لكن الرئيسة المكسيكية، كلوديا شينباوم، نفت مساء الثلاثاء، أن تكون حكومتها توصلت إلى أي اتفاق مع واشنطن بشأن مشروع ثنائي لتفكيك عصابات المخدرات. وقالت شينباوم خلال مؤتمرها الصحافي اليومي: "أصدرت إدارة مكافحة المخدرات هذا البيان، ولا نعرف على أي أساس. لم نتوصل إلى أي اتفاق، ولا يوجد أي تفاهم بين مؤسساتنا الأمنية وإدارة مكافحة المخدرات".

وأضافت أن وزارة الخارجية المكسيكية ووزارة الخارجية الأميركية تعملان منذ أشهر على اتفاق أمني "على وشك التوقيع"، مؤكدة: "هذا الاتفاق قائم أساساً على السيادة والثقة المتبادلة واحترام الأراضي وعلى التنسيق دون تبعية". وأوضحت شينباوم أن النشاط الأمني الثنائي الوحيد الجاري حالياً يتمثل في مشاركة مجموعة من ضباط الشرطة المكسيكيين في ورشة عمل بولاية تكساس. وتابعت: "هذا كل ما في الأمر. لا شيء آخر... لا نعرف لماذا أصدرت إدارة مكافحة المخدرات هذا البيان". وختمت بالقول: "الشيء الوحيد الذي سنطلبه دائماً هو الاحترام. إذا كان هناك ما يُعلن يتعلق بالمكسيك في قضايا الأمن، فنحن نطالب بأن يكون ذلك ضمن إطار التعاون القائم بيننا". (العربي الجديد، أسوشييتد برس)

تقارير دولية
التحديثات الحية