سورية: تظاهرات السويداء تحيي ثوار الشمال وانشقاقات عسكرية في الجنوب

06 ديسمبر 2024
تظاهرات جمعة تحرير سورية في السويداء، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت السويداء تظاهرات حاشدة تطالب بدعم دولي لإسقاط نظام الأسد، مع رفض عبادة الرموز وإتلاف صور الأسد، وانشقاق عدد من أفراد الجيش عن النظام.
- دعا الناشطون إلى تحييد السويداء عن مشاريع الإدارات الذاتية، مشددين على الوحدة الوطنية وحكومة إنقاذ، وطالبوا بانسحاب الأفرع الأمنية ومنح الأمان للمنشقين.
- انشقاق العسكريين يعكس بداية حركة انشقاقات، مع دعوات لتشديد الحصار على السلطات والعمل السلمي لتحقيق التحرير، والاحتفاء بعودة المهجرين وبناء دولة قانون.

في يوم يحمل عنوان "جمعة تحرير سورية"، احتشد في السويداء مئات المحتجين، اليوم الجمعة، مجددين زخم الاحتجاجات، فيما أعلن عدد من أفراد الجيش السوري انشقاقهم عن النظام، وسط ترحيب شعبي. ورفع المتظاهرون لافتات تحيي "ثوار الشمال السوري"، وتطالب المجتمع الدولي بدعم تحركاتهم للقضاء على نظام بشار الأسد الذي رفض كلّ الحلول السلمية والقرارات الدولية، مشيرين إلى قرب الخلاص من هذا النظام.

كما أعاد محتجون إتلاف صور الأسد التي كانوا قد أتلفوها خلال الأشهر الماضية، وأعادت بعض المؤسسات الحكومية ترميمها، في تأكيد على أن "حقبة عبادة الرموز انتهت"، كما يقول الناشط الإعلامي هاني عزام لـ"العربي الجديد"، بعد إتلاف صورة الأسد على واجهة مبنى مديرية الثقافة في السويداء.

من جهته، يشير الناشط المدني عدنان أبو عاصي لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "تظاهرتنا اليوم في السويداء هي احتفال بما يجري في سورية من تحرير لمناطق الشمال والوسط السوري من حكم الاستبداد، ومن حصار وضغط لإجباره على القبول بالحل السياسي". ويضيف أبو عاصي أنّ "الخطاب الوطني الجامع، وعودة المهجرين إلى بيوتهم، وحماية المدنيين، والوصول إلى الدولة الوطنية على أسس المواطنة الكاملة، هو الخطاب الذي تصدر الحراك والثورة الحالية، وهذا أمر مبشّر".

تظاهرات جمعة تحرير سورية في السويداء، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
تظاهرات "جمعة تحرير سورية" في السويداء، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)

ويندد الناشط بالأصوات التي تدعو للانفصال عن قوى الثورة السورية، مطالباً بتحييد السويداء عن أي مشاريع تدعو للإدارات الذاتية، مشدداً على أن كل أهالي السويداء يرفضون بشكل قاطع ما يتداوله البعض عن فصل مصير المحافظة وحراكها الشعبي المستمر منذ حوالي العام وأربعة أشهر، عن مصير قوى التحرر في سورية.

ويضيف: "ما نراه وننتظره من شركائنا في الوطن، التعالي على الجراح، والعمل على لمّ شمل السوريين بحكومة إنقاذ وطنية، فلا حلّ للمسألة السورية إلا بالحلّ الوطني المستدام، والذي يبدأ بالتخلّص من السلطة القائمة، وتقديم المجرمين بحق الشعب إلى العدالة، والانتقال السياسي وفق القرار 2254، وصولاً إلى بناء الدولة الوطنية، دولة القانون والعدالة، دولة المواطنة".

تظاهرات جمعة تحرير سورية في السويداء، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
تظاهرات "جمعة تحرير سورية" في السويداء، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)

أما الناشطة الحقوقية سلام عباس، فتقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الجمعة تبعث على التفاؤل، حيث ازدادت أعداد المطالبين بالحرية بعد أشهر قليلة من الانحسار، وهذا يؤكد أن المواطنين وصلوا إلى حدّ لا يطاق من الاحتقان ضد السلطة الحاكمة، وبدأوا يكسرون حواجز الخوف مجدداً". وتشير عباس إلى أنّ "الدعوات إلى يوم الجمعة المقبل بدأت من اليوم، وأنه من الممكن أن يتم تنفيذ اعتصامات وقطع للطرقات خلال الأيام المقبلة، وفق مصادر من قرى وبلدات المحافظة".

