سورية: فصائل السويداء تبدأ حملة أمنية ضد العصابات المسلحة

سورية: فصائل السويداء تبدأ حملة أمنية ضد العصابات المسلحة

11 اغسطس 2022
جهود لدفع المطلوبين لتسليم أنفسهم طواعية (العربي الجديد)
+ الخط -

بدأت بعض الفصائل المحلية في محافظة السويداء، جنوبي سورية، حملة أمنية، صباح اليوم الخميس، ضد بعض المجموعات المسلّحة المتهمة بالوقوف خلف عمليات الاغتيال والخطف والسرقة في المحافظة، وذلك استكمالاً للعملية التي استهدفت، نهاية الشهر الماضي، مجموعة راجي فلحوط المدعومة من الأمن العسكري التابع للنظام السوري، والذي ما زال متوارياً عن الأنظار.

وقال بيان لحركة رجال الكرامة إن عناصرها، وبدعم ومؤازرة شباب الجبل، يعملون على تمشيط "بعض الأماكن، وتطويق أبنية في بلدة قنوات، للبحث عن فلول العصابات التي عاثت فساداً، وهي إحدى أذرع عصابة المدعو راجي فلحوط". وحث البيان الأهالي في البلدة على تقديم المساعدة للعناصر المقتحمة حول أماكن وجود أفراد تلك العصابة.

وذكر مصدر مطلع لـ"العربي الجديد" أن بعض الفصائل المحلية، وفي مقدمتها حركة رجال الكرامة وحركة رجال الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس و"لواء الجبل"، بدأت، منذ صباح اليوم الخميس، الانتشار في بلدة قنوات، شمال شرق مدينة السويداء، وتنفيذ مداهمات لمنازل مجموعة سليم حميد، المسمّاة "الفهد"، وبعض المزارع في محيط البلدة.

وأضاف أن عناصر الفصائل فرضوا، بالتعاون مع مسلحين محليين، طوقاً أمنياً على أطراف البلدة، بالتزامن مع الانتشار داخلها بحثاً عن سليم حميد، بعد انتهاء أكثر من مهلة جرى تقديمها له لتسليم نفسه وأسلحته، وتفكيك مجموعته من جانب الفصائل المحلية والمرجعيات الدينية.

وأشار إلى أنه جرى اقتحام منزل حميد، لكنه لم يكن بداخله، في حين جرى اعتقال أشخاص آخرين، أبرزهم سليم القنعباني، أحد أعضاء المجموعة البارزين، وذلك بعد محاصرة منزله، قبل أن يبادر إلى تسليم نفسه، فيما جرى تبادل لإطلاق النار مع بعض عناصر المجموعة.

وتُتهم مجموعة حميد بالتورط في عمليات الخطف والقتل والاتجار بالمخدرات، نظراً لصلاتها الوثيقة مع "مجموعة الفجر" التي كان يقودها الهارب راجي فلحوط.

ووفق المعلومات، فقد تمكن حميد من الهرب مع بعض أفراد مجموعته إلى خارج بلدة قنوات، ومن المعتقد أنه وصل إلى لبنان، بينما حصلت انشقاقات داخل مجموعته، حيث سلّم نحو 14 عنصراً أسلحتهم في الأيام القليلة الماضية، فيما طلب آخرون من وجهاء البلدة العفو عنهم، ما يشير إلى أن المجموعة بدأت بالتفكك.

وكان حميد ظهر قبل يومين على وسائل التواصل الاجتماعي مفاخراً بتبعيته للأمن العسكري التابع للنظام السوري، وبعلاقاته مع راجي فلحوط، مهدداً كلّ من يحاول التعرض له ولمجموعته.

وكانت فصائل محلية في محافظة السويداء، وعلى رأسها حركة رجال الكرامة، فككت في الـ27 من الشهر الماضي مجموعة "قوات الفجر"، إلا أن زعيم المجموعة راجي فلحوط التابع لـ"الأمن العسكري" تمكن من الهرب، وما زال متوارياً عن الأنظار.

وأكد مصدر في حركة رجال الكرامة، لـ"العربي الجديد"، أن مقاتلي الحركة سيواصلون ملاحقة العصابات المسلحة، بالتوازي مع جهود تُبذل بالتنسيق مع المرجعيات الروحية، لدفع المطلوبين لتسليم أنفسهم طواعية، حقناً للدماء. وأوضح أن الحركة أعدّت قوائم بأسماء المطلوبين بناءً على البيانات التي عثر عليها في مقرات عصابة فلحوط، وعلى اعترافات الأسرى من هذه المجموعة، فضلاً عن بيانات جُمعت من الأهالي وشهود عيان.

