استمع إلى الملخص
- يسعى المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي لتوحيد الرؤية الكردية في سوريا، عبر تشكيل وفد موحد يحمل مطالب الأكراد إلى دمشق، تحت إشراف مظلوم عبدي وبرعاية أميركية.
- يواجه الاتفاق الكردي السوري اعتراضات من الشارع الكردي، الذي يطالب باعتراف دستوري بالشعب الكردي ولغته، واعتماد نظام لامركزي، وتغيير اسم الدولة ليعكس التنوع.
عُقدت، أمس الأربعاء، الجولة الأولى من اجتماعات بين ممثلين عن الحكومة السورية في دمشق وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، ومسؤولين أميركيين في الحسكة السورية، في محاولة للدفع نحو تسريع تطبيق الاتفاق الموقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وعبدي في 10 مارس/آذار الماضي. وذكر بيان لـ"قسد" أمس أن عبدي "اجتمع أمس مع اللجنة التي شكّلها الشرع لاستكمال الاتفاق بين الإدارة السورية وقوات سوريا الديمقراطية"، وأنه "جرى تداول للآراء خلال الاجتماع، وتمت مناقشة آلية عمل اللجان والتي من المقرر أن تبدأ العمل بشكل مشترك مع بداية شهر إبريل/ نيسان المقبل". ولفت البيان إلى أن "الاجتماع تطرق للإعلان الدستوري والحاجة لعدم إقصاء أي مكون سوري من لعب دوره والمشاركة في رسم مستقبل سورية وكتابة دستور"، و"توقف الاجتماع مطولاً على ضرورة وقف إطلاق النار على كامل الأراضي السورية". وبحسب البيان، شارك في الاجتماع عضو القيادة العامة لوحدات حماية المرأة روهلات عفرين، إلى جانب رئيس اللجنة من جانب الإدارة السورية حسين سلامة، إضافة إلى أعضاء آخرين من الجانبين.
محاولة لتوحيد رؤية الأكراد في سورية
في موازاة ذلك، يحاول أكبر تشكيلين سياسيين في المشهد السياسي الكردي في سورية وهما المجلس الوطني الكردي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، ردم هوة الخلاف بينهما للتوصل إلى رؤية سياسية واحدة تفضي إلى تشكيل وفد واحد يحمل مطالب الشارع الكردي إلى دمشق للتفاوض مع الإدارة الجديدة. وعقد الطرفان أمس الأول الثلاثاء اجتماعاً في الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية تحت إشراف مظلوم عبدي، وبرعاية أميركية تجسدت بحضور المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة شمال وشرق سورية سكوت بولز. وتشي التصريحات الرسمية التي أعقبت الاجتماع أن الطرفين بصدد ردم هوّة خلاف اتسعت خلال سنوات الأزمة السورية، من أجل توحيد الرؤى والتوصل إلى تفاهمات حقيقية تؤسس مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين تمثّلهم في الاستحقاقات المهمة في مرحلة ما بعد بشار الأسد المخلوع.
المجلس الوطني و"الاتحاد الديمقراطي" يعملان لردم الخلافات بينهما من أجل التوصل إلى تفاهمات حقيقية تؤسس مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين
ويبدو أن الاتفاق الذي أبرمه عبدي أخيراً مع الرئاسة السورية لدمج هذه القوات في المنظومة العسكرية للبلاد، وحسم مصير المناطق التي تقع تحت سيطرتها، دفع القوى السياسية الكردية إلى الجلوس على طاولة حوار يرقى إلى مستوى التفاوض من أجل تشكيل وفد واحد يمثل الأكراد السوريين. ويحمل اتفاق عبدي مع دمشق طابعاً عسكرياً أكثر من كونه اتفاقاً سياسياً، وهو يخص قوات "قسد" ذات الطابع الكردي، وتضم مكونات أخرى من عرب وأشوريين وسريان، لذا لا يُعتبر اتفاقاً سياسياً بين دمشق والقوى السياسية الكردية، على الرغم من أن "الاتحاد الديمقراطي" هو المسيطر على هذه القوات عن طريق ذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب الكردية). ومن المتوقع إعلان تشكيلة الوفد المشترك بين المجلس الوطني و"الاتحاد الديمقراطي" مطلع الأسبوع المقبل بعد الاحتفال بعيد النوروز، وهو عيد سنوي للأكراد في كل أنحاء العالم.
