سورية: مواقف كردية تطالب باللامركزية وتلمح إلى الانفصال
استمع إلى الملخص
- أكد سيبان حمو من قوات "قسد" على ضرورة إرساء الديمقراطية وحرية المرأة للاندماج في الدولة السورية، مشيرًا إلى أن "قسد" يمكن أن تكون نواة لجيش وطني، ودعا لإصلاحات دستورية تدعم النظام اللامركزي.
- دعا عبد الله أوجلان إلى بناء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية كجزء من السلام، مشددًا على أهمية السلام والديمقراطية للشعوب، وحث الشعب الكردي على تعزيز مسيرة السلام.
أعلن عضو مجلس الرئاسة في حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) صالح مسلم أن حزبه لن يقبل بالعودة إلى نظام مركزي بالكامل في سورية، وإنه إذا رفضت الحكومة السورية القبول باللامركزية، فسوف يطالب بالاستقلال. وأضاف مسلم، في مقابلة مع صحيفة "كردستاني نيو" أن "أفضل نظام لمنطقتنا هو اللامركزية، التي يمكن أن تتجسد بأشكال مختلفة: الحكم الذاتي، الإدارة الإقليمية، الفيدرالية، أو حتّى الكونفيدرالية"، وأكد أن حلّ قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أمر غير مقبول، "لأنها تمثل قوة الدفاع عن منطقتنا، ويجب أن تكون هناك قوات محلية خاصة بنا لحماية مناطقنا"، وفق تعبيره.
ورأى مسلم، وهو الرئيس السابق للحزب، لكنه ما زال يحتفظ بنفوذ قوي داخله، أن "تجربة الإدارة الذاتية هي نموذج للحل، ونحن مستعدون لتعميمها على باقي مناطق سورية"، واعتبر أن "النظام الحالي فقد شرعيته منذ عام 2011، والشعب لم يعد يقبل بالعودة إلى ما قبل ذلك التاريخ، وأن المطلوب هو نظام ديمقراطي يقوم على اللامركزيّة يضمن الحقوق لكل المكوّنات: الأكراد، والعرب، والسريان، والدروز وغيرهم"، وأضاف "نحن لم نحمل السلاح ضد الدولة السورية، بل دافعنا عن أنفسنا ضدّ داعش، والنصرة، والتنظيمات المتطرفة الأخرى"، وقال إن حزبه لا يمانع بوجود علاقات جيّدة مع تركيا، "لكن يجب أن تضغط أنقرة على دمشق من أجل حل القضية الكردية بدل محاربتنا".
حمو: الاندماج مشروط بالديمقراطية وحرية المرأة
من جانبه، قال عضو القيادة العامة لقوات "قسد" سيبان حمو إنّ الاندماج في الدولة السورية مرهون بإرساء الديمقراطية وحرية المرأة، معتبراً أنّ قسد قادرة على أن تكون نواةً لجيش وطني سوري جامع، وفي حديث مع وكالة "هاوار" الكردية، أكّد حمو، أن مسألة الاندماج العسكري والسياسي في سورية، لا يمكن فصلها عن طبيعة النظام القائم، مشدّداً على أن الجيش هو انعكاس مباشر للنظام السياسي، وبالتالي فإنّ أيّ اندماج حقيقي يستوجب أولاً "تأسيس قواعد ديمقراطية تمثل جميع المكونات وتضمن إرادتهم الحرة".
وأوضح حمو أن "قسد" تنطلق من رؤية مختلفة، إذ ترى أنّ "الاندماج الديمقراطي" هو السبيل الأمثل لحل الأزمة السورية، لأنه يقوم على التعددية واحترام التنوع القومي والديني، وأشار إلى أنّ هذا المفهوم يشمل الكرد والعرب والسريان والأرمن والعلويين والدروز والمسيحيين وبقية مكونات المجتمع السوري، معتبراً أن الحكومة الانتقالية "ما تزال تفتقر إلى هذه العقلية، وهو ما ظهر جلياً في إفشالها لاتفاق العاشر من مارس/ آذار الماضي الذي كان خطوة إيجابية نحو التفاهم، قبل أن يجري تقويضه عبر سياسات إقصائية وصياغة مسودات دستورية أحادية الجانب"، حسب تعبيره.