وأكد المصدر أن حركة رجال الكرامة و"كل الفصائل المحلية التي لا ترتبط بالنظام أو أجندات أخرى في محافظة السويداء، مصممة على إنهاء حالة الفلتان الأمني في المحافظة، التي ترعاها أجهزة النظام الأمنية، بغية إعادة الوجه المشرق لمحافظة السويداء، بعيداً عن مشاهد قطع الطرق وخطف المدنيين وإرهابهم".

ومع تصاعد دور فصيل حركة رجال الكرامة، الذي بات الفصيل الأول على مستوى المحافظة ويقول إنه أخذ على عاتقه ضبط ومحاسبة بقية الفصائل بقوام من المقاتلين يصل إلى 2000 شخص، يتواصل الجدل بين أبناء المحافظة حول حقيقة توجهات هذا الفصيل وارتباطاته، وطبيعة علاقته مع أجهزة النظام الأمنية.

ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، عمد النظام إلى تسليط الأجهزة الأمنية على المحافظة لبث الفرقة بين أبنائها ومنع توحدهم ضده، ومحاولة تجييشهم ضد محافظة درعا المجاورة، من خلال العمل على موضوع الخطف والعمليات الثأرية، وعمد إلى تشكيل مجموعات مسلحة في المحافظة، تطورت أدوارها لاحقاً لتتحول إلى عصابات تمتهن الخطف والسرقة والاغتيالات.

أبرز عصابات السويداء

وينتشر في المحافظة اليوم العديد من المجموعات المسلحة، غالبيتها صغيرة الحجم، وموزعة جغرافياً على امتداد المحافظة وريفها، ومن أهمها، إضافة إلى مجموعة سليم حميد، مجموعة في قرية الطيبة شمال شرقي المحافظة، يتزعمها فداء العنداري، وتُعدّ من أشهر العصابات المرتبطة بأجهزة بالمخابرات العسكرية التابعة للنظام السوري، وقد امتهنت عمليات السرقة والخطف.

كما يضم مركز مدينة السويداء العديد من العصابات المدعومة من أجهزة الأمن، مثل مجموعة مزهر، التي تُعدّ أخطرها، وترتبط بشكل وثيق بالأمن العسكري، ويُعدّ زعيمها معتز مزهر قريباً من روسيا والنظام معاً، وهو مدعوم اجتماعياً من قبل العائلات الكبرى في المدينة، وكذلك من مشيخة العقل المتمثلة بالشيخ يوسف جربوع المقرب من النظام.

ويدرك أهالي المحافظة وحركة رجال الكرامة أن محاولة تفكيك هذه المجموعة بالقوة قد يتسبب في صدامات أهلية، حيث يجرى التفاوض معها على الانكفاء من دون مواجهات. وتفيد معلومات "العربي الجديد" بأن عائلات المدينة طلبت من قادة هذه المجموعة السفر خارج البلاد حقناً للدماء.

كما تنتشر في جنوب المحافظة مجموعة بقيادة ناصر السعدي، الذي ينحدر من مدينة صلخد، يُعتقد أنها تتلقى الدعم من الأمن العسكري وحزب الله اللبناني، نظراً لأن نشاطها يمتد إلى تجارة المخدرات وتهريبها إلى الأردن، عبر ريف السويداء الجنوبي.

يضاف إلى ذلك "الدفاع الوطني" التابع للنظام والمدعوم من إيران، والذي يُعدّ أكبر الفصائل في السويداء، على الرغم من تراجع دوره، في الفترات الأخيرة، بعد قطع الرواتب عن عناصره، ويتحكم به رجل الأعمال رشيد سلوم، وأحد قياديي الدفاع الوطني في دمشق.

ويعتبر أهالي المحافظة هذه العودة لملاحقة عصابات الخطف والإجرام بمثابة إعادة بوصلة "تنظيف" المحافظة إلى اتجاهها الصحيح، بعدما كثر اللغط حول مشروع الفصائل المشاركة في الانتفاضة الشعبية، واتهام بعضها بإخماد الحراك الشعبي الذي بدأ قبل أسبوعين من الآن في مدينة شهبا، وبالمتاجرة بدوافع وأهداف هذا الحراك.