ولكن أحزاباً كردية استُبعدت من الحوار الجاري أبدت تحفظها على أي وفد يجري تشكيله ويكون مقتصراً على المجلس وحزب "الاتحاد"، ومنها الحزب اليساري الكردي في سورية، الذي أكد سكرتيره محمد موسى، في حديث مع "العربي الجديد"، أن حزبه ليس مسؤولاً "عما يتوصل إليه الطرفان من نتائج في اجتماعهما". ويبدو أن المجلس الوطني اعتبر أحزاب "الإدارة الذاتية" تتبع حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يرأس هذه الإدارة، وهو ما دفع موسى إلى وصف ما يجري بأنه "مؤامرة" و"لعبة سيئة" من طرف المجلس.
ولطالما حالت الخلافات الجوهرية بين المجلس الوطني الكردي، الذي يضم العديد من الأحزاب، وبين الاتحاد الديمقراطي، دون توحيد الصف السياسي الكردي في سورية، على الرغم من كل المحاولات التي بُذلت على هذا الصعيد. ويتلقى المجلس دعماً سياسياً من قيادة إقليم كردستان العراق، بينما يُنظر إلى "الاتحاد الديمقراطي" على أنه نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني التركي والمصنف في خانة التنظيمات الإرهابية لدى العديد من دول العالم. عملياً، يعد "الاتحاد الديمقراطي" الطرف الأقوى في المعادلة الكردية في سورية كونه يملك جناحاً عسكرياً يسيطر على الجانب الأغنى بالثروات في سورية وهو ما بات يُعرف اصطلاحاً بـ"شرقي الفرات". ولكن هذا الحزب يقع تحت وطأة التهديد خصوصاً من الجانب التركي والذي يتعامل مع المجلس على أنه الممثل الأكثر ثقة للأكراد السوريين.
اعتراضات على اتفاق الشرع وعبدي
ولم يرض الشارع الكردي الاتفاق الذي وقّعه الرئيس السوري أحمد الشرع مع مظلوم عبدي في مارس الحالي والذي اعترف بـ"المجتمع الكردي كجزء أصيل من الدولة السورية"، وأكد "ضمان حقوقه في المواطنة والحقوق الدستورية"، فهو لم يرق إلى مستوى تطلعات الأكراد في سورية. فالقوى السياسية الكردية على اختلاف مشاربها الفكرية، تكاد تجمع على مطالب بعينها تدفع من أجل تحقيقها خلال الفترة الانتقالية التي تمر بها سورية، فهي تريد اعترافاً دستورياً بالشعب الكردي ولغته، وترى أن الأكراد هم القومية الثانية في البلاد، لذا تطالب بـ"اللامركزية" في الحكم ما يتيح للأكراد حكم أنفسهم في مناطق يشكلون غالبية سكانها.
شلال كدو: الاتفاق لم يحصل بعد بين المجلس والاتحاد الديمقراطي على تشكيل وفد سياسي واحد يحمل مطالب الشارع الكردي إلى دمشق
وفي هذا الصدد، أوضح القيادي في المجلس الوطني الكردي شلال كدو، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الاتفاق "لم يحصل بعد بين المجلس والاتحاد الديمقراطي على تشكيل وفد سياسي واحد يحمل مطالب الشارع الكردي إلى دمشق"، مضيفاً: "لم نُوقّع أي اتفاقات بعد مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ولكن الرؤية الكردية لسورية المستقبل ربما ستقوم على أن تكون سورية دولة ديمقراطية لا مركزية برلمانية، تعددية". وعن أبرز مطالب الأكراد السوريين، أوضح أن الأكراد "باعتقادي سوف يطالبون بالاعتراف بهم كثاني قومية في البلاد في الدستور، مع ضمانات فوق دستورية لتحصين الحقوق الكردية واعتماد النظام اللامركزي في الحكم"، مضيفاً: "هناك ثوابت يجب التعاقد عليها كيلا يتم التلاعب بها مستقبلاً". كما أوضح أنه من المتوقع أن تطالب القوى السياسية الكردية بـ"تغيير اسم الدولة كي يكون معبّراً عن كل المكونات السورية، ويعبّر عن التنوع في البلاد، فضلاً عن الاعتراف باللغة الكردية ثانيَ لغةٍ في البلاد، ولغة أولى في المناطق التي يشكل الأكراد غالبية سكانها". وأشار كدو إلى أن الإعلان الدستوري الناظم للمرحلة الانتقالية والذي صدر الأسبوع الماضي "لا يعبّر عن الواقع السوري وتطلعات المواطنين"، مضيفاً: "معظم السوريين لم يرحبوا بهذا الإعلان، ولا شك أن الأكراد سوف يطالبون بإجراء تغييرات جوهرية على الإعلان. نريد أن نكون شركاء حقيقيين في البلاد فهي بلد للجميع ومن ثم ستكون لدينا لائحة مطالب ذات شقين: وطني، وكردي".