وحول آليات وشروط الاندماج، قال حمو إنّ دمج "قسد" لا يمكن أن يجري قبل إجراء "إصلاحات دستورية وتشريعية تؤسّس لنظام لا مركزي ديمقراطي يعترف بجميع المناطق والمكونات"، وأضاف أن قوات "قسد" التي "خاضت معارك كبرى ضد مرتزقة داعش وأسهمت في حماية مكتسبات شمال وشرق سورية، قادرة على أن تكون قاعدة أساسية لبناء جيش وطني جامع"، واعتبر أن الخطوة الأولى "يمكن أن تتمثل في تشكيل مجلس عسكري مشترك مع الجيش السوري، شرط أن يكون ذلك منبثقاً عن أهداف سياسية واضحة تخدم مشروع التحول الديمقراطي".
ورأى حمو أن "الديمقراطية وحرية المرأة تمثلان الركيزتَين الأساسيتَين لأي عملية اندماج ناجحة"، مؤكداً أن غيابهما عن فكر الحكومة الانتقالية "يعمّق الأزمة ويحول دون تحقيق المصالحة الوطنية المنشودة". وحول دور التدخلات الإقليمية والدولية، قال إنّ القوى الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة وتركيا، لعبت دوراً محورياً في مسار الأزمة السورية، إذ يمكن أن تسهم في الدفع نحو الحلول بقدر ما تستطيع أن تعمّق الانقسامات خدمةً لمصالحها. ورأى أن الاستقرار في سورية يشكل أساساً لأمن المنطقة برمتها، داعياً أنقرة إلى الكف عن النظر إلى الأكراد "بوصفهم تهديداً، بل شريكاً أساسياً في بناء سورية ديمقراطية".
أوجلان يوجّه رسالة سلام
وفي السياق الكردي أيضاً، وجّه عبد الله أوجلان مؤسّس وزعيم حزب العمال الكردستاني، رسالة بمناسبة الأول من سبتمبر/ أيلول، يوم السلام العالمي. وجرى قراءتها نيابةً عنه خلال مؤتمر في إسطنبول، وقال أوجلان المسجون في تركيا منذ عام 1999 إنّ "نداءَنا من أجل السلام وحل ديمقراطي ليس مجرد موقف سياسي عابر، إنه استراتيجية وخطوة تاريخية. بهذا النداء، جرى فتح أبواب عصر جديد لحياة ديمقراطية قائمة على السلام، سواءً في تركيا أو في عموم الشرق الأوسط، إذ ستتخذ مكانها نهاية للحروب والدمار".
ورأى أوجلان أن السلام الحقيقي لا يقتصر على وقف الصراعات، بل يتجسد في بناء الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في جميع مجالات الحياة، وقال إنّ "السلام والديمقراطية وقيم الحرية ضرورية لجهود شعوبنا، وستحتلّ مكانتها في الحياة الاجتماعية"، وحثّ الشعب الكردي على "التمسّك بهذه الرسالة التاريخية وتعزيز مسيرة السلام والحرية على نحوٍ أفضل".
وينظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده صالح مسلم، على أنّه امتداد سوري لحزب العمال الكردستاني الذي يقوده أوجلان، الذي دعا في فبراير/ شباط الماضي أنصاره إلى إلقاء السلاح، واعتماد التفاوض وسيلةً لبلوغ الحقوق، غير أن القيادات الكردية في سورية لم تلتزم بهذه الدعوة واعتبرت أنها تخصُّ أكراد تركيا، وليس سورية.