كما أصدرت القوى السياسية والحراك السلمي مع عدد من الفصائل في السويداء، بياناً أعطت فيه مهلة مفتوحة لعناصر الأفرع الأمنية للانسحاب من السويداء بشكل سلمي، مع منح الأمان لكل من ينشق ويبقى داخل المحافظة أو من يرحل منها. ويقول أحد قادة الفصائل المحلية المسلحة لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه الأفرع الأمنية لم تكن في يوم من الأيام مبعث أمن وأمان للمواطنين، بل على العكس تماماً، كانت منبعاً للفتنة وداعماً لكل من سولت نفسه العبث بأمن المحافظة".

ويضيف: "آن الأوان كي يرحلوا عن المحافظة، ونحن مستعدون لاستقبال أي عنصر يقرر العودة إلى الشعب بالانشقاق عن هذه المنظومة القمعية الفاسدة، ومضافاتنا وقلوبنا مفتوحة لأي أحد يعود إلى جادة الصواب منهم، بالنهاية هم سوريون وهم أبناؤنا". كما دعا البعثيين في المحافظة لإغلاق مقارهم بشكل نهائي، "فلم يعد هنالك لحزب البعث مكان في السويداء، لأنه فقد أهليته وشعبيته منذ أن تواطأ على المدنيين في سورية مع السلطة الحاكمة، وهو غير مرحب به في السويداء بعد اليوم"، بحسب المصدر، مشدداً على استمرار حراك السويداء بسلميته حتى رحيل نظام الأسد.

تظاهرات جمعة تحرير سورية في السويداء، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)
تظاهرات "جمعة تحرير سورية" في السويداء، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)

ويرى الناشط المدني ربيع الدبس، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "نستطيع أن نقول إن السويداء خلال السنتين الأخيرتين أحدثت فرقاً، وجددت الأمل بالتغيير، وغيّرت كل ملامح المنطقة، وقد نجح الحراك فيها بمدنيته، وبخطاباته المتقدمة، واحترامه للتنوع". ويتابع: "لكن ما تبقى بصراحة هو وجوب العمل على إنهاء رموز النظام من المحافظة، والبدء بتسيير أمورها بالتعاون مع المجتمع المدني. نستطيع هنا التركيز على ثلاث نقاط؛ أولها الخلاص من الاستبداد بكافة أشكاله وهذا ما يحدث اليوم، والتركيز على وحدة التراب السوري، والسعي نحو دولة علمانية ديمقراطية".

وبالتوازي مع التظاهرة المركزية اليوم، شهدت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء إعلان انشقاق اثني عشر عسكرياً من إحدى قطع جيش النظام، في بداية لحركة انشقاقات مرتقبة من عناصر الجيش والأفرع الأمنية التابعة للنظام في المحافظة. وقد أخذت الفصائل المحلية على عاتقها حمايتهم وتأمينهم إلى محافظاتهم.

إلى ذلك حث الناشط المدني عماد العشعوش المحتجين على تشديد الحصار على السلطات الأمنية في المحافظة، ودفعها للانسحاب الكيفي قبل أن تخرج السيطرة من أيدي المحتجين السلميين، وطالب المحافظ والفروع الأمنية بالجلاء عن محافظة السويداء، مؤكداً أن "أياماً قليلة تفصل الحراك الشعبي عن الانقسام بين مشجع للعمل السلمي وآخر للعمل الأمني، في سبيل تحرير المحافظة من السلطات الأمنية".

وأضاف العشعوش: "على الرغم من أننا أقل المحافظات تعرضاً للقمع والاستبداد والدمار والتهجير، ولكننا نشعر بالنصر والفرح مع كل عائد إلى منزله وأرضه في حلب وحماه ومدن سورية، ولا ينتابنا أي شك بقدرة أحرار الشمال السوري على السعي إلى بناء وحدة وطنية، ودولة القانون التي يحلم بها الشعب السوري منذ عشرات السنين".

المساهمون